كتبت- شيماء محمد: تشهد العلاقات بين إيران والسعودية أغلب الوقت مناوشات وتراشق تصريحات من الجانبين، ودائمًا هناك توتر بين البلدين، فمن ناحية تتهم إيران السعودية، بأنها ترعى الإرهاب فى العالم، وأنها من يمول كل الجماعات الإسلامية المتطرفة وتنشر الفكر الوهابى. ومن جانبها تتهم السعودية إيران بأنها تريد أن تسيطر على الخليج وتهدد أمنه وتسعى لنشر التشيع وتمول حزب الله وبشار فى سوريا. لكن هذا العام العراك بين السعودية وإيران اتخذ مسارًا آخر بعيدا عن السياسة. المعركة الآن بينهما على الحج.. فى العام الماضى وبعد حادثة وقوع أحد الروافع فى الحرم المكى على الحجاج مفضية لوفاة عدد من الحجاج الإيرانيين انتهزت إيران الفرصه ولم تدع جريدة وموقع إخبارى إلا وصرحت فيه بأن الحادثة مفتعلة للنيل من الحجاج الإيرانيين وعلى الفور أتى رد السعودية مشابهًا وخرج عدد من الإعلاميين السعوديين بتصريحات أن الحجاج الإيرانيين هم من افتعلوا تلك الحادثة لتشويه سمعة المملكة، واتخذ بعضهم نظرية أقل مبالغة أنهم كانوا السبب فى إعاقة المسعفيين للدخول بسبب تجمعهم وعرقلتهم للجميع. اشتد العراك وخاصة بعد ما أعلنت السعودية قطع علاقاتها الدبلوماسية بإيران فى الثالث من يناير الماضى، عقب قيام بعض من الإيرانيين بإحراق سفارة وقنصلية السعودية فى إيران بعد إعدام السعوية الشيخ "نمر النمر" (رجل الدين السعودى الشيعى) وعلى الرغم من خروج بعض المسئوليين الإيرانيين عقب تلك الحادثة لتبريرها وأن من فعلوها هم بعض من الشباب الغاضب المتهور، وهو ما بدى أسف إيرانى مستتر للسعودية، لكن أصرت السعودية على موقفها وخرج وزير الخارجية السعودى "عادل الجبير"، وأعلن فى منتصف فبراير الماضى اختيار سويسرا راعية للمصالح السعودية فى إيران، وأعقب ذلك إصدار بيان من الخارجية السويسرية أعلنت فيه أن سويسرا تولت رعاية المصالح لدى البلديين. وفى مطلع الشهر الحالى تصدرت عناوين منع السعودية الحجاج الإيرانيين من الحج هذا العام كل الجرائد الإيرانية، وتناولت الصحف تلك القضية باهتمام كبير، وأن السعودية تتحكم ببيت الله، وتمنع من تشاء وخاصة الإيرانيين، وأرجعت الصحف هذا المنع لأسباب سياسية، وأنه لا يجوز منع حجاح راغبيين بزيارة بيت الله الحرام بسبب خلافات سياسية. من جانبها نفت وزارة الحج والعمرة السعودية خبر منعها الإيرانيين من أداء الحج والعمرة جملة وتفصيلا، وأكدت أن طهران هى من تمنع مواطنيها من أداء الحج، وهى من رفضت التوقيع على محضر الاتفاق لإنهاء ترتيبات موسم الحج القادم. ونشرت وكالة الأنباء السعودية بيانًا بذلك عن وزارة الحج والعمرة مفاده أن الوزارة تدعو كل سنة ممثلى عن شؤون الحج من كل البلاد للتوقيع على الاتفاق الذى من خلاله يتم ترتيب رحلة الحج لجميع الحجاج، ومن بينهم إيران وبالفعل تمت دعوة رئيس منظمة الحج الإيرانى "سعيد أوحدى" لمناقشة تلك الشئون لكن رفض التوقيع وغادر السعودية على أساس أنه يرغب فى عرض ذلك الاتفاق على مرجعيتهم فى إيران. وأرسلت إيران قائمة بشروطها إلى السعودية كان من ضمنها أن تمنح التأشيرات للحجاج من داخل إيران ويتم رفع الحظر السعودى عن شركات الطيران الإيرانية لنقل الحجاج والشرط الأهم (أو الشرط التعجيزى إذا صح القول) هو أن توفر الممكلة أرضيات آمنة داخل الحرم للحجاج الإيرانيين لإقامة شعائرهم الخاصة، التى تسمى ب(البراءة من المشركين). لكن ما تظاهرة (البراءة من المشركيين) التى تصر عليها إيران؟ وإعلان البراءة من المشركين هو شعار ألزم به المرشد الإيرانى السابق آية الله الخمينى الحجاج الإيرانيين برفعه وترديده فى مواسم الحج من خلال مسيرات تشبه التظاهرات وترديد هتافات من نوعية الموت لأمريكا والموت لإسرائيل، ويصل الأمر إلى حد ترديد هتافات لبيك يا حسين ورفع صور الخمينى والخامنئى. وبالطبع ترفض السعودية إقامة تلك الشعيرة الشيعية، وتصدر سنويا تحذيرًا لحجاج إيران من إقامة تلك المراسم. وكان هدف الخمينى من ذلك الإلزام تحويل الحج من فريضة دينية تقليدية إلى فريضة عبادية سياسية، وأعلن الخمينى أيضًا أن ذلك الإلزام واجب عبادى، وهو من أركان الحج الأساسية، التى بدونه لا يكون الحج صحيحًا. من جانبها حاولت السعودية تبرئة ساحتها من اتهامات إيران لها بمنع الحجاج الإيرانيين وأصدرت بيانًا، وقالت فيه إن وزارة الحج السعودية تأكد أنها سخرت كل الإمكانيات المادية والبشرية لخدمة ضيوف بيت الله الحرام ولضمان أمنهم وسلامتهم خلال فترة تواجدهم فى الحرم، وأن من قرر منع مواطنيه من هذا الحق، فهذا القرار يعود إليه، وسيكون هو المسئول أمام الجميع وأمام الله. وجاء الرد من الجانب الإيرانى على لسان عضو لجنة الأمن القومى والسياسة الخارجية فى البرلمان الإيرانى "محمد حسن اصغرى" فى تصريحه لوكالة أنباء فارس الإيرانية أنه لم يتم التوصل حتى اليوم لحل نهائى مع السعودية بشأن تأشيرات الدخول وأن السعودية تتعنت بشرطها حصول الحجاج الإيرانيين على التأشيرات من بلد ثالث وعدم رفعها الحظر عن شركات الطيران الإيرانية وقال "اصغرى" إذا لم تعلن السعودية قبل منتصف شهر شعبان عن استعدادها لإصدار التراخيص اللازمة والموافقة على الشروط الإيرانية فسيكون الحج هذا العام بلا حجاج إيرانيين، وهو أمر مؤسف وموقف مشين للمملكة. السؤال الآن: هل ستوافق السعودية على شروط إيران فى آخر لحظة لكى لا يقال إنها تمنع حجيج بيت الله الحرام من أداء شعائرهم، أم ستتجاهل الحملة الإيرانية مكتفية بتأييد المجتمع السنى لها.