رغم أن النازيين الجدد نجحوا خلال السنوات الماضية في اغتيال عشرات الأشخاص في ألمانيا دون أن تتمكن المخابرات الألمانية من تقديم هؤلاء القتلة للمحاكمة، فلاتزال أجهزة المخابرات التي تتكون من سبعة عشر مكتبا مشغولة بمراقبة اليسار وملاحقته ويحتل حزب اليسار الموقع الرابع بين أحزاب البوندستاج «البرلمان» ويقوم المكتب الفيدرالي للمخابرات الألمانية بمتابعة بل التجسس علي 27 نائبا من حزب اليسار بمن فيهم «بيترابو» نائبة رئيس البرلمان، وهي للمفارقة أيضا عضو اللجنة التي تراقب أعمال أجهزة الأمن ومع ذلك يظل «حزب اليسار» والمجموعات المرتبطة به في الولايات الألمانية الستة عشر موضوعا دائما للمراقبة الدقيقة والتشهير والإساءة إلي السمعة من قبل أجهزة المخابرات الألمانية. وتبرر المخابرات الألمانية ملاحقتها المثابرة لليسار وخاصة لحزب اليسار بأنه سليل شيوعيي ألمانياالشرقية الذي اجتذب إلي صفوفه الراديكاليين الذين غادروا الحزب الديمقراطي الاجتماعي في ألمانياالغربية سابقا والذي سبق أن حكم لفترات طويلة وهو الحزب الذي يحتل الموقع الثاني في البرلمان بعد الحزب الديمقراطي المسيحي الذي دفع «بأنجيلا ميركل» إلي موقع مستشارة ألمانيا، بعد هزيمة الحزب الديمقراطي الاجتماعي في الانتخابات، وكانت «أنجيلا ميركل» القادمة من ألمانياالشرقية قد تدرجت في مواقع السلطة داخل التنظيم الشبابي في ألمانياالشرقية سابقا. وحصل حزب اليسار علي مقاعد في برلمانات 13 من الولايات الست عشرة، ووصل إلي الحكم في ثلاث ولايات في شرق ألمانيا وقد أخذت أجهزة المخابرات تراقب الحزب منذ عام 1995 أي بعد توحيد ألمانيا بخمسة أعوام طبقا لمجلة الإيكونوميست البريطانية. وكان الحزب قد فضح عمليات المراقبة السرية له، وكشف عن الملف الكبير الذي أعدته المخابرات عن «جريجورجيس» زعيم مجموعته البرلمانية وتعود مراقبة أحزاب اليسار ومناضليه إلي زمن الحرب الباردة بخاصة في عام 1970 حين هدد يساريون في ألمانياالغربية بتنظيم مسيرة إلي مؤسسات الدولة ومنذ ذلك الحين جري إعداد ملفات وفحوص للتاريخ السياسي لأي مواطن ألماني يتقدم لطلب وظيفة في الدولة، وترتب علي هذه الإجراءات رفض توظيف المئات. ويري وزير الداخلية الفيدرالي المحافظ «هانز بيتر فريدريش» أن هذه المراقبة لحزب اليسار هي بمثابة إنذار مبكر، ولكنه يعترف بأنها تطرح أسئلة مهمة ولذا لابد لها أن تعتمد فقط علي المصادر العامة دون أن تتعرض لممارسة النواب في البرلمان، هذا وقد حرك «حزب اليسار» دعوي أمام المحكمة الدستورية العليا معتمدا علي ما توفر له من وثائق حول أساليب المراقبة التي تعرض لها. ومن المعروف أنه بعد توحيد ألمانيا عام 1990 قامت سلطات ألمانياالغربية بأوسع عملية تطهير من صفوف الجيش والجامعات والمدارس والقضاء حيث فقد مئات الآلاف من أبناء ألمانياالشرقية في هذه المؤسسات وظائفهم ثم انخرطوا في تأهيل أنفسهم من أجل وظائف جديدة أو تقبل كبار السن منهم الإحالة علي المعاش كحقيقة لا مفر منها. ودفعت النساء علي نحو خاص ثمنا باهظا فبعد أن كانت 83% من النساء في ألمانياالشرقية يعملن خارج المنزل ونشأت بسبب هذا الانخراط الواسع للنساء شبكة قومية هائلة من دور الحضانة ورياض الأطفال والحدائق العامة، وهو وضع لم يكن قائما في ألمانياالغربية التي انخفضت نسبة النساء العاملات فيها انخفاضا شديدا. ونجحت الحركة النسائية في ألمانيا الموحدة وهي تدافع عن حقوق النساء ومبدأ المساواة في إجبار الحكم علي إنشاء دور الحضانة ورياض الأطفال بعد أن كان الإعلام قد شن في السابق هجوما عنيفا علي نظام ألمانياالشرقية باعتباره غير إنساني لأن الأمهات يتركن الأطفال في الحضانة في سن مبكرة. وأخذت الحكومة تبني دورا للحضانة ورياض للأطفال متأخرة نصف قرن عما كانت قد صنعته ألمانياالشرقية في ظل النظام الاشتراكي.