سيَّرت جماعة الإخوان عشرات المسيرات أول من أمس الجمعة، وحرضت الطلاب المنتمين لها بإثارة أعمال الشغب داخل المدن الجامعية وتحديدًا فى جامعة الأزهر. وأسفرت مسيرات الجماعة ومظاهراتها عن ثلاث ضحايا وعشرات المصابين. المسيرات والتظاهرات كعادتها لم تكن سلمية، الجديد فى الأمر هو زيادة جرعة العنف والدم، التخريب والتدمير. بدأت مسيرات الجماعة التى خرجت من أحياء مختلفة فى القاهرة والإسكندرية وعدد من المحافظات فى توقيت متقارب، ويبدو أن تعليمات القيادة لهم كانت إحداث أكبر قدر ممكن من التخريب والتدمير وترويع المصريين، فالتظاهرات الأخيرة قبل ذلك كانت محدودة وغير مؤثرة، الأمر الذى جعل البعض يقدر أن الجماعة فى النزاع الأخير، ومن ثم كانت التعليمات بأن أحدثوا أكبر قدر من الدمار والخراب فى المنشآت العامة والخاصة، احرقوا منشآت وخربوا أخرى، أوقعوا الرعب فى نفوس المصريين العاديين حتى تصل إليهم رسالة واضحة بأن الجماعة موجودة وبقوة ولا يمكن تجاوزها. خرجت مسيرات حمل بعض المشاركين فيها أسلحة خرطوش، وخرجت أخرى بتكليفات محددة مؤداها حرق المنشآت وتخريبها، ومن هنا كانت عمليات قطع الطرق، وإحراق عربة من عربات مترو مصر الجديدة، وحرق الأشجار وتحطيم اللوحات الإعلانية فى منطقة مصر الجديدة، وأسهم طلاب الجماعة فى عمليات التخريب عبر تدمير منشآت فى المدينة الجامعة مع خرق الأشجار داخل المدينة. أيضا قام متظاهرو الجماعة بتحطيم عدد كبير من سيارات المواطنين المصريين، واعتدوا على سيدة مصرية وأوقعوا الرعب فى قلبها وهى تقود سيارتها. حدث ويحدث كل ذلك وأعضاء الحكومة يتساجلون على طريقة أهل بيزنطة حول مكونات وبنود قانون تنظيم المظاهرات الجديد، من بين أعضاء الحكومة مَن فضل مواصلة جدل البيزنطى، ومنهم من رأى الحل فى الرضوخ لمخطط الجماعة ومن ثم طالب بفتح حوار معها، وهناك من دعا إلى ترك الأمور تسير كما هى وسوف تحل نفسها بنفسها. والحقيقة أن القضية لا تتعلق بقانون لتنظيم المظاهرات من عدمه، بل تتعلق بوجود رجال فى مواقع المسؤولية، رجال يؤمنون بالوطن ويتحلون بالشجاعة الكافية التى تمكنهم من العمل بعيدًا عن جدل البيزنطى السخيف الذى تواصل إلى أن تمكن الأعداء من دخول المدينة والسيطرة عليها وإخضاعها، بينما كان أهلها مستغرقين فى الجدل والسجال. أخشى أن يكون أعضاء حكومتنا أشباه رجال بيزنطة، يفضلون الجدل والسفسطة بينما الأعداء على وشك اجتياح الوطن. فى تقديرى أن القانون المدنى المصرى به من المواد ما يكفى لمواجهة عمليات التخريب والتدمير التى تقوم بها الجماعة، فالجماعة تعيث فسادًا فى أرض مصر وتخطط لحرق المنشآت العامة وتدمير ممتلكات الدولة التى هى ممتلكات الشعب، فهناك مواد تنص على عقوبة قطع الطرق العامة وتعطيل المواصلات تصل إلى الحبس ستة أشهر، أما عقوبات الاعتداء على المنشآت العامة والخاصة وترويع المواطنين فتتجاوز ذلك بكثير، وبعضها تصل إلى عقوبة الحبس لسنوات طوال. السؤال هنا لماذا لم تطبق الحكومة هذه القوانين وتتصدى بحسم وحزم للخروج عن القانون وتواجه العلميات التخريبية التى تقوم بها عناصر الجماعة؟ لماذا تترك الحكومة الشعب المصرى يتعرض لعنف الجماعة كل يوم جمعة وفى المناسبات التى يحددونها؟ لماذا لا تتصدى الحكومة وبالقانون إلى إرهاب الجماعة وتخريبها للمنشآت العامة والخاصة وتلويث الذوق العام عبر كتابة شعارات مناهضة للجيش والشرطة وللقيادة المصرية الحالية؟ هل توجد دولة واحدة فى العالم تقبل بوقوع جرائم مماثلة لجرائم الجماعة على أراضيها؟ المؤكد وبالقطع لا، ولا نجد سببًا لكل ما يجرى ولتكرار جرائم الجماعة سوى غلبة منطق أهل بيزنطة على فكر وأداء عدد من أعضاء الحكومة، ربما يكون هناك اختراق من الجماعة وربما تكون هناك أسباب لا نعرفها، لكن ما نعرفه هو أن من بين أبرز وظائف الحكومة توفير الأمن والأمان للمواطنين، وتوفير الحماية لهم وتأمينهم، وتنفيذ القانون بحسم وحزم ووضع الأمر برمته فى يد السلطة القضائية التى تتولى تطبيق القانون على المخالفين. وفى تقديرى أن الوضع لا يمكن أن يستمر طويلًا بعد أن احتار المصريون فى فهم موقف الحكومة ولماذا لا تقوم بمهامها وتطبق القانون بحسم وحزم فتتوقف عمليات التخريب والتدمير التى تقوم بها الجماعة، فإذا كانت المشكلة فى بعض أعضاء الحكومة فلا بد من تغييرهم سريعًا وإذا كانت المشكلة فى الحكومة كلها فلتستبدل على الفور، المصريون فى حاجة ماسة إلى الشعور بالأمن والأمان بعد ثلاث سنوات من الاضطراب وفوضى والانفلات الأمنى، لا بد من التحرك السريع، بل والعاجل قبل بدء استحقاقات مهمة بدءًا من الاستفتاء على الدستور ووصولًا إلى الانتخابات الرئاسية. تحركوا بسرعة فالتاريخ لن يسامح من يكرر تجربة «أهل بيزنطة».