الخارجية الأمريكية: نؤيد جهود آشتون فى تهدئة الأوضاع ومنع العنف وسد الفجوة السياسية بين الفرقاء بمصر ساكى: كيرى اتصل بنظرائه فى كل من الإمارات وتركيا وقطر لبحث حل للأزمة المصرية واشنطن تواصل اتصالاتها المكثفة والهادئة معا من أجل احتواء الموقف المشتعل فى مصر. وواشنطن ما زالت ترى أن التوافق السياسى والمصالحة الوطنية وعدم إقصاء أى فصيل من المشهد المصرى هو السبيل الأفضل وربما الوحيد أيضا لمواجهة الأزمة الراهنة. ولا شك أن الإدارة الأمريكية تتعامل بحذر وتخوف ولا تريد بالطبع أن تخسر مصر أو أن تخاطر ب«الترتيبات الأمنية» بين مصر وأمريكا والممتدة على مدى الثلاثين سنة الماضية. لكن سقوط قتلى آخرين فى شوارع مصر فى المواجهات القائمة أو القادمة بين قوات الأمن وأنصار مرسى لا يمكن «غض الطرف عنه» والسكوت عليه. هذا ما يحذر منه البعض من أهل واشنطن. إلا أن التلويح بقطع المعونات أو تعليقها «مخاطرة ليست وقتها على الإطلاق»، خصوصا أنها تثير من جديد الشكوك حول ما قيل وتردد عن مساندة الإدارة للإخوان المسلمين. وبأن الإدارة بالتالى تأخذ تلك الخطوة عقابا لما حدث أو سيحدث للإخوان. وهذا الأمر غير مطروح بالمرة. جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى اتصل يوم الإثنين من جديد بمحمد البرادعى نائب الرئيس وأيضا بكاترين آشتون الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية فى الاتحاد الأوربى خلال وجودها فى القاهرة. وخلال الموجز اليومى للخارجية الأمريكية ذكرت جين ساكى المتحدثة باسم الخارجية أن كيرى اتصل بآشتون وتشاور معها بالتليفون. وقالت ساكى: «نحن نؤيدها تأييدا كاملا ونقدر جهودها (آشتون) فى تهدئة الأوضاع ومنع عنف أكثر ولسد فجوة الفروقات السياسية والمساعدة فى وضع أساس عملية سلمية تشمل الكل». كما أن الخارجية أبدت ترحيبها واهتمامها بمحاولات آشتون للقاء الرئيس المعزول والسعى لإيجاد حل ومخرج للموقف المتوتر. وحسب ما ذكرته المتحدثة باسم الخارجية فإن كيرى خلال عطلة نهاية الأسبوع اتصل بنظرائه فى كل من الإمارات وتركيا وقطر. ولم يعد بالأمر الخفى أن الإدارة الأمريكية لا تجد آذانا مصغية فى مصر لكل ما يأتى من جانبها. ليس هذا «ولم يكن هذا» هو المتوقع بالطبع إلا أن توتر الموقف وتقلبه الدائم لهما نصيب كبير فى دفع مزيد من القلق والمخاوف لدى صناع القرار فى واشنطن. خصوصا أن لعبة التوازنات والحفاظ عليها «تربكها» أحيانا الأحداث فى مصر ومواقف السلطات القائمة بها. وحاولت صحيفة «نيويورك تايمز» بالأمس أن تلقى ببعض الأضواء على حيرة الإدارة وتخبطها وأيضا رغبتها فى الحفاظ على المصالح و«الترتيبات الأمنية» ولجوئها إلى «غض الطرف» أحيانا فى تواصلها واتصالاتها مع القيادات فى مصر. وذكرت «نيويورك تايمز» بأن «ما تم خلال الأسابيع الأربعة الماضية من دبلوماسية مكثفة وإن كانت هادئة فإن إدارة أوباما منخرطة فى حركة توازن تقوم من خلالها بحث جنرالات مصر على تفادى العنف واستعادة حكومة ديمقراطية مع محاولة (الإدارة) عدم تعريض ما قد يكون لها من نفوذ للخطر أو تقويض الترتيبات الأمنية التى كانت جوهر العلاقة الممتدة عبر العقود الثلاثة الماضية». ومثلما تمت الإشارة فى الأيام الأخيرة فإن التواصل بين واشنطنوالقاهرة مستمر ومكثف إلا أن الاستجابة قليلة أو غير واضحة ومحددة وأحيانا متعثرة. فى هذا الصدد تذكر «نيويورك تايمز» أن المسؤولين الأمريكيين غير متأكدين عما إذا كانت المكالمات التى تتم من هيجل وزير الدفاع وكيرى وزير الخارجية والسفيرة باترسون ب«تفرق» أو لديها أى أثر أو تأثير. وحسب الصحيفة نفسها قالت تمارا كوفمان ويتس مديرة مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط بمعهد بروكنجز «إذا كان كل شىء نفعله يدور حول كيفية حفاظنا على هذه العلاقة. فإنه يقوض فى الوقت نفسه ما نحاول أن نحققه». وأضافت: «أعتقد أن الأمر بات أكثر وضوحا وأننا لا نستطيع أن نحقق الاثنين معا». أما الدبلوماسى المعروف دينيس روس فيرى أن الإدارة يجب أن تجعلها واضحة بأن لديها «خطوطا حمراء»، وإذا تم تخطيها فإن النتيجة ستكون قطع المساعدات. وأن يتم إقناع السعودية والإمارات ودول الخليج وما لديهم من مساندة مالية أكثر من الولاياتالمتحدة أن تضغط على الجنرالات فى مصر. إلا أن موضوع المفاضلة ما بين المصلحة والمبدأ أو بتصنيف آخر ما بين الأمن والديمقراطية غير مطروح فى واشنطن فى الوقت الحالى على الأقل. ولا شك أن الجدل حول المساعدات لمصر وضرورة منحها بشروط لم يتم حسمه نهائيا بعد. إذ طرح السيناتور الجمهورى البارز راند بول من جديد مشروع قرار خاص بقطع المعونة عن مصر قدمه فى مجلس الشيوخ. وكما طالب دانييل كيرتزر السفير الأمريكى السابق فى مصر فى جلسة بالكونجرس باستمرار المساعدات فإنه حذر فى تقرير «نيويورك تايمز» من تبعات أن يقوم البيت الأبيض بقطع المساعدات، لأنه بهذه الخطوة سوف يبدد أداة الضغط الوحيدة التى تملكها الولاياتالمتحدة. كما أن خطوة مثل هذه سوف تؤكد شكوك كثير من المصريين من أن الإدارة تساند الإخوان المسلمين. وتذكر «نيويورك تايمز» أن الجدل حول المساعدات، حسب رأى بعض المحللين تؤكد عدم وجود استراتيجية جديدة للتعامل مع مصر. إذا لم يقم البيت الأبيض حسب ما ذكره المحللون بإجراء ما يسمى بمراجعة استراتيجية لسياستها الخاصة بمصر منذ أن تمت الإطاحة بحسنى مبارك فى عام 2011. وبما أن ملف سيناء أمر حيوى وقضية مثارة باستمرار و«قنبلة موقوتة» قد تتفجر فى أى لحظة. ولا أحد يريد أن تصل الأمور إلى هذا السيناريو الرهيب. فقد نشرت صحيفة «واشنطن بوست» منذ يومين تقريرا مطولا عن الأوضاع فى سيناء وما يسعى الجيش المصرى أن يحققه فى مواجهة الميليشيات الإرهابية وانتشار الأسلحة فى سيناء. وعندما طرحت «التحرير» سؤالا عما نشر وموقف الخارجية الأمريكية قالت جين ساكى المتحدثة باسمها فى الموجز اليومى: «بالتأكيد رأينا تلك التقارير ونحن نتابع عن كثب الأحداث على الأرض. ولا يزال يساورنا القلق تجاه الوضع الأمنى فى سيناء، وبشكل أوسع نحن نواصل الاعتقاد بأن سيناء حيوية لمستقبل مصر وللمنطقة. وكما قلنا فى السابق نحن ندين أى عنف فى مصر وأى تحريض للعنف. إن العنف لا يحقق ولن يحقق تطلعات الشعب المصرى نحو الكرامة والحكم الديمقراطى والمساواة الاقتصادية». ملفات مصر كلها مطروحة للنقاش والتشاور والجدل.. خصوصا أن تبعاتها وتداعياتها لا تقتصر على مصر فقط بل على المنطقة برمتها!