الجيل الأفضل من الجماهير مع الجيل الأسوأ من اللاعبين.. وبطولة «يتيمة» فى عشر سنوات «تاريخيا».. بدأت حكايتى مع نادى الزمالك قبل ولادتى بعشرات السنين، وذلك فى عشرينات القرن الماضى عندما قرر جدى الحاج عبد العزيز صالح العجرودى تشجيع نادى المختلط لسبب لا يعلمه إلا الله، حيث لم تتح لى فرصة مناقشة جدى العزيز (الله يرحمه) فى أسباب اختياره هذا النادى العظيم، لكن اسمحوا لى فى هذا المقال الأول فى تاريخى الصحفى الذى قد يقتصر فى اعتقادى على هذا المقال أن أوجه رسالة للمرحوم بإذن الله جدى الحبيب. جدى العزيز.. عبد العزيز تحية طيبة وبعد أعرف جيدا أنك كنت من عشاق نادى الزمالك منذ شبابك وحتى رحيلك، وإنك أيضا أورثت المرحوم والدى (الحاج شافعى) هذا العشق والوله والافتتان، فكان بديهيا أن أرثه من أبى بكل حب واحترام وتقدير، واطمئنك يا جدى أنى على الوعد باق وحتى تاريخه أشجع نادى الزمالك بروحى ودمى ودموعى وابتساماتى (وهى قليلة جدا بالمناسبة). القضية يا جدى أن نادى الزمالك أصبح فى العصر الحالى عنوانًا كبيرًا للفشل وخيبة الأمل فبعد حيدر باشا وعبد اللطيف أبو رجيلة وحسن حلمى وآخرين عظماء لم تلحق بهم، أصبح للزمالك رئيس إنجازه الأكبر وضع صورته بجوار رؤساء النادى السابقين فى مدخل مبنى الإدارة. هل تتخيل يا جدى أن نادى الزمالك لم يحصل طوال آخر عشر سنوات سوى على بطولة واحدة بشق الأنفس وببركة دعاء الملايين من عشاقه المساكين عندما استجاب الله لدخلة (يا رب الكاس) التى أبدعها الوايت نايتس فى عام 2008 «هاشرحلك بعدين موضوع الوايت نايتس ده عشان موضوع كبير». لقد فوجئت عندما طالعت تاريخ نادى الزمالك وبطولاته من عام 1920 وحتى الآن فوجدت التالى: 1920: 1930 7 بطولات منها 3 بطولات منطقة القاهرة، التى تسمى الآن بالدورى العام. 1930: 1940 8 بطولات 1940: 1950 9 بطولات 1950:1960 8 بطولات 1960: 1970 6 بطولات (رغم توقف النشاط الرياضى بسبب النكسة كما تعلم). توفيت يا جدى العزيز فى أوائل السبعينيات على ما أعتقد، لكن لا تقلق استمر الزمالك فى حصد البطولات التى احتفل بها المرحوم أبى كالتالى: 1970: 1980 7 بطولات منها 4 بطولات رسمية. 1980: 1990 13 بطولة منها 6 بطولات رسمية. وبدأت رحلتى مع نادى الزمالك يا (جدو) عندما اصطحبنى والدى لمشاهدة مباراة للزمالك مع المقاولون العرب فى أواخر الثمانينيات وكما قال الشاعر الأولتراساوى: «عمرى ما هنسى أبويا وهو ياخدنى.. الاستاد من صغرى ف حبه بيعلمنى.. قالى يابنى الزمالك هو حياتنا.. والدنيا فانية وايه غير حبه مالكنا». فورثت من والدى حب الزمالك وأصبح الزمالك هو حياتى وشاركت والحمد لله فى الاحتفال ببعض البطولات وبيانها كالتالى: 1990: 2000 11 بطولة منها 7 بطولات رسمية. 2000: 2003 12 بطولة فى 3 سنوات فقط وكما ترى يا جدى العزيز.. يبدو أننا كجيل حققنا رقمًا قياسيًّا فى الفترة من 2000 وحتى 2003، لكن من يومها إلى الآن نعيش سنوات من العذاب والمرارة، تلاحقنا شماتة الشامتين وسخرية الساخرين وضحكات المستهزئين فى كل مكان، فى وسائل المواصلات، على صفحات الجرائد وشاشات الفضائيات، من الزملاء فى العمل، من الأقارب فى المناسبات الاجتماعية، يبتكرون الأغانى والرسائل والنكات والقفشات على شرف تشجيعنا لنادى الزمالك، يطاردوننا حتى فى غرف النوم، «بقينا ملطشة يا جدو للى يسوى واللى ميسواش». أصبح انتماؤنا لنادى الزمالك سببًا فى تكدير حياتنا صباحًا ومساءً، أصبحنا بدون خطأ منا عنوانًا للفشل، لكن أى فشل؟ ما الذى فشلنا فيه نحن جماهير الزمالك؟ يا سيدى العزيز.. نحن لم نترك نادينا لحظة، ساندناه وما زلنا نسانده، تحملنا ما لا يتحمله أى مشجع رياضى على وجه البسيطة دفاعًا عن هذا الكيان الذى بناه العظماء وتتداعى عليه الأندية حتى يكاد يزول ويصبح أطلالًا لا تنفع إلا فى البكاء. نحن يا جدى بلا فخر الجيل الأفضل من جماهير هذا النادى وفاءً وانتماءً، ويكفى أن أذكر لك أننا احتفلنا بمئوية النادى كجماهير رغم كل الظروف السيئة التى يمر بها النادى ورغم كل الإحباطات المتكررة، لكن للأسف قدرنا ونحن الجيل الأفضل أن نعاصر الجيل الأسوأ من اللاعبين والمدربين والإداريين. جدى العزيز.. عبد العزيز اطلت عليك واعتذر، لكنى أوضحت قدر الإمكان ما تسببت فيه أنت بتشجيعك للزمالك الذى أدى فى النهاية إلى تشجيعى أيضا للزمالك واطمئنك أنى سأبقى زملكاويا مدى الدهر بكل فخر وسأظل وفيا للكيان الملكى مهما حدث، لكن أرسلت إليك هذه الرسالة لأسألك سؤالًا واحدًا: مالك (ابنى).. اخليه يشجع نادى إيه؟