اجتاحت موسكو عاصفة من الغضب عقب تصريحات أدلى بها الناطق باسم الخارجية الأمريكية جون كيربي، واعتبرتها موسكو تهديدًا وابتزازًا. وتساءلت الناطقة الرسمية باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا حول كون تعليقات "كيربي" تشبه أوامر لتوجيه الكلاب أكثر مما تشبه التعليق الدبلوماسي. وقالت: "أما الأعمال الإرهابية في فرنساوالولاياتالمتحدة وفي دول أخرى، وقطع داعش رؤوس الناس من مختلف الجنسيات – هل كل ذلك عبارة عن نموذج مختلف عن ما يتنبأ به كيربي لروسيا؟ أو ربما عن واقع مواز جديد؟" وكان جون كيربي المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية لوَّح باحتمال تعرض مدن روسيا لهجمات إرهابية، وحذر موسكو بأنها ستخسر مزيدًا من الأرواح والطائرات في سوريا، معتبرًا أنه في حال استمرار الحرب الأهلية في سوريا، سيستغل الإرهابيون فراغ السلطة لتوسيع عملياتهم وصولًا إلى استهداف مصالح روسيا خارج سوريا، بما في ذلك ارتكاب هجمات في مدن روسية. وحذر المتحدث باسم الخارجثية الأمريكية، قائلًا: إننا "ندرس خطوات قد نضطر للإقدام عليها للشروع في تعليق تعاوننا مع روسيا بشأن سوريا"، مؤكدًا أن واشنطن لم تبدأ بهذه الخطوات بعد، لكنها أرسلت إشارة واضحة إلى موسكو تقول: إنه "على الجانب الروسي اتخاذ خطوات مؤثرة في القريب العاجل من أجل وقف العنف واستئناف العملية السياسية". واعتبر نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف أن تهديدات واشنطن وتحذيراتها بشأن "خطر إرهابي يحدق بروسيا" بعد فشل الهدنة في سوريا تصب في مصلحة الإرهابيين وتدل على إصابة الإدارة الأمريكية بانهيار عصبي، وقال تعليقًا على تصريحات جون كيربي: إن "هذه التهديدات دليل على انحدار الإدارة الأمريكية الحالية لممارسة سياسة وضيعة، تمثل دعوة موجهة للإرهابيين لمهاجمة روسيا". وشدد على أن موسكو تعتبر تصريحات كيربي عن هجمات محتملة ضد مدن روسية من قبل الإرهابيين، دعمًا للإرهاب. وأضاف الدبلوماسي الروسي أننا نكرر كل يوم أننا لا نرى حلًا سوى التسوية الدبلوماسية، أما ما يحصل حاليًا بسبب عجز واشنطن عن الوفاء بالتزاماتها وتعهداتها، فهو أمر سيؤنب ضمير أصحاب القرار في واشنطن"، مشيرًا إلى أن موسكو تشعر بالاستياء من نبرة الإشارات التي ترسلها واشنطن والتي تأتي بشكل إنذارات أخيرة، وصولًا إلى تهديدات سافرة بحق روسيا بحق أولئك الذين يحاربون الإرهابيين فعلًا في سوريا، وشدد قائلًا: "لا يمكن أن نصف هذا الأمر إلا بأنه في الواقع دعم للإرهابيين من جانب الولاياتالمتحدة". وأضاف ريابكوف بأنها ليست المرة الأولى عندما تضطر موسكو لتسمية الأشياء بأسمائها لدى التعليق على التصريحات الصادرة عن واشنطن. وأوضح أن واشنطن أصيبت أمس بانهيار عصبي جديد على خلفية كون إدارة الرئيس الأمريكي أوباما غير جاهزة للوفاء بجزئها من الاتفاقات التي توصلنا إليها بجهود كبيرة بذلتها مختلف الهيئات. وأطلقت من واشنطن تهديدات غير مقبولة وإنذارات في محاولة لدفعنا إلى موضع التبرير والدفاع عن النفس. وشدد على أن "هذه اللهجة غير مناسبة للحديث مع روسيا، ونحن إذا استمعنا باهتمام إلى ما يقوله شركاؤنا الأمريكيون، سنتوصل إلى استنتاج أنهم يصبون الماء على طاحونة الإرهابيين". وذهب إلى "أنها ليست إلا دعوات مستترة بصورة سيئة لاستخدام أسلحة الإرهابيين ضد روسيا، وهو أمر يدل على حد الرذالة الذي انحدرت له الإدارة الأمريكية الحالية في مقارباتها من شؤون الشرق الأوسط وتحديدًا من الوضع في سوريا". من جانبه، اعتبر الكرملين أنه لا داعي للتعامل بجدية مع تهديدات أطلقتها مصادر في واشنطن بشأن سيناريوهات استخدام القوة في سوريا. وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف، تعليقًا على تصريحات تناقلتها وسائل إعلام عن مصادر في واشنطن لم تكشف هويتها حول توجه الإدارة الأمريكية لدراسة سيناريوهات قوة أكثر قسوة لحل الأزمة السورية: إنها "أنباء لا مصدر معينا لها، ولذلك لا داعي للتعامل معها بجدية".