الكاتب عصام يوسف استطاع من خلال روايته الأولى «ربع جرام» لفت الأنظار إليه، وجذب عددًا كبيرًا من الشباب لقراءة نوعية مختلفة من الكتابة، اعترض عليها بعض النقاد، إلا أنها حققت جماهيرية كبيرة، حتى صدر منها 31 طبعة، ليظهر مرة أخرى بروايته الجديدة «2 ضباط». يوسف الذى اختار الكتابة عن الواقع للمرة الثانية، معتبرًا أن هناك فى هذا الواقع ما يستحق الكتابة أكثر من الخيال، يتحدث فى الحوار عن تفاصيل روايته الثانية الصادرة حديثًا عن دار المصرية اللبنانية، ومشروع تحويلها إلى فيلم سينمائى. ■ لماذا اخترت الكتابة عن الواقع فى الروايتين اللتين صدرتا لك؟ - هناك مدارس مختلفة فى الكتابة، وأنا أنتمى إلى المدرسة الواقعية، ولا أفهم سبب الكتابة عن خيال، فى حين أن أمامى فى الواقع ما يستحق الكتابة، كما أنى أختار للكتابة ما أراه مهمًا، ومفيدًا بالنسبة إلى القراء، الذين يقبلون على رواياتى بشكل كبير، وهذا ما دفعنى إلى اختيار الواقع للكتابة عنه فى الرواية التى بدأت الكتابة فيها مؤخرًا. ■ «الواقع لا يحتاج إلى أديب يكتبه» بعض الكتّاب يرددون دائمًا هذه المقولة.. ما مدى صحة هذه المقولة من وجهة نظرك؟ - هذه وجهة نظر، لكن هناك واقعًا لا يعلم القراء عنه شيئًا، وهذا ما حدث فى رواية «ربع جرام»، فليس الواقع كله متاحًا للجميع، كما أن الكتابة عن الواقع تعطى مصداقية للنص الأدبى، وهذا ما يجذب القراء بشكل أكبر، ورغم ذلك كله، فإنى أكتب حاليًا سيناريو مسلسل غير واقعى، لكن تأثير الكتابة الواقعية علىّ، جعلت السيناريو شبه واقعى، فالسيناريو يتناول أحداثًا عن المخابرات، ورغم أنها من صنع خيالى، فوجئت بالمخابرات تؤكد لى أن التفاصيل المذكورة فى السيناريو وقعت بالفعل. كما أن كاتب الخيال يسعى فى المقام الأول إلى جعل نصه الأدبى أقرب إلى الواقع ليصدقه القارئ، فلماذا إذن لا يكتب عن الواقع بدلا من هذه المحاولات، إلا إذا كنت تقصد الفانتازيا، وأنا لم أقرأ لها أبدًا، أو أشاهد أفلامًا بهذا الشكل. ■ وما الذى دفعك لاختيار قصة وليد وشريف، حسبما أطلقت عليه فى الرواية، بالذات للكتابة عنه؟ - أنا لا أختار قصةً معينةً، بل أختار موضوعًا، ففى روايتى الجديدة «2 ضباط»، اخترت أولًا الموضوع، وهو تناول الشرطة فى الرواية، وبحثت حتى وجدت أن ما سيكون شيقًا للجمهور هو قصة وليد وشريف، وقد اخترت هذه القصة من بين عشر قصص تتعلق بالشرطة. ■ استخدمت لغة سهلة دمجت فيها بين العامية والفصحى، فهل كان ذلك متعمدًا لهدف ما؟ - هذا أسلوبى، طريقتى التى تميزنى عن غيرى من الكتّاب. أنا مهتم بكرة القدم، وسأضرب لك مثلًا بها، فريق الإسماعيلى كلما ظهر فيه جيل جديد من اللاعبين تجده يلعب بالطريقة ذاتها رغم أن المدرب مختلف، لأنها مدرسة لها أسلوبها. وأنا لا أختار لغةً معينةً فى هذه الرواية، وأخرى فى الرواية التى تليها، فأسلوبى أحافظ عليه كما هو فى جميع أعمالى، ولا بد أن أحافظ عليه لأنه جزء لا يتجزأ منى، خصوصًا أن القراء أحبوا كتاباتى بهذا الأسلوب، رغم اعتراض النقاد، إلا أن هذا الزمن مختلف، والقراء لن يتحمّلوا قراءة الجملة مرتين، ولدىّ قدرة على الكتابة الأدبية، فيمكن أن أكتب «فدخل عليه وجده جالسًا على الأريكة، مثل شجرة البرتقال التى فقدت ثمارها، ونظر إليه نظرة ثاقبة»، لكن لن أجد قارئًا يُقبل على هذه الكلمات، لأننا فى زمن السرعة، زمن القارئ المتعجل. ■ وهل سينتظر الجمهور طويلًا حتى يشاهد «ربع جرام» على الشاشة؟ - حدثت بعض الظروف التى اضطرتنا إلى تأجيل العمل بالفيلم أكثر من مرة، إلا أن السيناريو الخاص بالفيلم انتهيتُ من كتابته منذ فترة، ومن المفترض توقيع العقود مع المخرج والممثلين خلال الفترة المقبلة، وبعد ذلك نعلن عن التفاصيل الكاملة للفيلم. ■ أحداث الرواية تجرى فى عام 2003، فكم من الوقت قضيته فى كتابتها؟ - قضيتُ عامًا واحدًا فقط فى كتابة الرواية، لكن الأحداث الواقعية لم تقع عام 2003 فى واقع الأمر، وقد غيّرت الزمن كما غيّرت أسماء الأبطال، حتى لا يتعرف أحد على الأبطال الواقعيين للرواية، إضافة إلى ضرورة مرور 15 عامًا، قبل كتابة الرواية، حتى لا يلاحق أحد وليد قضائيًّا. ■ الرواية تتناول قصة حياة ضابطين، فهل قيام ثورة يناير أثر فى كتابتك للرواية؟ - الرواية ليس لها علاقة بما جرى من أحداث سواء فى ثورة 25 يناير أو 30 يونيو، فالقصة تتناول اختلاف بين ضابطين، هذا اختصار الرواية، كما أنها واقعية، فلا يمكن أن أغيّر من هذا الواقع شيئًا. ■ القصص الواقعية التى تكتب عنها.. هل هى مجرد خبرات شخصية أم تبحث فى مصادر معينة عن هذه القصص؟ - أعتمد على خبراتى الشخصية، وعلاقاتى بأصدقائى ومعارفى، إضافة إلى البحث الذى أقوم به لمعرفة تفاصيل كاملة للوقائع التى أود الكتابة عنها. ■ تناولت تفاصيل دقيقة لمعسكر الضباط ومحطة السكة الحديد.. فهل اعتمدت على معلوماتك للكتابة عنهما، أم احتاج الأمر إلى البحث؟ - قمتُ بزيارة معسكر الضباط أكثر من مرة، حتى أنقل تفاصيله كما هى للقارئ، أما محطة القطار فقد زرتها أكثر من عشرين مرة، لدرجة أن ضباط المحطة والعمال بعد تكرار الزيارة كانوا يرحبون بى، كما استعنت بصديق لى قام برفع مقاسات محطة القطار، كى يتمكن من رسم خريطة للمحطة، التى أرفقتها بأحد فصول الرواية. ■ رغم أن الصراع بين الخير والشر داخل الرواية انتهى لصالح الخير كما هو معتاد، فإنك تركت النهاية مفتوحة، لماذا هذه النهاية بالذات؟ - اخترت نهايةً مفتوحةً، حتى أترك للقارئ مساحة لتخيل ما قد يقع فى نهاية هذه القصة، هل ينتقم شريف من وليد، أم يستطيع وليد حماية نفسه من شريف، فأنا أحب أن يفكر القارئ، وكل قارئ سيفكر فى النهاية من منظوره هو، ومن خلال أفكاره وتوجهاته. ■ من أين أتتك فكرة تخصيص جنيه من ثمن نسخة «2 ضباط» لإنشاء جمعية خيرية لرعاية أسر شهداء جنود الشرطة؟ - الفكرة أثارت غضب الكثيرين بشكل غريب لم أتوقعه، وقد جاءتنى الفكرة عندما رأيت الجندى الذى يقف أمام وزارته محاولًا حماية منشآت الدولة، ويموت وهو يحاول حمايتها، ولا تحصل أسرته على أى حقوق مادية، على الرغم من أهمية الدور الذى يقوم به، فى الوقت الذى يهتم فيه الجميع بشهداء الثورة، والضباط الشهداء فقط، وكأن الجنود ليسوا مصريين ولا يمارسون دورًا هامًا فى المجتمع. إلا أننى فوجئت بالكثيرين يقولون إن هذا تبرع لوزارة الداخلية، رغم أن الوزارة ليست طرفًا فى هذا الموضوع، كما أن هناك حالة تعميم خاطئة، فالبعض يروج فكرة أن الضباط جميعهم فاسدون، وهذا غير صحيح، البعض مثل وليد فى الرواية، والبعض الآخر ينتمى إلى فئة شريف. ■ روايتك الأولى بلغ عدد طبعاتها 31 طبعة، والثانية وزعت بشكل كبير فى مدة وجيزة.. كيف ترى العلاقة بين نسبة التوزيع ومقياس نجاح الكاتب؟ - كلما زادت نسبة توزيع أعمال الكاتب، ازداد نجاحه، وأنا نجاحى لم يأتِ فى عدد الطبعات، بل فى تزوير الرواية، فالرواية زوّرت بعد صدورها بأسبوع واحد، من خلال ثلاث دور نشر، كما أن عدد الطبعات التى وزعتها هذه الدور أكبر من التى قامت ببيعها دار المصرية اللبنانية، إلى الحد الذى جعل هذه الطبعة تصل إلى أسوان فى سابقة هى الأولى من نوعها أن تصل نسخة مزورة من رواية إلى هذه المحافظة البعيدة، ومن المفترض خلال الفترة المقبلة، أن تتخذ دار النشر إجراءات قانونية ضد الدور التى قامت بتزوير نسخ من الرواية، بالتنسيق مع وزارة الداخلية لمنع هذه الظاهرة.