انتقدت منظمة «هيومان رايتس ووتش» مشروع قانون جديد لتنظيم حق التظاهر، واصفة إياه بأنه يمنح الشرطة تفويضاً فعلياً لحظر جميع المظاهرات كلياً، واستخدام القوة في تفريق المظاهرات الجارية، حسب قولها، وأن القانون النهائي بعد إقراره سيكون مؤشراً هاماً على مدى المساحة السياسية التي ستسمح بها الحكومة الجديدة في مصر. وقالت المنظمة، في بيان لها اليوم، إن قانون الاجتماعات العامة الجديد الذي ينتظر تصديق الرئيس المؤقت «من شأنه فعلياً منح الشرطة صكاً على بياض لحظر المظاهرات في مصر، فمن شأن القانون المقترح حظر كافة المظاهرات قرب المباني الرسمية، ومنح الشرطة سلطة تقديرية مطلقة لحظر أية مظاهرة أخرى، والسماح لرجال الأمن بتفريق المظاهرات السلمية في الأغلب الأعم بالقوة، إذا قام ولو متظاهر واحد بإلقاء حجر». ولاقى مشروع القانون معارضة واسعة من أحزاب سياسية منها حزبا النور والدستور، وطالب حزب الوفد بطرحه لمناقشة مجتمعية، وقالت 17 منظمة وجمعية حقوقية مصرية في بيان لها إن مشروع القانون «يهدر حق المصريين في الاجتماع والإضراب والاعتصام والتظاهر، ويشرع لقتلهم». وقالت المنظمة إنها اطّلعت على مسودة قانون تنظيم الحق فى الاجتماعات العامة و المواكب والتظاهرات السلمية بتاريخ 21 أكتوبر، وإن مشروع القانون بصيغته الحالية «لا يتوافق مع التزام مصر باحترام حرية التجمع بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية». وأشارت إلى قول رئيس الوزراء حازم الببلاوي في مقابلة على قناة «سي بي سي» التلفزيونية المصرية يوم 20 أكتوبر إن الحكومة منفتحة على فكرة تعديل القانون وقد أرسلته إلى المجلس القومي لحقوق الإنسان للتعليق عليه. إلا أن الببلاوي قال أيضاً إن الحق في التجمع لا ينبغي أن «يزعج السلطات» أو يهدد الأمن، وإن «الشرطة اليوم تتمتع باحترام وتأييد الشعب أكثر مما في أي وقت مضى». ويعد مشروع القانون تعديلا لمشروع آخر نظره مجلس الشورى المنحل لمدة 4 أشهر أثناء رئاسة محمد مرسي. وقالت المنظمة إن المسودة الجديدة تتضمن بعض التحسينات الطفيفة، «إذ تحد من الطرق التي يجوز للشرطة فيها استخدام القوة لتفريق المظاهرات، وتشترط تناسب القوة المستخدمة مع التهديد. إلا أن تلك الأحكام تنص أيضاً على جواز استخدام الشرطة للقوة المميتة في «الدفاع المشروع عن النفس»، والذي يتم تعريفه في القانون المصري بعبارات فضفاضة تمنح الشرطة سلطة تقديرية لاستخدام القوة المميتة في ظروف تزيد على ما يعد ضرورياً لحماية الأرواح». وأضافت أن مشروع القانون يضم أيضاً موادا أشد تقييداً مما في مسودات سابقة، منها إلزام المنظمين بالإخطار المسبق بأي اجتماع عام لعشرة أشخاص أو أكثر، أو أي مظاهرة فى مكان عام، «ويعني هذا أن الأحزاب السياسية وغيرها من الجماعات الراغبة في عقد اجتماعات مفتوحة داخل مقارها ستكون ملزمة بإخطار وزارة الداخلية والمخاطرة بحظر الاجتماع ابتداءً». وقالت هيومن رايتس ووتش إن الأكثر إشكالية هو المادة 6 من مشروع القانون التي تبيح للشرطة تفريق المظاهرات بالقوة إذا ارتكب ولو متظاهر واحد جريمة، مما يرقى فعلياً إلى مصاف «العقاب الجماعي» للمتظاهرين. كما تحظر المادة 6 على المتظاهرين ارتداء الأقنعة أو تغطية وجوههم، ومن شأن هذا أن يميز بوضوح ضد المصريات اللواتي ترتدين النقاب. ويطالب البعض بسرعة إصدار القانون، في ظل استمرار احتجاجات أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي شبه اليومية، والتي تصاعدت مؤخرا في الجامعات منذ بدء العام الدراسي قبل أسابيع. وكانت المظاهرات خلال عهد الرئيس الأسبق مبارك مقيدة ونادرة الحدوث، وغالبا ما منع الأمن إقامتها أو استمرارها، وأصبحت المظاهرات، التي بلغت حجما غير مسبوق يضم عشرات ومئات الآلاف بشكل متكرر، سمة من سمات المرحلة الانتقالية بعد الإطاحة بمبارك.