في خيمة صغيرة لا تصف إلا بأنها غير آدمية، تعيش "سيدان مسنتان" تظهر عليهما آثار المرض، تهديدهما بالطرد من هذا المسكن البائس، معاناة فوق معاناتهما من الآلام. "حجاجية وعديلة" شقيتين بلغا من العمر ما يقارب ال60 عامًا، إحدهما ضريرة والأخرى تعاني من هشاشة في العظام، خرجن إلى الدنيا ليجدن أنفسهما يعيشان وسط الزراعات مع والدهما الذي عينه أحد الأشخاص كحارس لقطعة أرض يقوم بزراعتها وحراستها، وبمرور الزمن تبدل الحال لتهديدهن بالطرد بعد قيام وريث صاحب الأرض ببيعها. تروي الأخت الأكبر قصتها ل"التحرير"، قائلة أنهما ولدا في قرية أرمنت بغرب الأقصر، وكان والدها يعمل كحارس لقطعة أرض زراعية ولديهم منزل صغير بداخلها و صاحبها غير متواجد بالمحافظة. وتابعت، "أصابني العمى منذ طفولتي، وكان والدي يزرع الأرض ويبيع المحصول ثم يذهب إلى صاحب الأرض ليعطيه ثمنه، وبمرور الزمن مات والدنا، وبقينا متواجدين أنا وأختي نزرع وبيع ونبعت للراجل فلوسه، إلى أن وافته المنية هو الآخر". وأضافت، "بعد كل السنين اللي قضيناها في الأرض صاحبها باعها من غير ما يقولنا، وجانا المشتري الجديد وهددنا بالطرد واشتكانا، ولما اتعرضنا على النيابة شافنا الوكيل وصعبنا عليه فقاله شوفلهم مكان يقعدوا فيه، وللأسف معملش حاجة، صاحب الأرض يقول مشكلتكم مع المشتري، والمشتري يقول معنديش فلوس أجيبلكم بيوت". وقاطعت عديلة الحديث متسائلة، "كتير علينا نقعد في عشة بحق خدمتنا أكتر من 70 سنة في الأرض من أول أبويا واحنا كملنا بعد وفاته؟". وذكرت، "أنا تعبانة مش بعرف أمشي وأختي ضريرة، ومش معانا حد غير ربنا، لا نعرف هنروح فين ولا نيجي منين". وعادت حجاجية إلى الحديث"، "أختي الهشاشة أكلت مفصل رجلها، وعندنا مرض في الكلى، والمرض سارح في جسمها كله، و مش عارفة أوديها لأي دكتور علشان متقدرش تمشي، وأنا كل اللي نفسي فيه أعالجها". ويقول عماد قمص، أحد أهالي البلدة الذي يقوم على رعايتهما، "حجاجية وعديلة، كبار في السن وأنا بحاول أعمل اللي يقدرني عليه ربنا علشان مفيش حد معاهم، بجيلهم كل صبح أغسلهم هدومهم وأعملهم أكل وأعبيلهم جراكن ميه وأمشي". وأوضح أنهما ولدا على تلك الأرض و بلغا من العمر 60 عامًا، وأصابتهما أمراض الشيخوخة الآن بالإضافة إلى أمراض أخرى، وبيعت الأرض دون الرجوع إليهما أو اعطائهما ثمن الحراسة طوال تلك السنوات التي قضنها عليها. ومن جانبه أشار أحمد سيد وكيل وزارة التضامن الإجتماعي، إلى إرسال لجنة للسيدتين وعمل بحث لمساعدتهما وتقديم الخدمات التي يحتاجنها.