كتب - أحمد مطاوع فورة شعبية ظهرت ملامحها بقوة على مواقع التواصل الاجتماعى وتصريحات، ساسة وقانونين بارزون، انخرط في موجتها عدد محدود من أعضاء مجلس النواب، خلال الساعات الماضية، كرد فعل لا يمنع حرارة غضبه عن الاشتعال والارتقاء لمرحلة أكبر، سوى حكمة تحتمى إلى بعض التدابير القانونية والدستورية، تلك الحُرّقة التى لا تختلف كثيرًا عن حال الآباء والأجداد إبان نكسة يونيو 1967 -حسبما عبر كثيرين-، عقب إعلان الحكومة خلال بيان رسمى، يوم السبت، بشأن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية، التى تم توقيعها ضمن الاتفاقيات ومذكرات التفاهم مع الرياض خلال "الزيارة التاريخية" لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، لمصر، أن "الرسم الفنى لخط الحدود أسفر عن وقوع جزيرتى صنافير وتيران داخل المياه الإقليمية للمملكة العربية السعودية"، وهو ما أكدته رئاسة الجمهورية، الأحد، على لسان المتحدث الرسمى باسمها السفير علاء يوسف. وما بين موجات الغضب الرافضة للبيان، ودفاع المؤيدين، نرصد فى هذا التقرير أخطر اتفاقيتين وقرار، وقِّعوا خلال ما يقرب من عامين فى حكم الرئيس عبد الفتاح السيسى، وصفها كثير من النشطاء والخبراء بأنها تنازلات عن حقوق أصيلة للشعب المصرى وتفريط فى السيادة الوطنية، وأنها حولت تراب الوطن وأراضيه إلى وضع أشبه بالمزاد، بالمخالفة للدستور، وأثرت بحسب استطلاعات رأى متعددة على الشعبية الضخمة للرئيس المنتخب عقب مظاهرات عارمة أطاحت بالرئيس الإخوانى المعزول محمد مرسى، فى حين قوبلت تلك الاتفاقيات بدعم وتأييد من كتلة بدت صلبة فى تأييدها للرئيس السيسى، لا تقبل أى نقد وإن كان بسيطًا تجاه سياساته، معبرة عن ثقتها التامة فى حنكته وذكائه، وأنه يمتلك قوة وشجاعة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ومكر الرئيس الراحل أنور السادات. الاتفاقية الأولى: اتفاق المبادئ.. وأزمة سد النهضة وقعت مصر على عدة مبادئ فى مارس 2015، بين رؤساء الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، وأكد الكثير من الخبراء أنها كانت سبببًا فى تورط مصر فى مفاوضات سد النهضة واعترافها بالسد دون أى اعتراف من إثيوبيا بحصة مصر المائية، فيما عرف باتفاق المبادئ أو وثيقة سد النهضة. وبالفعل دخلت مصر المفاوضات وماطل الجانب الإثيوبى على مدار الشهور الماضية، دون الوصول إلى أى نتيجة تذكر، واستغلت إثيوبيا الوقت ونجحت فى إنهاء جزء كبير من السد وقامت بالفعل بملء الخزانات وتوليد جزئى للكهرباء، بينما انغمست مصر فى مفاوضات غير مجدية أضاعت بها وقتًا طويلًا دون أن تتوقف أديس أبابا عن أعمال البناء، مستغلة عدم اتخاذ مصر أى إجراء قانونى يدعم موقفنا فى المفاوضات بوقف أعمال البناء فورًا؛ وهو ما أثار استغرب أحمد المفتي، مستشار وزارة الموارد المائية والكهرباء السودانية السابق، فى تصريحات سابقة أدلى بها لموقع "أصوات مصرية" التابع لوكالة "رويترز" للأنباء، حينما قال "إن كل دول حوض النيل كانت تتوقع أن تتفاوض مصر من منطلق المسار القانوني بما لديها وتمتلكه من خبرات قانونية، لكن فوجئ الجميع بقبول مصر المسار الفنى والدخول فى تفاصيل فنية لا نهاية لها تسببت فيما نحن فيه الآن". وطالبت الدكتورة أمانى الطويل، مدير البرنامج الإفريقى بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، خلال تصريحات سابقة ل"التحرير"، بالتراجع عن اتفاق المبادئ، وأنه لابد من فضح المخطط الإثيوبى والرغبة فى الاستحواذ على مياه النيل، رغم أنه نهر مشترك، وأنه طبقًا للاتفاقيات الدولية، لا يمكن لإثيوبيا أن تمارس عليه السيادة المطلقة، وفق اتفاقية 1902 الموقعة بين مصر وإثيوبيا، وأنه يجب تقديم شكوى لمجلس الأمن الدولى ومحكمة العدل الدولية فى لاهاى. وعلى مدار شهور من التفاوض والاجتماعات تصدرها وزيرا الخارجية سامح شكرى، والرى السابق الدكتور حسام مغازى، لم يتم اتخاذ أى إجراءات قانونية أو التراجع عن اتفاق المبادئ، وكانت المشاهد الأبرز لهما فى تلك المفاوضات، مطالب الأخير بزيادة فتحات تصريف المياه خلف سد النهضة، ومعارك الأول مع "ميكرفون قناة الجزيرة" القطرية. الاتفاقية الثانية: ترسيم الحدود البحرية مع السعودية وقعت الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية، خلال زيارة الملك سلمان للقاهرة، على مدار 5 أيام، وأعلن مجلس الوزراء، ورئاسة الجمهورية، أن جزيرتى صنافير وتيران يقعان ضمن المياه الإقليمية السعودية، وأن الملك عبد العزيز آل سعود، كان قد طلب من مصر فى يناير 1950، أن تتولى توفير الحماية لهما، وهو ما استجابت له السلطات المصرية ووفرت الحماية للجزر منذ ذلك التاريخ، مما أثار حالة من الغضب والارتياب فى الشارع المصرى، بحسب البيانات الرسمية. قال أستاذ القانون الدستورى، محمد نور فرحات، الأحد، خلال لقائه ببرنامج "ساعة من مصر"، على قناة "الغد" الإخبارية، مع الإعلامي محمد المغربى، إنّ جزيرتى تيران وصنافير مصريتان؛ لأنّ هناك وثيقة قانونية مبرمة فى عام 1906، تؤكد أنّهما ضمن حدود الدولة المصرية، ومنشورة فى محيط كتاب الشرائع، فضلاً عن أنّ وثيقة الباب العالى تؤكد أنّ "تيران" مصرية، وأنه كان يجب على الحكومة اللجوء إلى التحكيم الدولى، وليس إصدار بيان"، مشيرًا إلى أنه "كان يجب عرض الأمر فى استفتاء على الشعب المصرى أولا، وحال الموافقة يتم عرض قضية الجزيرتين على مجلس النواب؛ وفقًا للمادة 151 من الدستور الحالى"، مؤكدًا أنّ الرئيس لا يملك التنازل عن شبر واحد من أرض مصر. وقال هيثم الحريري، عضو مجلس النواب، إن الاتفاقية "مجرد حبر على ورق ولن تفعل إلا بموافقة مجلس النواب"، مضيفًا خلال مداخلة هاتفية السبت مع الإعلامية ليليان داوود، فى برنامج "الصورة الكاملة"، المذاع على قناة "أون تى فى"، "سيلحق العار بكل من رئيس الجمهورية والبرلمان والشعب المصرى إن مرَّ هذا القرار دون أن يدقق فيه، وهذا لن يقبله أحد، فنحن نتنازل عن جزء من بلادنا مقابل حفنة من الدولارات". وعلق الناشط السياسى حازم عبد العظيم، فى عدة تدوينات عبر حسابه بموقع "تويتر"، قائلًا "إن موضوع الجزيرتين مثل قضية ريجينى، ولا الشعب الإيطالى هيعرف الحقيقة الكاملة عن ريجينى، ولا الشعب المصرى هيعرف حقيقة الجزيرتين، مصر فى حكم مخابراتى". وكتب الإعلامى باسم يوسف، عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، مضيفًا "يعني إيه تعامل شعبك كقطيع مالوش فيها عشان يصحى الصبح على الخبر ده؟ طب وضع الدستور اللى إنتم رقصتُم عشانه قدام اللجان؟ مش المفروض فيه استفتاء على الاتفاقيات اللي بتمس السيادة والأرض؟ طب مثلوا، طب اضحكوا علينا؟ طب عاملونا إننا شعب كده وكده زى ما بنعاملكم إنكم سلطة كده وكده"، مستكملًا "بيعها حتة حتة، غاز ونيل وأرض"، واستكمل عبر "تويتر" ساخرًا، "أقسم أن أحترم الدستور واستقلال البلاد وسلامة أراضيها.. عواد باع أرضه.. رخيص.. شرعيتك سقطت.. شرعيتك حمرا". اقسم ان احترم الدستور و استقلال البلاد و سلامة أراضيها #عواد_باع_ارضه #رخيص #شرعيتك_سقطت #شرعيتك_حمرا — Dr Bassem Youssef (@DrBassemYoussef) April 9, 2016 وقال حمدين صباحى، المرشح الرئاسى السابق، خلال مداخلة مع الإعلامى وائل الإبراشي، ببرنامج "العاشرة مساءً"، عبر فضائية "دريم"، الأحد، "لا نريد فتنة ولا إساءة للعلاقات المصرية السعودية، ونحن أحرص الناس على الوحدة العربية وننادى بها، ولكننا فى الوقت نفسه لن نقبل التفريط فى ذرة من تراب مصر، وعندما يقول الزعيم عبد الناصر أن مضيق تيران مصريًا فهذه وثيقة تاريخية، والدستور نص على منع التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة المصرية، وبالتالى ليس من حق البرلمان أو الرئيس التنازل عن جزء من الإقليم المصرى حتى ولو كان باستفتاء شعبى، لأن ذلك يتعلق بمصير الأجيال القادمة". القانون: إلغاء شرط إثبات الجنسية لتملك أراضي سيناء ألغت السلطات المصرية، فى فبراير الماضى، شرط إثبات الجنسية لأبناء سيناء والذى كانت قد اشترطته لحصولهم على شقق وأراض بجنوبسيناء، وأعلن اللواء محمود عيسى، سكرتير عام محافظة جنوبسيناء، أن مجلس الوزراء وافق على إلغاء شرط شهادة إثبات الجنسية للحصول على الوحدات السكنية، لتخفيف الأعباء عن مواطنى المحافظة، صاحبها تجدد الحديث عن إقامة دولة فلسطينية فى قطاع غزة وجزء من شبه جزيرة سيناء. وأوردت وسائل الإسرائيلية خلال الأسبوع الماضى، دون توثيق، أن الرئيس السيسى عرض على الرئيس محمود عباس إقامة دولة فلسطينية فى قطاع غزة وجزء من شبه جزيرة سيناء، قبل أن ينفيها نبيل أبو ردينة، المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية، فى تصريح صحفى، مؤكدًا إن "هذه الأخبار عارية عن الصحة تمامًا"، مشيرًا إلى أن "مصر والرئيس السيسى لا يدخران جهدًا من أجل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية على حدود الرابع من يونيو لعام 1967".