كتب: محمد سليمان وعمر فارس مساء أمس السبت، أعلن البرلمان التونسي، سحب الثقة من الحكومة التونسية التي يرأسها الحبيب الصيد، بعد عامٍ ونصف العام من تشكيلها، وذلك بعد التصويت على مقترح بسحب الثقة وافق عليه 118عضوًا، في الجِلسة العامة. ولعل أبرز الأسباب التي دعت إلى سحب الثقة من الحكومة التونسية، فشلها في تحقيق برنامجها الذي أعلنته قبل عام ونصف، والفشل في القضاء على الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، بالإضافة لتزايد معدل البطالة، أمّا البرلمان المصري، برئاسة الدكتور علي عبدالعال، لا يزال حتى الآن بعيدًا عن استخدام أدواته الرقابية تجاه حكومة المهندس شريف إسماعيل، والتي أعلنت برنامجها أمام مجلس النواب في 27 مارس «قبل 4 شهور»، ووافق عليه أكثر نصف عدد أعضاء المجلس وتحديدًا 433 عضوًا. ورغم مرور 3 شهور على مجلس النواب المنتخب - والذي بدأ عمله يناير الماضي، دون تقديم استجوابات أو طلبات إحاطة، أو أسئلة عاجلة، بداعي أن الحكومة لم تكن قد أعلنت برنامجها أمام المجلس حينذاك، إلّا أن ال 4 شهور التالية لإعلان الحكومة لبرنامجها والموافقة عليه من قبل أغلبية المجلس، لم تشهد أيضًا البدء في حضور أي وزير من وزراء الحكومة؛ للرد على طلبات الاستجوابات المقدّمة، بينما اكتفى مجلس النواب، بمناقشة موضوعات بعض الاستجوابات، وطلبات الإحاطة، والأسئلة العاجلة التي تقدم بها أعضاؤه فقط، إلّا أنه لم يتم البدء في مناقشة أي وزير في تلك الطلبات المقدّمة، وذلك رغم اقتراب دور الانعقاد الأول للمجلس من الانتهاء، والذي ستكون آخر جِلساته الأسبوع الأول من شهر سبتمر المقبل - وفقًا للدستور، أي بعد أقل من 40 يومًا من الآن. تنص المادة 113 من الدستور «باب السلطة التشريعية»: «لمجلس النواب أن يقرر سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء، أو أحد نوابه، أو أحد الوزراء، أو نوابهم. ولا يجوز عرض طلب سحب الثقة إلّا بعد استجواب، وبناء على اقتراح عُشر أعضاء المجلس على الأقل، ويصدر المجلس قراره عقب مناقشة الاستجواب، ويكون سحب الثقة بأغلبية الأعضاء، وفي كل الأحوال، لا يجوز طلب سحب الثقة في موضوع سبق للمجلس أن فصل فيه في دور الانعقاد ذاته، وإذا قرر المجلس سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء، أو من أحد نوابه أو أحد الوزراء، أو نوابهم، وأعلنت الحكومة تضامنها معه قبل التصويت، وجب أن تقدم الحكومة استقالتها، وإذا كان قرار سحب الثقة متعلقًا بأحد أعضاء الحكومة، وجبت استقالته». علّقت مارجريت عازر، القيادية بائتلاف دعم مصر، وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، على سحب البرلمان التونسي الثقة من الحكومة، قائة إنه لا توجد مقارنة بين البرلمان التونسي والمصري، خاصة أن نظام كل منهما بعيد كل البعد عن الأخر. أضافت عازر، ل"التحرير"، اليوم الأحد، أن سحب الثقة من الحكومة "قرار سياسي" في الأصل، ويأتي بناءً على إجماع من نواب الشعب، طبقًا لما يقرره الدستور، مستدركة: "في تونس رأى البرلمان أن الحكومة مقصّرة، فاتخذ هذه الخطوة وفقًا لقواعده المقرره في دستوره، لتلبية طموحات الشعب من خلال حكومة جديدة". أكدت عازر، أن البرلمان المصري لا يتربص للحكومة نهائيًا بسحب الثقة منها، لكن يمكن سحب الثقة من أكثر من وزير ، وذلك بناءً على تقييم هؤلاء الوزراء، مشيرة إلى أن هناك عددًا من الوزراء مقصّرون، لكن في مجمل الأمر الحكومة تعمل بشكل جيد وهناك وزراء أخرون يعملون بطريقة سليمة وجيدة، لذلك لا يمكن القول بأن سحب الثقة من الحكومة أمر وارد. تابعت القيادية بائتلاف دعم مصر: "تقصير الأداء الرقابي للنواب المصريين وخصوصًا في طلبات الاستجوابات يأتي لعدة أسباب أهمها انعقاد الدور التشريعي الأول بعد موعده ب 3 شهور، وثانيها التحقيقات الدستورية التي كلّف بها النواب في أول دور الانعقاد وهي مناقشة القرارت بقوانين التي أقرّها الرئيسين عدلي منصور وعبدالفتاح السيسي، وإعداد اللائحة الدخلية لتنظيم عمل مجلس النواب، فضلًا عن مناقشة مشروعات القوانين التي يتقدم بها النواب"، لافتة إلى أن النواب يعملون بجهد كبير، مستخدمين أدواتهم الرقابية داخل اللجان، ويتقدمون بطلبات إحاطة كثيرة جدًا. ويقول رامي محسن، مدير المركز الوطني للاستشارات البرلمانية، إن النظام البرلماني التونسي يشبه إلى حد كبير النظام البرلماني المصري، من حيث إجراءات ومتطلبات سحب الثقة من الحكومة، مؤكدًا أن قرار البرلمان التونسي لابد أن يكون درس للبرلماني المصري - بأنه لا يوجد لا أحد فوق سلطة سحب الثقة من الوزراء. أوضح محسن، أنه لا يجوز أن يخرج وزيرًا ليكذّب البرلمان، ومنها على سبيل المثال، تكذيب اللجنة المشكلة من البرلمان بخصوص فساد صوامع القمح، والتي يترأسها النائب مجدي ملك، لافتًا إلى أن تركبية البرلمان الحالي لا تعطي أي مؤشر بإمكانية سحب الثقة من أي وزير بالحكومة، نظرًا لأن سحب الثقة يحتاج إلى أغلبية المجلس «50%+1»، ما سيرفضه بالقطع ائتلاف دعم مصر. تابع محسن: «إلّا أن أقلية مجلس النواب يكمنها أن تصل لمرحلة ما قبل سحب الثقة، بالبدء في إجراءاتها حتى عملية التصويت والتي سترفض من الأغلبية، إلّا أن التهديد بسحب الثقة سيكون مكسب في ذلك الوقت».