الاستقالة المفاجئة لوضاح خنفر المدير العام السابق لشبكة الجزيرة الفضائية القطرية، بعثت بموجات صدمة في الأوساط الإعلامية العربية، وهي بحسب صحف أمريكية تثير تكهنات حول نهاية «الاستقلالية النسبية» التي تمتعت بها الشبكة الفضائية لنحو عقد من الزمن. مجلة فورين بوليسي تقول إن خنفر خلال قيادته للشبكة ل8 سنوات، جعل منها مركز نفوذ إعلامي في الشرق الأوسط، وخارجه، حيث أثارت الجزيرة غضب الولاياتالمتحدة وجميع الأنظمة العربية تقريبا، وساهمت في إسقاط عدد من منها.
المجلة اعتبرت أن من بين الخيوط التي تقود إلى أسباب استقالة خنفر، تعيين الشيخ أحمد بن جاسم آل ثاني، وهو من الأسرة الحاكمة في قطر، خليفة له، وهو ليس صحفيا، بل مدير تنفيذي في شركة قطر غاز، التابعة للحكومة.
وتقول إنه على الرغم من أن تعيين عضو آخر بالأسرة الحاكمة مديرا عاما للجزيرة، ربما لا يكون ذا مغزى كبير، بالنظر إلى أن مالكها أيضا من الأسرة الحاكمة، فإن المؤشرات لا تبدو طيبة بالتأكيد.
كانت هناك أسباب قوية للتساؤل حول مدى الاستقلالية التي يتمتع بها الطاقم التحريري للجزيرة، وفقا للمجلة، التي تلفت إلى أن وزارة الخارجية الأمريكية تنظر للجزيرة بوضوح على أنها أداة للسياسة الخارجية لقطر، حيث تقول برقية دبلوماسية يعود تاريخها لشهر نوفمبر 2009، أن قطر تستخدم الشبكة كأداة للمساومة لتحسين العلاقات مع دول أخرى، وبخاصة الدول التي تسلط الجزيرة الضوء عليها، بما فيها الولاياتالمتحدة.
وقالت فورين بوليسي: «الجزيرة تخصص بما يثير الشك وقتا ضئيلا لتغطية السياسات في الخليج، وعلى سبيل المثال، فبعد التقارب بين قطر والسعودية، انخفض مستوى النقد في القناة للأسرة الحاكمة السعودية بشكل دراماتيكي.»
المجلة قالت أيضا إنه من خلال متابعة تغطية القسم العربي للجزيرة على مدار الشهور القليلة الماضية، يتبين أنها خفضت تظاهرها بالاستقلالية، بل وبدت في بعض الأحيان وكأنها الشبكة الرسمية لوزارة الخارجية القطرية، وهو ما يتضح في الفارق الكبير بين تغطيتها القوية للثورة الليبية التي دعمتها قطر عسكريا، وفي المقابل كانت نزعتها الهجومية المعتادة غائبة في تغطيتها للانتفاضة في البحرين.
الشبكة كذلك قطعت تغطيتها الطبيعية لمدة ساعتين، لتظهر الإعلان النهائي لاتفاق السلام في دارفور برعاية الدوحة.
وتتسائل المجلة الأمريكية كيف استطاع خنفر أن يتماشى مع هذا النوع من الازدواجية لهذا الوقت الطويل، وأنه ربما استقال لأنه لا يريد أن يستمر بهذا الشئ لكنها أكدت أن العالم العربي سيتابع الجزيرة عن قرب ليرى ما إذا كان خليفة خنفر، سيقصف أجنحتها.
نفى خنفر أي علاقة لاستقالته بوثيقة نشرها موقع التسريبات الشهير ويكليكس مؤرخة في أكتوبر 2010، تحدثت عن وجود علاقة بين خنفر ووكالة الاستخبارات العسكرية الأمريكية تظهر أن خنفر قلل من لهجة التغطية الإخبارية لشبكته استجابة لضغوط أمريكية، لكن صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية تقول إن استقالته جاءت في نفس اليوم الذي نشرت فيه الوثيقة.
صحيفة الهافينتون بوست اليسارية هي الأخرى تسلط الضوء على اختلاف تغطيات الجزيرة للربيع العربي، معتبرة أنه على الرغم من استقلالية القناة النسبية، فإن كثير من الناس يعتقدون أن تغطياتها تعكس آراء مالكيها القطريين.
وقالت إن الجزيرة لعبت دورا رياديا ومؤثرا في التغطية، وربما تشجيع الاحتجاجات في تونس ومصر، وكانت أكثر عدائية لنظام القذافي، في حين يتحدث البعض الآن عن ازدواجية المعايير في تغطيتها العاطفية للثورة السورية، وبين تجاهلها النسبي للصراع في البحرين، جارة قطر الخليجية.
والبرقيات الدبلوماسية الأمريكية يبدو أنها ستفتح نافذة جديدة على علاقة الشبكة بحكومة قطر وغيرها من الحكومات.