أصدرت السلطات التركية، اليوم الأربعاء، مرسومًا يقضي بإطلاق سراح 38 ألف سجين ممن تمت إدانتهم بجرائم جنائية قبل يوم 1 يوليو الماضي وحصلوا على أحكام مخففة، وذلك من أجل السماح بسجن أعداد أكبر من المتهمين بالاشتراك في الانقلاب العسكري الفاشل الذي وقع في 15 يوليو الماضي، وهو الأمر الذي اعتبره البعض إشارة على زيادة توحش الرئيس أردوغان لاعتقال المزيد ممن يتهمهم بالانتماء إلى جماعة فتح الله جولن. وقال الكاتب البريطاني الشهير، روبرت فيسك، في مقاله اليوم بصحيفة "الإندبندنت": إن "هذه الخطوة سوف تسمح باعتقال أعداد أكبر، ولكنهم سوف يقضون سنوات طويلة في السجن من دون محاكمة". ويرى "فيسك" أن لعبة الأرقام أصبحت مثيرة للاهتمام، مشيرًا إلى أنه كان هناك 187 ألف سجين في تركيا في شهر مارس الماضي، ومنذ الانقلاب الفاشل، قام رجال الشرطة بسجن أو احتجاز للاستجواب 23 ألف على الأقل من الجنود والمدنيين والقضاة والصحفيين والمعلمين وموظفي الخدمة المدنية، وقد يصل هذا الرقم من 32 ألف إلى 35 ألف. وأضاف "الآن الحكومة تطلق سراح 38 ألف ممن يقبعون في السجون قبل 1 يوليو، أو بعبارة أخرى، المجرمين الذين لا يمكن أن يكونوا قد شاركوا في محاولة إسقاط أردوغان"، لذلك فإن الحكومة تخرج 38 ألف من زنزاناتهم لإفساح الطريق لدفعة جديدة من السجناء. وأوضح "الكاتب" أن الحكومة أصرت على أن هذا القرار لم يكن عفوًا، فالمثير للدهشة، هو أن المرسوم وصف بأنه جزء من الإصلاح الجنائي الذي يشمل 364 سجن في البلاد". ولفت الكاتب البريطاني إلى أن القرار يعتبر انعكاس هام، ليس فقط للسهولة التي يمكن لتركيا إطلاق سراح السجناء بها ولكن أيضًا على كيفية تأثير أزمة سياسية وكيف يمكن أن تطغي سريعًا على النظام الأمني في البلاد. نوه "فيسك" إلى أنه عندما قام الجيش التركي بانقلاب عسكري في عام 1980، كان يجب أن يتم رفع سعة السجون من 55 إلى 80 ألف سجين حتى تكفي لاستيعاب الأعداد المتسارعة من المعتقلين الأمنيين. وأوضح أن هؤلاء، الذين كان معظمهم من الرجال المنتمين إلى اليسار واليمين المتطرف في تركيا والذين كانوا يتهمون بالاشتراك في الانقلاب، عانوا من ظلم السجن لسنوات عديدة وغالبًا من دون محاكمة. وعلق بالقول "ليس هناك سبب للافتراض بأن الدفعة القادمة من السجناء سوف يحققون نتائج أفضل من هذه على جرائمهم المفترضة بالانتماء إلى منظمة جولن". وأوضح الكاتب أن السجون التركية بالفعل لها سمعة من الفساد والسادية والقسوة التي تعود إلى أيام العثمانيين، لافتًا إلى أن أشهر سجين في البلاد هو زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، الذي من المفترض أن يستمر في حبسه الانفرادي في جزيرة إمرالي في بحر مرمرة لمدة ثماني سنوات ونصف. وأنهى فيسك مقاله قائلًا: "الغريب أن نفس هذه المراسيم التي قضت بإطلاق سراح ال38 ألف سجين، قد قررت أيضًا إقالة 2360 من رجال الشرطة، وأكثر من 100 شخص على الأقل من الضباط والجنود ونحو 190 من موظفي الخدمة المدنية، وبالتأكيد هو أمر مفروغ منه، وبالنظر إلى الدفعة الجديدة من السجناء، فإن حراس السجن لن يتم إدراجهم أبدًا في سجلات الفصل من العمل في المستقبل".