قال السفير دكتور محمد حجازي مساعد وزير الخارجية الأسبق إنَّ زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لمصر، التي اختتمها أمس الاثنين واستغرقت خمسة أيام ستؤرخ لواقع عربي جديد قادر على مواجهة تحديات الإرهاب وتلبية الطموحات الاقتصادية والتنموية، وتحقيق الاستقرار وحل المنازعات القائمة في المنطقة، والتصدي للقوى الإقليمية الساعية للتوغل وفرض النفوذ على المنطقة العربية. وأضاف، في تصريحاتٍ له، اليوم الثلاثاء، أنَّ التعاون والتنسيق الأمني والعسكري بين القاهرة والرياض والمناورات المشتركة بهدف بناء تحالف إسلامي قوي ضد الإرهاب سيقود إلى تأسيس قوة عربية مشتركة تكون ساعد الأمة العربية لاستعادة قدراتها على الردع ومواجهة المخاطر وأنشطة الإرهاب والجريمة المنظمة، لافتًا إلى أنَّ هذا الوعي الاستراتيجي استلزم التعامل مع التحديات الاقتصادية التي تواجهها مصر لتحقيق الاستقرار فيها، ودعم مشروعها الوطني الطموح بما يؤهل البلدين معا لبناء واقع عربي جديد قوي وطموح ومتماسك. وأوضَّح: "هذه الرؤية كانت مصدرًا لما أحيطت به الزيارة من مشاعر الارتياح والحفاوة والتفاؤل بالمستقبل، ليس في القاهرة والرياض وحدهما ولكن عبر المنطقة العربية وخارجها في الأوساط المتطلعة للاستقرار الإقليمي في الشرق الأوسط، الذي بات مصدرًا للتهديدات الإرهابية وتدفقات اللاجئين وتهريب البشر والسلاح والجريمة العابرة للحدود، بما يهدِّد مصالح دول كثيرة في أوروبا وخارجها". وأشار حجازي إلى أنَّه في إطار الفهم الواعي لأهمية نجاح التجربة الاقتصادية التنموية في مصر كركيزة لاستقرارها، وقدرتها الى تلبية احتياجات المشروع القومي العربي المنشود، جاءت حزمة الدعم والمساندة والتي شملت أكثر من ٢٧ اتفاقية ومذكرة تفاهم، كان أبرزها مشروع جسر الربط بين البلدين، وصندوق الاستثمارات المشترك، ومشروع تنمية سيناء والمناطق الصناعية بقناة السويس والفيوم، وبناء مدينة البعوث الإسلامية، وتطوير قصر العيني، علاوةً على مشروعات في مجالات البنية التحتية والربو الآثار والصحة والتعليم، بقيمة إجمالية تجاوزت ما يزيد عن ٢٥ مليار دولار، إلى جانب صندوق الاستثمار المشترك ١٦ مليار دولار بالتساوي بين الجانبين. وتعليقًا على ما أثير بشأن إعلان جزيرتي تيران وصنافير تحت السيادة السعودية بموجب اتفاق إعادة ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، أكَّد السفير حجازي: "الموضوع قانوني حكمته مداولات فنية متخصصة على مدار ست سنوات من العمل المتواصل، والاتفاق سيعرض على مجلس النواب للتصديق عليه، مما سيتيح نافذةً من النقاش الموضوعي المتخصص من خبراء معنيين بالملف، ملمين بأبعاده القانونية والاستراتيجية والتاريخية". وشدَّد على أنَّ أي نقاش في الموضوع يجب أن يدور في إطار الثقة الكاملة في وطنية القيادة المصرية وكفاءتها في إدارة الملفات الوطنية والمحافظة عليها، مؤكِّدًا أنَّ المملكة السعودية كانت وستظل سندًا لمصر وداعمًا لها شعبًا وقيادةً عبر السنين، وليس لديها سببًا يجعلها تتطلع لأخذ أرض وحق ليس لها. وأعرب حجازي عن تطلُّعه لأن تكون الجزيرتان مستقبلاً عامل ربط استراتيجي بعد إتمام مشروع جسر الصداقة والتنمية بين البلدين، داعيًّا إلى استمرار الحكومة وجهات الاختصاص رسميًّا وإعلاميًّا في تقديم الأسانيد وشرح الخلفيات التاريخية والدفوع القانونية والتي أزالت كثيرًا من اللبس الذي أحاط بالموضوع، وكان بحاجة منذ البداية لأن يقدم بشكل واضح للرأي العام المتطلع للاطمئنان فقط. ونوَّه إلى أنَّ ما سيتم بحثه داخل جلسات مجلس النواب سيزيد من استجلاء وإيضاح الأبعاد القانونية والتاريخية للموضوع، بما يبدد المخاوف ويؤسس لعلاقات أوثق بين مصر والسعودية.