«إذا أردت أن تصبح كاتباً.. عليك أن تفعل أمرين قبل كل شىء.. إقرأ كثيراً واكتب كثيراً.. لا شىء ينفع لتفادى كلا الأمرين.. وليس هناك طريق مختصر».. هكذا يبدأ الكبير «ستيفن كينج» كتابه الجميل والملهم والمحفز.. «عن الكتابة». لابد أن تقرأ حتى تستطيع أن تكتب.. وفيما يخص القراءة لا يُفَرِق «ستيفن كينج» بين كتاب سىء أو كتاب جيد.. فكلاهما لديه دروسه الخاصة التى سوف تتعلم منها شىء ما.. الأدب السىء الذى تقرأه سوف يكون بمثابة «تطعيم ضد جدرى الكتابة السيئة».. تطعيم سوف يجعلك فى المستقبل مُحصناً ضد أن تكتب مثله بعد أن تحرص على الإبتعاد عن تكرار الأسلوب الذى أزعجك وأنت تقرأه حتى لا تتكرر المأساة معك وينزعج منك قارئوك كما انزعجت أنت.. بينما قراءة الأدب الجيد سوف تكون بمثابة «منخس أو مهماز يدفع الكاتب دفعاً لأن يعمل بقوة أكبر مُحَاولاً الإرتفاع إلى الذُرَى.. فأن يرتفع الكاتب ويندفع إلى الأمام عندما يقرأ الروايات والمؤلفات العظيمة هو جزء من لَبِنَات تكوينه الهامة.. لا يمكن أن تحفز الآخرين بكتاباتك دون أن يكون هذا قد حدث لك من قبل». إقرأ لتتعرف بنفسك على ما هو سىء وما هو جيد.. إقرأ وتعامل مع القراءة كترمومتر تقيس به ما وصلت إليه كتابتك.. إقرأ لتعرف ما الذى كتبه الآخرون فى الأزمنة الأخرى وكيف تعاملوا بكتاباتهم مع ظروف تلك الأزمنة.. إقرأ لأنك بمنتهى البساطة إذا لم تقرأ فإنك لن تكتب. يقول «كينج».. «إذا حصلت على نكلة مقابل كل شخص يخبرنى أنه يريد أن يصبح كاتباً كبيراً لكن ليس لديه الوقت الكافى ليقرأ فإنه سوف يتوافر لدى مبلغ كبير أستطيع به أن أهنىء نفسى بعشوة فاخرة.. هل أنا حاد فى عرضى لهذا الموضوع ؟!.. إذا لم تجد الوقت اللازم لتقرأ.. إذن أنت ليس لديك الوقت ( ولا الأدوات ) لأن تكتب.. هكذا بكل بساطة « ! بعدها يحكى كينج حكاية عن إبنه الصغير الذى أُغرم وهو فى سن السابعة بأحد عازفى الساكس العالميين وأراد أن يصبح مثله.. فأحضر له ساكس هدية فى عيد ميلاده وتعاقد مع مدرب ساكس خاص ليعلمه العزف.. ثم بعد سبعة شهور إقترح على إبنه إنهاء التعاقد مع المدرب والتوقف عند هذا الحد.. فوافق الإبن فوراً وبكل إرتياح.. وعندها تأكد كينج أن الساكس لم يُخلَق لإبنه.. وأن الله لم يمنحه هذه الموهبة.. حيث بدأ يلاحظ خلال السبعة شهور أن إبنه لا يتدرب سوى فى مواعيد التدريب المحددة.. ويقول كينج.. « أى نعم أتقن السلم الموسيقى وقراءة النوتة لكننا لم نشاهده أبداً ينطلق ويدهشنا بعزف جديد.. ما أن تنتهى فترة التدريب حتى يعود الساكس إلى حقيبته بجوار البوق ويظل هكذا حتى موعد الدرس التالى.. لم يعد هناك وقت حقيقى للإبداع.. كل وقته عبارة عن استذكار للقطع التى أُعطيَت له.. وهذا ليس بالأمر الجيد.. إذا لم ينبع من العزف بهجة وفرح.. فهذا الجهد ليس سوى مضيعة للوقت.. ومن الأفضل أن نبحث له عن مجال آخر حيث تكون الموهبة أعمق ومحصلة المرح أعلى». إذن هناك فى تلك الحياه ما يسمى بالموهبة.. الموهبة هى أن تذوب فى عشق ما تفعله.. وأن يكون مجرد فعلك له هو مكافأتك الأساسية.. الموهبة هى ما يدفعك إلى فعل ما تفعله بحب.. لهذا.. إقرأ لأنك لو كنت صانع بوتاجازات سوف يكون لزاماً عليك أن تتعرف باستمرار على آخر ما وصلت إليه صناعة البوتاجازات من تطور.. إقرأ لأنك لو كنت مصمم أزياء سوف يكون لزاماً عليك متابعة آخر صيحات الموضة.. إقرأ لأنك إذا أردت أن تكتب فلابد أن تقرأ.. واقرأ لأنك تريد أن تقرأ.. مش لأنك لازم تقرأ.. إقرأ بدافع الشغف وليس بدافع آداء الواجب.. إقرأ لأنك إذا أردت أن تصبح كاتباً فليس أمامك خيار آخر سوى أن تقرأ ثم تقرأ ثم تقرأ.. يقول كينج.. «إذا عثرت على شىء أنت موهوب فيه.. فافعله.. إفعله حتى تدمى أطرافك أو تبدأ عيناك فى السقوط من محجريهما إلى الأرض.. حتى إذا لم يكن هناك أحد يستمع لك ( أو يقرأ لك ) فإنك سوف تحس أن ما تفعله رائع.. رائع لأنك أنت خالقه وتشعر بالسعادة وأنت تؤديه».. إذن.. عايز تشعر بالسعادة الناتجة عن كتابتك كتابة جميلة ؟!.. ما قدامكش غير إختيار واحد مالوش تانى.. إقرا!