«الله أكبر، يسلم فمك». صيحة جماعية استقبل بها عشرات العمال حكم محكمة القضاء الإدارى، وهو يخرج من بين شفتى المستشار حمدى ياسين رئيس دائرة الاستثمار بمحكمة القضاء الإدارى، ليقضى ببطلان عقود بيع 3 من شركات القطاع العام، هى «طنطا للكتان»، و«شبين الكوم للغزل»، و«النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط». ويسدل الستار على معركة قانونية وعمالية امتدت إلى أشهر عديدة. العمال الذين تم تشريدهم، انطلقوا فى موجات فرح متتالية، ابتهاجا بالحكم الذى اهتزت له أركان مجلس الدولة. تعبيرات وجه القاضى ياسين لم تتأثر بالمشهد المهيب، ظلت محافظة على وقار ملامحه، وسمته الهادئة. اكتفى بالصمت وتأمل المشهد، وانتظر هدوء العمال، لإكمال النطق بالأحكام.
لم يكتف بذكر المقولة المعتادة لقضاة مجلس الدولة «قبول الدعوى شكلا وموضوعا بإلغاء القرار المطعون عليه»، وأصر على ذكر كل الآثار المترتبة على أحكامه الثلاثة التى سيسجلها التاريخ فى باب إنجازات ما بعد ثورة 25 يناير، ليثلج صدر آلاف العاملين، الذين جاؤوا من محافظات بعيدة وقطعوا آلاف الأميال ليستمعوا فقط إلى الحكم التاريخى.
ياسين أكمل عامه الثالث، معتليا منصة دائرة الاستثمار بمحكمة القضاء الإدارى، التى أصدر من خلالها آلاف الأحكام التى تنتصر لحق المواطن فى حياة كريمة، والمصنف حكوميا ب«عدو الاستثمار» قرر أن لا يغادر منصة القضاء، قبل إعادة 3 من أبرز الشركات التى تم خصخصتها إلى أحضان القطاع العام. وسبق له أن أصدر حكما ببطلان خصخصة شركة «عمر أفندى» وعودتها إلى الدولة، وهو صاحب الحكم الأشهر بتغريم الرئيس المخلوع، ووزير داخليته حبيب العادلى ورئيس وزرائه أحمد نظيف 540 مليون جنيه عن الأضرار المادية والأدبية التى سببوها للمواطن، جراء قرارهم بقطع الاتصالات وخدمات الإنترنت عن الثوار خلال ثورة 25 يناير. ومن المقرر أن يترأس ياسين إدارة الفتوى بوزارة الصناعة والتجارة، بدءا من أول أكتوبر القادم، ويرى أن الحكومة لا يجب أن تتلكأ فى حماية الاستثمارات الخارجية، لعدم استرداد جميع الشركات التى تم نهبها وسرقتها، تحت مسمى الخصخصة، مرددا جملته الشهيرة أن «المستثمر الحق هو من يسهم فى تنمية المجتمع الذى يستثمر أمواله فيه، ويعمل على النهوض بالمشروع المكلف بتنميته، وليس فقط تنمية أمواله واستثماراته،لأن فضيلة الاستثمار الحق تتمثل فى قدر من التوازن، بين رؤية جادة للدولة المضيفة إلى الاستثمار بالحرص على رعاية مصالحها الوطنية، وعلى رأسها الحفاظ على الممتلكات العامة وحقوقهم، يقابله مسلك جاد من المستثمر فى تعاقده مع سلطات الدولة المضيفة مسلك يخلو من شبهات الفساد».