نعلم أن جماعة الإخوان أممية التنظيم، وأن ولاء قادة وكوادر الجماعة، لا للأوطان التى يعيشون فيها ويحملون جنسيتها، فهم يتعاملون مع الوطن من منطلق مرحلى انتقالى، على غرار التعامل مع السكن المفروش أو الإيجار المؤقت المدة، وكنا نعلم أن الجماعة تتعامل مع عدو العدو على أنه صديق، وأنها قد تبتهج بضرب أخ لها تناصبه العداء على يد عدو إيديولوجى أو استراتيجى، فقد سجد قادة الإخوان شكرا لله بعد عدوان يونيو 1967 لأن العدوان كسر جمال عبد الناصر ووجه ضربة لمشروعه القومى، لم يتوقفوا أمام أنها هزيمة لمصر وجيشها ومأساة لعشرات الآلاف من الأسر المصرية التى فقدت خيرة شبابها ما بين شهد ومصاب ومُقعد، لم يتوقفوا أمام كون الهزيمة جاءت على يد كيان صهيونى غاصب لأرض فلسطين التى كثيرا ما قالوا إنها أرض وقف إسلامى لا يمكن التفريط فى شبر منها، وأنشدوا فى حملات مرسى الانتخابية «ع القدس رايحين.. شهداء بالملايين». احتفل الإخوان بهزيمة مصر على يد إسرائيل فى يونيو 1967، ومنهم من صلى شكرًا لله على هزيمة مصر وناصر على يد إسرائيل. الجماعة نفسها ظلت تحمل نفس الأفكار، وإن تغيرت الأجيال وتبدلت الأسماء والوجوه، فهى كما هى ولاؤها لذاتها لا للأوطان، والوطن عندهم محل للإقامة المؤقتة، يعميها عداؤها السياسى عن تقدير الأمور ورؤية الحقائق التى تصبح وجهات نظر. أفراد الجماعة هللوا وكبروا فى رابعة العدوية عندما أعلنت لهم المنصة أن بارجتين حربيتين أمريكيتين تحركتا باتجاه السواحل المصرية، فقد فهموا الخبر على أن أمريكا قررت التدخل العسكرى فى مصر لإعادة مرسى إلى رأس السلطة، هللوا وكبروا لمجرد سماع نبأ تحرك قطع بحرية أمريكية باتحاه السواحل المصرية، هو موقف ينم عن خلل حقيقى فى أفكار ومعتقدات هذه الجماعة التى تتعامل مع الوطن باعتباره مصر ضمن أمصار كثر لا تختلف عن أى مصر أخرى، وهو ما قصده المرشد السابق للجماعة مهدى عاكف، عندما قال كلماته الشهيرة: «طظ فى مصر» وإنه ليس لديه مانع من أن يحكم ماليزى مصر، المهم لديهم أن يكون إخوانيا، فالرابطة هى الجماعة لا الوطن ولا الجنسية. سارت الجماعة فى إظهار كراهيتها للوطن خطوات أخرى على غرار ما فعلت الأجيال السابقة، فقد حملت لهم وسائل الإعلام نبأ ضرب خلية جهادية فى مدينة رفح، مما أدى إلى مقتل أربعة إرهابيين ينتمون إلى جماعة مرتبطة بتنظيم القاعدة، وذكرت بعض وسائل الإعلام أن الغارة شنتها طائرة إسرائيلية دون طيار، هنا هلل قادة الجماعة وكبروا على اعتبار أن إسرائيل ضربت هدفا على الأراضى المصرية، أى أن إسرائيل اعتدت على السيادة المصرية، لم يتوقفوا ليتبينوا حقيقة ما جرى وهل هى غارة إسرائيلية أم مصرية، شخصيا لم يكن لدى شك فى أن الجيش المصرى هو مَن قام بهذه العملية ضمن حملته لتطهير شمال سيناء من الإرهابيين المرتبطين بتنظيم القاعدة والذين ينسقون عملياتهم مع جماعة الإخوان، ألم يقل البلتاجى «يعود مرسى إلى منصبه وتتوقف فى نفس الثانية العمليات فى سيناء»؟، لم يكن لدى شك فى أن مَن قام بالغارة طائرة أباتشى مصرية لأننى أعلم جيدا قيمة وقدر بلادى وجيشها الوطنى، لم يكن لدى شك لأننى وبحكم تخصصى فى الشؤون الإسرائيلية أعلم تماما التقدير الإسرائيلى للجيش المصرى، لم يكن لدى شك لأننى أعلم أن إسرائيل كدولة مسؤولة لا يمكن أن تقدم على عمل ينتهك السيادة المصرية ونحن لسنا فى حالة حرب، لم يكن لدى شك لأننى أعرف أن الجانب الإسرائيلى بإمكانه أن ينسق مع الجانب المصرى أى عملية عسكرية ضد جماعات إرهابية متطرفة فى شمال سيناء، ومن ثم فالسؤال هو لماذا تقدم إسرائيل على شن غارة على الأراضى المصرية لاستهداف عناصر إرهابية يقوم الجيش المصرى بالتصدى لها ويشن عليها حربا بلا هوادة؟ لو فكر قادة الجماعة فى الأمر مليا لما أقدموا على الاحتفال بالغارة الإسرائيلية المزعومة، ولما أظهروا مشاعر شماتة فى الوطن والجيش. أكثر من ذلك أقدمت إحدى الأخوات على رسم كاريكاتير يصور جنديا مصريا (كناية عن الجيش المصرى) وعلى قفاه علامات ضرب مبرح، مشيرة إلى أنها الغارة الإسرائيلية المزعومة على الأراضى المصرية، ثم كتبت إلى جوارها عبارة «تسلم الأيادى»، والمعنى باختصار أن الغارة الإسرائيلية المزعومة على الخلية الإرهابية هى بمثابة لطمة على «قفا» الجيش المصرى، وأن إحدى عضوات الجماعة علقت على ذلك بعبارة تسلم الأيادى، أى تسلم الأيادى الإسرائيلية التى ضربت الأراضى المصرية! أى نوع من البشر هؤلاء؟ وماذا يتلقون من تعلميات ويلقنون من أفكار تجعلهم يقبلون بالأكاذيب سريعا ويحتفلون بعدوان صهيونى على جيش مصر (عام 1967) ويقولون لهم إن إسرائيل قتلت إرهابيين على الأراضى المصرية، فيعتبرون ذلك ضربة للجيش المصرى ويعقبون بعبارة «تسلم الأيادى»، مؤكد أنهم لا يستحقون حمل الجنسية المصرية والمؤكد أيضا أنهم أناس مرضى فى حاجة إلى العلاج النفسى، حتى يتعافوا من مرض الجماعة ويشفوا من أفكارها المعادية للوطن وللوطنية وللإنسانية أيضا.