"قرية النساجين" الكائنة بحي الكوثر تلك القرية التي يوجد بها أناس يحملون بين أيديهم أهم وأشهر الصناعات الحرفية التي امتازت بها محافظة سوهاج منذ قديم الأزل، حيث كان ملوك الفراعنة يلجأون لمحترفى حياكة النول لعمل أكفان لموتاهم من الكتان كنوع من تكريمهم وإجلالهم. اشتهرت أخميم بتلك الصناعات قبل أن يتم إنشاء قرية النساجين والتي أطلق عليها "مانشستر" ما قبل التاريخ، إلا أنه مع تغير الأزمان بدأت المهنة وأصحابها يفقدون وضعهم، بسبب سوء الأحوال الاقتصادية وعدم اهتمام المسئولين أو الجمعيات في المساهمة لإنقاذ الحرفة ومنعها من الاندثار. انتقلت عدسة "التحرير" اليوم السبت لقرية النساجين لرصد واقع "النوالة"، وقال أيمن - أحد أصحاب الأنوال - أعمل بمهنة النسيج اليدوي منذ أكثر من 14 عامًا ولدي نول، ومنذ نشأتنا ونرى معاناة والدينا في تلك المهنة ولكننا لا نعلم مهنة سواها وهى ميراثنا الذي تركه لنا أبائنا وأجدادنا ، إلا أن الوضع الاقتصادي الآن أصبح أصعب ما يكون حيث إنني أعول 9 أفراد، وفي الوقت ذاته لا أستطيع العمل على النول لعمل أكثر من مفرش أو "كوفرتة" بسعر 120 جنيهًا كل شهر أو أسبوعين". وتابع: نقوم ببيعها لبعض التجار الذين يدفعون لنا ثمنها ب"القطارة"، وهو ما يجعلنا نخسر مكسبنا فيها كما أننا لا نستطيع سد احتياجاتنا اليومية أو الإقدام على شراء مواد خام للبدء في قطعة أخرى، موضحًا أنه اضطر لعدم السماح لنجله بالذهاب للمدرسة لعدم وجود إمكانيات لسد مصروفاته، كما أنني أدفع إيجار للنول يقدر ب160 جنيهًا شهريًّا يتم توريدها لحي الكوثر". وأضاف: تراكمت علينا الإيجارات وأصبحنا مهددين بالسجن، في حين أننا لا نستفيد بالنول لعدم توافر خامات بسبب غلائها ويصل سعر بكرة الفتل القطن من 20 - 25 جنيهًا والقطعة تستهلك حوالي من 50 - 60 واحدة. وقال إسلام - أحد أصحاب الأنوال - "أعمل على النول منذ 12 عامًا، وفقدت الأمل في حدوث تغيير لإنقاذ تلك المهنة التي هجرها أبناؤها لعدم وجود عائد مادي جيد منها، حيث إن مسئولي المحافظة والتجار قضوا على كل بقى لديهم من أمل في الظهور والازدهار والمشاركة في معارض عالمية كما كان يحدث في السابق". وقال عاصم عبد الحليم مدير وحدة النسيج إن إجمالي عدد الأنوال بالقرية 120 نولًا يعمل منها 40 فقط بسبب سوء الوضع الاقتصادي وعدم اهتمام المسئولين، حيث أنه منذ أعقاب تولي اللواء محسن النعماني محافظًا لسوهاج حتى قدوم الدكتور أيمن عبد المنعم لم يهتم أحد بحالة القرية ومن يعملون بها، إلا أن الأخير قام بتنظيم معرض "صنع في سوهاج " الشهر الماضي وشارك فيه عدد من أصحاب المهنة بمنتجاتهم وقد لاقت استحسان الجميع، مطالبًا بتنظيم معارض أخرى وبشكل دوري لحماية أصحاب الأنوال من التجار الذين يستغلونهم. وأضاف أن الجمعية تشارك في معارض محافظات الوجه البحري بمنتجات أصحاب الأنوال بالقرية، وعن التحديات التى تواجه الجمعية قال عبد الحليم "إن الجمعية عندما تُقدِم على المشاركة في أحد المعارض خارج المحافظة والتي يشرف عليها الصندوق الاجتماعي والأسر المنتجة، تفاجأ بأن تلك الجهات المشرفة تفرض تكاليف فوق طاقة الجمعية حيث إنها جمعية غير ربحية إلا أنه يشترط عليها دفع مبالغ قد تصل ل20 ألف جنيه على المساحة التي نقوم بحجزها داخل المعرض، وبهذا نكون قد خسرنا المكسب وهو ما سيعود على أصحاب الأنوال أيضًا بالخسارة. قال محمد الدقيشي رئيس مجلس أمناء مؤسسة الفراعنة إنه تم إطلاق مبادرة تشغيل 1000 شاب وفتاة وتدريبهم للعمل بالمنسوجات اليدوية والأنوال العام الماضي، وتم صرف منح لهم تقدر ب200 ألف جنيه تم توزيعها على 40 صاحب نول ومدهم بالخامات اللازمة لهم، وفي سياق مواز تم الاتفاق مع عدد من المحافظات لتوفير منافذ بيع لمنتجاتهم بشكل دائم وهى محافظاتالإسماعيلية والمنيا ودمياط وبورسعيد والإسكندرية. وأشار الدقيشي إلى أنه تم الحصول على موافقة المحافظ السابق محمود عتيق، للحصول على مساحة 500 متر بحي الكوثر لإنشاء مركز تدريب وإعداد للنسيج.