قال المستشار مجدي العجاتي، وزير الشئون القانونية ومجلس النواب، إن الحكومة لا تمانع في ضم الصناديق الخاصة لوزارة المالية؛ حتى تكون جزءًا من الموازنة العامة للدولة، مضيفًا أن النواب هم من طالبوا بضم الصناديق الخاصة والحكومة استجابت لهم، مشيرًا إلى أن الصناديق الخاصة نسبتها بسيطة. وأوضح العجاتي، إن الحكومة وافقت على ضم الصناديق الخاصة لوزارة المالية لكن هناك صناديق وصفها ب«السيادية»، لا يمكن الاقتراب منها، مثل الصناديق الخاصة ب«القضاة»، والتي يُصرف منها على المعاشات، ولم يذكر علة استثناء القضاة. يُشار إلى الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، برئاسة المستشار يحيى دكروري، كانت قد قضت في يناير 2015، بعدم قبول دعوى مطالِبة بضم ملكية الصناديق الخاصة وإيراداتها للموازنة العامة. وقالت الدعوى، إنه قد صدرت قرارات بإنشاء صناديق خاصة تابعة للهيئات والمؤسسات والوزارات خارج الموازنة العامة للدولة، وبعيدًا عن الأجهزة الرقابية، ثم دخلت الصناديق الخاصة بعدها في قانون الموازنة العامة للدولة سنة 1973، وفي قانون المحليات عام 1978، وغياب الرقابة وانتشار الفساد مكّن من عمل لوائح لهذه الصناديق تُعطي المديرين والقيادات الإدارية داخل وخارج الصندوق مبالغ مالية ضخمة مقابل إدارتها، وكان يمكن تعويض العجز في الميزانية بضم أموال الصناديق الخاصة، لتحسين الخدمات والمرافق وزيادة ميزانية الصحة والتعليم وعلى مدار سنوات طويلة، ولكن لم يتمكن أحد من وزراء المالية المتعاقبين من ضم الصناديق والحسابات الخاصة للموازنة العامة للدولة، كما أن بعض الصناديق تحصل على تمويل من خلال اتفاقيات ومنح دولية لها موازنات أقرتها الجهات المانحة، أيضًا هناك بعض الحسابات التزاماتها المالية تفوق أرصدة حساباتها النقدية الأمر الذي قد يرتب عبئًا على الموازنة العامة في حالة ضمها، وكذلك هناك حسابات ذات غرض اجتماعي مثل حسابات صناديق تحسين الخدمة للمستشفيات الصحية وهي تتلقى تبرعات من المواطنين ويجب احترام رغبتهم في بقائها كيانًا مستقلًا». يُشار إلى أن حالة من اللغط والغموض دائمًا ما كانت تُخيم على الصناديق الخاصة، حيث لا يوجد حصر أو أرقام رسمية معلنة عن عدد تلك الصناديق، أو حجم الأموال الموجودة بها والتي قدرها البعض بمليارات، وأُسست تلك الصناديق بقرارات جمهورية وفقًا لاعتبارات معينة وبغرض تحقيق أهداف محددة، وتتبع الوزارات والهيئات العامة والمحافظات والمجالس المحلية وتحصل على مواردها من عامة الشعب، من حصيلة الدمغات والغرامات ومن رسوم التصالح في المباني، ورسوم اللوحات المعدنية للسيارات، ورسوم استغلال المحاجر، ورسوم دخول المستشفيات، وغيرها الكثير. ورغم تبعية الصناديق للدولة، إلا أنها تحصل فقط على نسبة 10% من إجمالي ما يتم تحصيله، ولقد تم رفع النسبة من 10% إلى 15% هذا العام بغرض زيادة إيرادات الدولة، وسيتم تحديد النسبة سنويًا وفقًا لرؤية الدولة، والحصيلة المتوقعة من ضم 15% من إيرادات الصناديق الخاصة إلى الموازنة تُقدر بما يتراوح بين 2 و2.5 مليار جنيه، وهناك صناديق تم إعفاؤها من تحويل هذه النسبة إلى الدولة مثل صناديق «الجامعات». وتعمل تلك الصناديق خارج الموازنة العامة للدولة لدرجة أن إنشاءها لم يعد مقصورًا على سلطة رئيس الجمهورية، بل اتسع نطاقها إلى قانون الإدارة المحلية الذي أعطى الحق لرؤساء القرى أو المراكز أو المحافظات في إنشاء صناديق خاصة، وهذا التوسع الكبير صعّب حصر هذه الصناديق أو مراقبتها، ودائمًا ما كانت تطالب أحزاب وقوى السياسية بضم أموال تلك الصناديق للموازنة العامة للدولة وإحكام الرقابة عليها، وهو ما بدأه المهندس أشرف بدر الدين عضو البرلمان عن الدورة البرلمانية 2005 – 2010 وصاحب استجواب الصناديق الخاصة، الذي فجر القضية تحت القبة ولم يلتفت إليه أحد، مستندًا إلى الصفحة رقم 197 من تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات عن الحساب الختامي للموازنة العامة للدولة عام 2008 - 2009 التي كشفت عن أن هناك نحو تريليون و272 مليار جنيه هي حصيلة الصناديق الخاصة، ولم يتم إدراجها في تقرير لجنة الخطة والموازنة. وهناك تضارب كبير في تحديد عدد الصناديق ومبالغات بشأن قيمة إيرادات هذه الصناديق، ولكن هناك تصريحات تؤكد أن عدد الصناديق الخاصة السارية حاليًا تُقدر بنحو 625 صندوقًا، وبلغ عدد المشتركين نحو 4.6 مليون مشترك 49% منهم جهات حكومية وسيادية، 13% قطاع أعمال وقطاع عام، 425% نقابات، 12% بنوك، مؤسسات صحفية، قطاع خاص، وإجمالي الأموال في هذه الصناديق بلغ 43 مليار جنيه، وبلغ إجمالي الاشتراكات في 2014 نحو 5.2 مليار جنيه بنسبة نمو 5.3%، فيما تؤكد تصريحات أخرى أن عدد تلك الصناديق يتجاوز ال10 آلاف، وهناك احصائيات أخرى تؤكد أن الجهاز المركزى للمحاسبات عرض بيانًا أكد فيه أن إيرادات الصناديق الخاصة بلغت في عام واحد نحو 21 مليار جنيه، وتجاوزت مصروفاتها نحو 15 مليار جنيه، وبلغت فوائضها نحو 12 مليار جنيه، وأن أرصدة الصناديق في الحساب الموحد بالبنك المركزي بلغت 12 مليار جنيه وبالبنوك التجارية 270 مليون جنيه، وحدّد قيمة المخالفات المالية لهذه الحسابات الخاصة لهذا العام بنحو 9 مليارات جنيه بنسبة 43% من جملة الإيرادات. ولقد نشأت فكرة الصناديق الخاصة أول ما نشأت بعد نكسة 1967، كمحاولة من الحكومة لتخفيف العبء نتيجة عدم القدرة على سد بعض الاحتياجات في الموازنة العامة للدولة، إذ كانت أول سابقة في هذا المجال هي إصدار القانون رقم (38) لعام 1967، الذي أقر إنشاء صندوق للنظافة في المحليات تم تمويله من خلال فرض رسوم نظافة محلية، لكن النشأة الرسمية ل«الصناديق الخاصة» أو «الحسابات الخاصة» كانت في عهد الرئيس الأسبق أنور السادات، من خلال القانون رقم (53) لسنة 1973 بشأن الموازنة العامة للدولة، فقد أباح هذا القانون إنشاء «صناديق خاصة» و«وحدات ذات طابع خاص» في المادة (20) منه التي تقضى بأنه «يجوز بقرار من رئيس الجمهورية إنشاء صناديق تخصص لها موارد «معينة» لاستخدامات «محددة»، ويعد للصندوق موازنة خاصة خارج الموازنة العامة للدولة وتتبع الجهات الإدارية كالجهاز الإداري، الإدارة المحلية، الهيئات العامة الخدمية والاقتصادية، وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة»، وفي عهد مبارك، فقد تشعبت تلك الصناديق وانتشرت في كل الوزارات والمحافظات والشركات القابضة، ففي هذه المرحلة صدرت سلسلة من القوانين تُعطي الحق للعديد من الجهات فيي إنشاء صناديق خاصة، مثل قانون التعليم رقم (139) لسنة 1981، وقانون الجامعات رقم (49) لسنة 1992. وكان الدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، قال خلال إحدى جلسات أكتوبر الماضي، إن الصناديق الخاصة بوابة الفساد، وآن الأوان أن يتم نقلها للموازنة العامة للدولة، كما طالب عدد كبير من النواب، خلال دور الانعقاد الثاني، بتشكيل لجنة تقصي حقائق، لفحص الصناديق الخاصة، ووجه الدكتور علي المصيلحي، رئيس لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، خطابًا لرئيس البرلمان، للموافقة على تشكيل لجنة تقصي الحقائق، لمعرفة عدد الصناديق وحجم الأموال الموجودة بها على مستوى الجمهورية، وأرفق الطلب بكشف توقيع أعضاء اللجنة. وكانت لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس النواب، قد وافقت على الاقتراح بمشروع قانون المقدم من النائب هشام والي، بشأن تعديل قانون رقم 53 لسنة 1973 بشأن الموازنة العامة للدولة، لإلغاء الصناديق الخاصة، على أن تؤول أموالها وأرصدتها إلى الخزانة العامة للدولة. ويرى المؤيدون لضم تلك الصناديق للدولة، أن الآخيرة تشكو من عدم وجود موارد مالية لحل مشاكلها الاقتصادية، في ذات الوقت يوجد بتلك الصناديق مبالغ كبيرة، كما أن الصناديق ابتعدت عن الأهداف التي أُنشئت من أجلها، أما الرافضون للضم فيستندون إلى أهمية الدور الذي تُقدمه الصناديق في خدمة المواطنين والتي لا تتمكن الأجهزة من تقديمه نظرًا لقلة الموارد ووجود ضوابط فعلية لإحكام آليات الصرف. وأشاد المستشار حسني السيد، الباحث القانوني، بقرار الحكومة بضم الصناديق الخاصة للموازنة العامة للدولة، لافتًا إلى أنها تساهم في حل الأزمة المالية التي تمر بها البلاد، قائلًا إن «الهدف من القرار هو رغبة الحكومة في معرفة إيراداتها ومصروفاتها ووضعها تحت المجهر الرقابي»، وحول الشكل القانوني الذي تتخذه عملية ضم هذه الصناديق للموازنة خاصة بعد إنشائها بقرار جمهوري، أوضح أن الحكومة تضع مشروع قانون خاص بهذا الشأن وبعدها يتم عرضه على البرلمان لمناقشته ووضع تشريع خاص بالضم والتنظيم، لتكون كافة معاملات الصناديق الخاصة مكشوفة للجميع. وأشار الدكتور عبد المطلب عبد الحميد، رئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية السابق، إلى أن قرار «إلغاء الصناديق الخاصة أو ضمها هو للقضاء على باب من أبواب الفساد، ولكن هذا القرار يجب أن يصدر من البرلمان وليس كقرار حكومي، فالموازنة وثيقة معتمدة من السلطة التشريعية ولذلك فهي الجهة المنوط بها تصحيح أخطاء الموازنة وحسم الجدل القائم، وإذا أسفر الاتجاه نحو الضم لزيادة الإيرادات فالكل يؤيد ذلك مع تنظيم العمل للحفاظ على الهدف من وجودها، فيجب علينا تعظيم الإيرادات بالضم مع الإبقاء على الكيانات التي تخدم المواطنين في المجالات المطلوبة وتنظيمها بشكل أفضل وخضوعها للرقابة حتى تكون تحت السيطرة مع محاولة تحسين مستوى الخدمات المقدمة، بمعنى أدق الاستغلال الأمثل للموارد». وترى الدكتورة يُمن الحماقي، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، أن «الصناديق الخاصة تُسهم في دعم العديد من أوجه الخدمات التي تمس المواطنين بشكل مباشر، ومجرد التفكير فى إلغائها يُعد فقدًا لمميزات كبيرة نحن الآن في حاجة شديدة لها، في ظل الحالة التي يمر بها الاقتصاد القومي، وهو توجه نحو البيروقراطية في الانفاق، ولقد أُثير في عهد الدكتور ممتاز السعيد هذا الاقتراح من قبل نظرًا لما أُشيع عن امتلاك هذه الصناديق لمبالغ طائلة، ولقد شكّل لجنة قامت بحصر أموال الصناديق واتضح أن إجمالى المبالغ تُقدر بنحو 40 مليار جنيه، وتم إعداد دراسة بناء عليها تم اتخاذ قرار بإنشاء وحدة في وزارة المالية لادارة الصناديق الخاصة، وتحديد أوجه الانفاق ومتابعة ومراقبة الصناديق، وارتباطها بوزارة المالية يمنح الدولة الحق في وضع خطة استثمارها».