حبيبة، شابة سكندرية تحدت العادات والتقاليد، بعد أن وجدت صعوبة فى العمل بشهادتها الجامعية، فقررت خوض مجال كان حكرًا على الرجال لعقود طويلة، لتعمل فى ورشة صغيرة لصناعة المشغولات الذهبية وغيرها من المعادن. «التحرير» التقت حبيبة فى ورشة عائلتها الصغيرة الكائنة بسوق الذهب الشهير ب«زنقة الستات» فى قلب محافظة الإسكندرية، التى دأبت التواجد فيها للعمل على مدار نحو 12 ساعة يوميا دون كلل أو تعب، متخذة زاوية صغيرة بجانب والدها الشهير ب«عم حسنى». تقول حبيبة، صاحبة الثمانية وعشرين ربيعا، عملت بعد تخرجى مباشرة فى كلية التجارة جامعة الإسكندرية، كمحاسب قانونى فى أحد المكاتب الخاصة لمدة 3 أشهر فقط، لكن كان العائد ضئيلًا جدا، ولم أجد نفسى فى تلك المهنة التى درستها طوال 4 أعوام جامعية، فقررت البحث عن شىء جديد أحقق من خلاله طموحى فى النجاح، لأجد والدى يشجعنى على مساعدته بالعمل فى الورشة لمساعدتى فى عبور شبح الاكتئاب المصاحب للجلوس فى المنزل بلا عمل. تضيف حبيبة «دورى اقتصر فى البداية، على تنظيف أرضيات المحل ومساعدة العمال، ومع الوقت بدأت فى تعلم جميع المهارات التى تتطلبها الصنعة، خاصة إتقان اللحام والمنشار ودمج المعادن، إلى أن تخصصت فى النقش على المعادن، وهو ما وجدته الأنسب لى خاصة وأنى ورثت عن أبى وأمى فنون الرسم، فكان ذلك دافعًا لى، فنقشت على النحاس والفضة والذهب». وأشارت إلى أن احترافها المجال لم يكن سهلًا، إذ تعرضت لهجوم حاد من الرجال، الذين احتكروا المهنة، بدعوى كلمة «عيب» والتى تلاحق أى فتاة فى خوض مجال جديد، متابعة «أسهمت موهبتى فى كسب العديد من الزبائن الذين كانوا يفضلون العمل معى نظرا لتنفيذ ما يريدونه من قطع فنية كما يريدون بجودة عالية مهما كانت صعوبة التصميم». واستكملت قائلة: «مع إصرارى على العمل وتشجيع والدى لى رغم مهاجمته من أبناء مهنته، تغلبت فى النهاية على المفاهيم الخاطئة، حتى أصبحت صاحبة اسم وسمعة طيبة فى المهنة، وما زاد الأمر من نتائج مرضية كان فى التحول المفاجئ لبعض العاملين بالمهنة والذين قرروا تشجيع بناتهم على العمل مثلى وهو ما رحبت به إيمانا منى بعمل المرأة وحب المنافسة الشريفة التى تخدم فى النهاية مصلحة العمل وتقدم منتجات عالية الجودة». وتابعت: «خصصت غرفة صغيرة فى منزلى لمتابعة عملى حتى أثناء فترة الحمل، لكنى أحلم بإنشاء مصنع كبير لإنتاج كل أنواع الإكسسوارات، ويضم عددًا كبيرًا من الفتيات والشباب، فضلاً عن عمل برنامج تليفزيوني يعلم المرأة كيفية عمل مشغولات يدوية من المنزل، خاصة فى ظل اندثار بعض المهن اليدوية، التى أصبحت مهددة بالاختفاء وإحلال المنتجات المستوردة بدلا منها».