المسلسل فكرته مسروقة من الفيلم الأمريكى «Catch Me If You Can» رحلة التعاون بين النجم الكبير عادل إمام والكاتب يوسف معاطى خلال السنوات الأخيرة أنتجت مرحلة جديدة يمكن أن نسميها مرحلة «العادلية الإمامية»، حيث يكتب معاطى العمل وفى عقله قيود وشروط وأحكام الكتابة لعادل إمام، أول هذه الشروط هى كثير من الإبهار فى الشخصية التى يقدمها حتى يجذب الجمهور للعمل، ليس مهما أن تتناسب الشخصية مع المرحلة العمرية لعادل إمام أو مع المنطق، والشرط الآخر التمهيد والتشويق لظهور البطل كما تعود عادل إمام فى مسرحياته، فقد قرر مثلا أن يتأخر ظهوره فى مسلسل العراف إلى الحلقة الثانية حتى لو اضطر صُناع العمل إلى تصوير حلقة غريبة بلا مضمون وبحوار قليل، ومن تابع الحلقات سيجد أنه يمكن أن يبدأ مشاهدة المسلسل من الحلقة الثانية دون أن يؤثر هذا فى متابعة الأحداث، وهناك شرط ثالث هو الحفاظ على كود عادل إمام نفسه، وهو الرجل البصباص الذى يوقع الحسناوات فى حبائله حتى لو كن فى سن حفيداته، ولا ننسى بالطبع إفيهات من نوعية إفيه الشاى بالياسمين، الذى استخدمه فى فيلم «مرجان أحمد مرجان» للإشارة للرشوة، وقد نحت نفس الإفيه فى مسلسل «العراف» فأصبح الليمون بالنعناع كمشروب لتهدئة الأعصاب. الأهم فى كل تلك الشروط والقيود التى يعمل بها معاطى هو لا وقت لإبداع فكرة أصيلة أو اقتباس أحداث الواقع المصرى لإنتاج عمل درامى تليفزيونى مميز، خصوصا بعد عودة عادل إمام لساحة المسلسلات الرمضانية بعد تقديمه العام الماضى مسلسل «فرقة ناجى عطا الله»، وهو المسلسل الذى كان واضحا بعد مشاهدة عدد من حلقاته أن فكرته مقتبسة من الفيلم الشهير «أوشن 11»، ولا يبدو أن فكرة اقتباس وسرقة أفكار الأفلام الأمريكية أصبحت تلفت أحدا من كثرة السرقات والاقتباسات، كأن سرقة إبداع الآخرين شىء عادى، وكأن أفكار المبدعين مستباحة إذا كانوا من الغرب الأمريكى، وكأن الكتابة الدرامية فى مصر أصابها العقم حتى إن كتاب الدراما يسخرون من اتهامهم بالسرقة، وبعض من يكتبون للصحافة الفنية يقومون بالتطبيع مع السرقات الفنية ويطبلون للصوص الأفكار من الكتاب بنظرية باطلة تدعى أن العمل المصنوع بشكل جيد يغفر له الاقتباس والسرقة! الحقيقة أن المقارنة بين أى عمل مقتبس والعمل الأمريكى الأصلى ليس فى صالح العمل المحلى بأى صورة من الصور، ليس هذا بسبب الفقر الإنتاجى أو الإمكانيات الفنية المتواضعة للدراما العربية، بل لأن أول شىء يفعله الكاتب حينما يقتبس فيلما أجنبيا ما، فإنه يفسد فكرته التى صنع من أجلها فى الأساس، ولأنها غالبا تكون فكرة مزروعة كل مجهود كاتبها فى إجادة تلفيقها وليس تمصيرها كما يحدث مع تيمات درامية أجنبية فى أعمال محترمة. فى مسلسل «العراف» نحن أمام تجربة جديدة فى الاقتباس كالعادة، يقدم عادل إمام شخصية نصاب بارع من نوع خاص لديه القدرة والجسارة على انتحال شخصيات هامة مثل لواء شرطة بمباحث الأموال العامة، أو سفير أو رجل أعمال صاحب عدد من المشروعات الكبيرة أو مأمور قسم، وهو ينفذ عمليات النصب بصورة معقدة شديدة البراعة، فهو يستدعى كبار رجال الأعمال فى مكان يدعى أنه مبنى جديد تابع لمباحث الأموال العامة، ويضم المكان فريقا من الموظفين بصورة توهم أى شخص يدخله أنه بالفعل فى مكان حكومى، ثم يصبح الأمر سهلا حينما يجد رجل الأعمال الذى كان ينتظر اتهامه بتهم مالية الضابط يساومه على الهروب خارج البلاد قبل صدور قرار بضبطه مقابل مبلغ مالى، ومن بين جرائم هذا النصاب قبل سنوات أنه صنع قسما وهميا بضباطه وعساكره فى منطقة على الحدود بين مصر وليبيا لتحصيل رسوم باهظة من الخارج أو الداخل لليبيا، شخص واحد فقط فى الشرطة يعرف طريقة عمله وفشل أكثر من مرة فى القبض عليه، رغم أنه اقترب من ذلك وهو حسين فهمى الذى يطلب عودته للخدمة وتكليفه بمهمة القبض على هذا النصاب. عمليات النصب المتقنة التى يقوم بها عادل إمام فى المسلسل وشخصية رجل المباحث الذكى حسين فهمى تذكرنا بالدويتو الذى قدمه ليوناردو كابريو وتوم هانكس عام 2002 فى فيلم «امسكنى إن كنت تستطيع» «Catch Me If You Can» وهو فيلم مغامرات وجريمة كوميدى أخرجه ستيفن سبيلبرج، وجسد فيه ليوناردو كابريو شخصية شاب نصاب ارتكب عديدا من عمليات تزوير الشيكات، تمكن من خلالها الحصول على ملايين الدولارات، وخلال مغامراته انتحل شخصيات متعددة منها شخصية طبيب جراح ظل يعمل فى مستشفى عدة شهور دون أن يكتشفه أحد، كما انتحل شخصية طيار، وعديد من الشخصيات الأخرى، وظلت الشرطة تطارده لسنوات وبشكل خاص العميل الفيدرالى الذى جسد شخصيته توم هانكس الذى ينجح بعد سنوات من المطاردة فى القبض عليه وتجنيده فى قسم مكافحة التزوير والنصب لخبرته فى هذا المجال.