اجمعت الغالبية العظمة من استطلاعات الرأي هنا في المانيا قبل 48 ساعة من توجه الناخبين الألمان إلى صناديق الاقتراع لاختيار أعضاء البرلمان الثامن عشر للبلاد..على فوز حزب المستشارة أنجيلا ميركل المسيحي الديمقراطي بأعلى الأصوات فى الانتخابات المقرر إجرائها يوم الأحد المقبل. واذا كان حزب المستشارة الألمانية أنجييلا ميركل المسيحي الديمقراطي المحافظ أوشك بالفعل على حسم انتخابات البرلمان "البوندستاج" لصالحه، إلا أن الحزب وقادته أصبح شغلهم الشاغل فى هذه الساعات ينصب على أمرين .. الأول هو الإعداد لمرحلة ما بعد إعلان نتائج الانتخابات والمتمثلة فى تشكيل تحالف حكومى جديد يقود البلاد ويحل محل التحالف القائم منذ عام 2009 مع الحزب الليبرالى الحر، الذى خسر منذ أيام قليلة فى انتخابات ولاية بافارية المحلية وتشير الاستطلاعات إلى تراجع شعبيته وتشكك فى إمكانية حصوله على نسبة أصوات الخمسة فى المائة اللازمة لدخوله البوندستاج. أما الأمر الثانى الذى أصبح يشغل جميع المعنيين بالعمل السياسى على الساحة الألمانية حاليا هو سبل دفع كتلة الممتنعين والعازفين عن الإدلاء بأصواتهم الى المشاركة الايجابية فى انتخابات يوم الاحد المقبلة، وهو ما يعرف عندنا فى مصر بقضية «حزب الكنبة» أى المصريين العازفين عن المشاركة فى الحياة السياسية والشأن العام فى مصر. وأصبحت قضية حزب الكنبة فى المانيا الشغل الشاغل للسياسيين والباحثين والمثقفين ومحل جدل ونقاش فكرى وأفردت مجلة "ديرشبيجل" الألمانية العريقة عدد من صفحاتها فى موضوعها الرئيسى بعددها الأخير لعرض وجهات النظر المختلفة حول هذا الموضوع على ضؤ المخاوف المثارة من تراجع حجم الإقبال على الاقتراع فى انتخابات الأحد المقبل وقامت المجلة بمناقشة هذه القضية بايجابية تحت عنوان " الذين لا يخجلون" محذرة من خطورتها على مسيرة الديمقراطية الألمانية. وذكرت المجلة فى موضوعها الرئيسى أن الامتناع عن التصويت أصبح موضة بعد أن كان المواطن الألمانى يخجل منذ 18 عاما من طرحه حتى لا يكون محل استهجان افراد اسرته واصدقائه، أما اليوم فلا يخشى من طرح هذه الفكرة بعد أن جهر بها المشاهير فى حواراتهم التلفزيونية والإعلامية. واشارت المجلة أن جزء من الممتنعين عن التصويت سواء فى المعسكر اليسارى أو اليمينى يرون فى موقفهم هذا رسالة موجهة ألى الأحزاب ترفض خطابها وتطالب بتغييره ورات المجلة ان بعض هؤلاء العازفين يرون فى الأحزاب اليمينية أنها أصبحت مثلا لا تتبنى سياسات ومبادىء محافظة كما كان الشأن الاحزاب فى الماضى، وكذلك هناك من اليساريين من يمتنعون عن التصويت تحفظا على اختفاء لغة الخطاب الثورى فى الأحزاب اليسارية. وحذرت المجلة العريقة من عدم تعامل الأحزاب مع هذه الظاهرة وقالت أنها تؤثر تأثيرا خطيرا على الديمقراطية الالمانية، مطالبة الاحزاب بالعمل على زيادة نسبة التصويت عن انتخابات عام 2009 والتى بلغت 70,8% كانت نسبة تصويت مدن وأقاليم الجزء الغربى من المانيا فيها 72,2% بينما كانت فى الجزء الشرقى64,7%.. واشارت إلى أن إجمالى نسبة التصويت فى انتخابات عام 2005 بلغ 77,5% بعد أن كان 82,2 عام 1998. تجدر الاشارة أنه حسب المادة 38 من الدستور الألماني، يتم انتخاب النواب عبر انتخابات عامة ومباشرة وحرة ومتساوية وسرية ويحق الانتخاب لكل مواطنة مواطن ألماني بلغ سن الرشد، ويتم الانتخاب حسب القانون النسبي، الذي يتضمن مبادئ قانون الانتخاب الأكثري، إلا أن نسبة الأصوات الثانية التي تكسبها الأحزاب هي التي تحدد مبدئيا الغالبية في «البوندستاغ». ومن خلال الصوت الأول يتم انتخاب مرشح الدائرة، أي ذلك السياسي الذي سيدخل البوندستاغ، ممثلا لمنطقته، أما الصوت الثاني، فهو الذي يحدد نسبة دخول الأحزاب إلى البوندستاغ، المرشح الذي يحصل على النسبة الأكبر من الصوت الأول، يعتبر ناجحا، بغض النظر عن النتيجة النهائية التي يحققها حزبه، من خلال هذه المقاعد المباشرة يتم التأكد من تمثيل كافة المناطق الألمانية في البوندستاغ، بينما يكون الصوت الثاني مهما لتحديد أية كتلة نيابية ستكون صاحبة الغالبية في البوندستاغ، وبالتالي سوف تختار المستشار الاتحادي. ونصف أعضاء البوندستاغ البالغ عددهم الإجمالي 598 عضوا هم السياسيون، الذين يحصلون على غالبية الأصوات الأولى في الدوائر الانتخابية، بينما يدخل النصف الآخر من الأعضاء إلى البوندستاغ، من خلال لوائح الأحزاب للولايات، لوائح الولايات هذه، يتم وضعها من قِبَل الأحزاب المشاركة قَبلَ الانتخابات، يتمتع عدد المقاعد المباشرة بأهمية كبيرة، فهو يمكن أن يغير عدد المقاعد الموزعة حسب الصوت الثاني: إذا ما ربح أحد الأحزاب عددا من المقاعد المباشرة، يزيد عن عدد الأصوات الثانية التي يفوز بها في إحدى الولايات، فإننا أمام مقاعد متراكمة. جوهر الإصلاح الجديد في قانون الانتخاب 2013 يتناول هذه المقاعد المتراكمة، فإذا ما حصل أحد الأحزاب على عدد من المقاعد المباشرة، يزيد عن حصته من الأصوات الثانية، يتم توزيع مقاعد تعادلية على الأحزاب الأخرى، حتى يصل العدد الإجمالي لمقاعد كل حزب (مقاعد مباشرة ومقاعد لوائح) إلى المقدار الذي يعكس -إلى أقصى درجة ممكنة- توزيع الأصوات الثانية المتحققة بين الأحزاب. بهذا يمكن تحييد أثر المقاعد المتراكمة.