يعاني أصحاب مهنة صناعة الجريد في محافظة سوهاج الفقر والبطالة، والخوف من اندثار حرف يعتمدون عليها بشكل أساسي في توفير سبل معيشتهم، ومن هذه الحرف صناعة "الجريد". "التحرير" حاولت الوقوف على معاناة أصحاب هذه الحرفة ومطالبهم، خاصة في مراكز: المنشاة، وقرية الحما مركز طما، التي يشتهر أهلها جميعهم بالعمل في المهنة، وعائلة "القفاصين" مركز طهطا. عبد الرزاق عامر، 55 عامًا، من قرية الحما، يقول: "منذ أن نشأنا لا نعلم مهنة سوى صناعة الجريد، كنا في الصغر نساعد أبائنا في أعمال تلك المهنة التي ورثوها عن أجدادنا، وتمتاز بأنها تظهر إبداع من يعملون بها إذا إنهم يحولون بعض الجريد الخام الذي يشترونه أو يقومون بجلبه من النخيل بأنفسهم إلى أشكال متعددة وجميلة منها السراير والأقفاص والفوانيس". ويضيف: "كنا في السابق نصنع أنواع عدة من الأشياء التي تستخدم وأساسها الجريد وكان الإقبال كبيرًا عليها فكنا نصنع الكراسي الخشبية والهوايات وأشكال زينة ولوحات توضع على الجدران من الجريد والزعف المقلم منه". ويتابع: "لا يخلو منزل بقرية الحما إلا وبه حرفي يعمل في صناعة الجريد إلا أن الأمر اقتصر في الوقت الحالي على صناعة الأقفاص للشوادر والأقفاص الكبيرة "العدايات" لتربية الطيور بها والماعز". وعن مراحل عمله يوضح: "نشتري الجريد بعد تقليمه من النخيل وينزع "الصنايعية" الزعف والشوك منه وينظفوه وهنا ينتهي دورهم ويأتي دوري وعلى أساس ما سأقوم بعمله أبدأ تقطيع عود الجريد وأصبح الآن بيدي مقاس طبيعي لتقطيع الجريد بشكل حرفي حسب شكل القطعة التي سأبدأ بها فعمل الأقفاص الصغيرة يختلف في المقاسات عن الكبيرة، كما أن عمل "المزهريات" يختلف عن الفانوس، وكله يحتاج لمهارة خاصة". ويذكر: "الأمر لا يخلو من استخدام بعض العدة مثل قطعة من المعدن تسمى "علام" لتخريم الجريد وساطور للتقطيع وقرمة من الخشب مثبته على الأرض يدق عليها الجريد ويخرمه بمقاسات ثابتة ومحسوبة". وعن أسعار البيع التي يحاول أن يضع بها هامش ربح بسيط من أجل الحفاظ على الزبون، يذكر: "بعض الأنواع التي يتم صناعتها بالطلب مثل الكرسي الهزاز سعره 150 جنيهًا، والفانوس بعد تزيينه يصل سعره إلى 50 جنيهًا فما فوق، والمزهريات الخاصة بالزينة وكراسي وترابيزات المقاهي والجلسات العربية سعرها يصل إلى 100 جنيه، وسرير الأطفال يباع ب20 جنيهًا، وطبق العيش ب3 جنيهات، وعداية الدجاج ب20 جنيهًا، وقفص الفاكهة ب5 جنيهات". وعن المشكلات التي تواجهه في الوقت الراهن، يوضح: "أنا أرزقي من الممكن أن أبيع في أسبوع بمبلغ كبير وتأتي أشهر لا أبيع قطعة واحدة رغم وجود كمية كبيرة من البضائع المركونة بالمنزل". والتقط ممدوح خليفة عاشور، 45 عاما، أحد أصحاب الحرفة بقرية الحما، طرف الحديث، قائلًا: "رغم من أننا نعاني كالمئات من أصحاب الحرف بسوهاج إلا أن المسئولين لا ينظرون إلينا، مناشدًا المسئولين بمحافظة سوهاج ورجال الأعمال بأن ينظروا إلى أصحاب المهن البسيطة كصناعة الجريد. وبلهجة تملئها الحسرة قال عم الحجاج، أحد أكبر العاملين بمهنة صناعة الجريد، الذي يطلقون عليه: "في الماضي كان أهل القرية يتسابقون على الإنجاب عقب الزواج كي يكون لكل صناعي عيلة كاملة تعمل في الحرفة ولا يحتاج لأحد فقد كان الزوج والزوجة والأبناء جميعا يعملون فيها، أما في الوقت الحالي فالأجيال الجديدة تفر من المهنة وتتركها لأنها لم تعد تأتي بالخير".