بعد المشهد الهابط للأخ الدكتور مرسى وأهله وعشيرته فى الصالة المغطاة باستاد القاهرة قبل يومين، لا ينبغى أن نندهش من أى قرارات تصدر عن هذا الحكم قبل سقوطه! فالحاكم الذى يقيم مهرجانا لإعلان تكفير شعبه، يمكن أن يفعل أى شىء، بما فى ذلك محاولة توريط جيش بلاده فى حروب لا تخدم إلا العدو، وبما فى ذلك أيضا الاستعانة بفصائل الإرهاب فى مواجهة غضب الشعب، وبما فى ذلك المضى فى مخطط «الأخونة» ولو كان الثمن تدمير مؤسسات الدولة.. أو ما تبقى منها! قرار تعيين المحافظين الجدد لا يخرج عن هذا الإطار، ولا يعنى إلا المزيد من الدلائل على أننا أمام نظام يتخبط وهو يرى اقتراب نهايته، ويحاول المستحيل لتجنب السقوط، فلا ينجح إلا فى تقديم مبررات إضافية لحتمية رحيله قبل أن يقود الوطن إلى اكتمال الكارثة! بغباء سياسى نادر المثال يتم التعامل مع غضب الشعب، بتعيين سبعة محافظين جدد من الإخوان، يضافون إلى خمسة محافظين قدامى، ليصبح لدينا اثنا عشر محافظا من أعضاء الجماعة العلنيين.. هذا غير محافظين آخرين من الخلايا النائمة، أو المؤلفة قلوبهم، أو الأنصار والحبايب وأعضاء حزب «على فكرة أنا مش إخوان»! لكن كله كوم وتعيين محافظ الأقصر كوم آخر! كان منتظرا أن تتم مكافأة حزب البناء والتنمية التابع للجماعة الإسلامية على قيامه بدوره فى القيام ببعض أعمال البلطجة والتهديد باستخدام العنف وإراقة الدماء لمنع الملايين من النزول فى 30 يونيو. لكن أن يصل الغباء السياسى لدرجة اختيار واحد من هذا الحزب محافظا للأقصر فهو أمر لا يصدر إلا من حكم فقد أى قدرة على التقدير السليم! إن المعنى الوحيد لهذا الاختيار أن نقول وداعا للسياحة (أو ما تبقى منها).. ليس فى الأقصر وحدها، بل فى مصر كلها، فأن يكون محافظ الأقصر عضوا فى الجماعة التى قامت بذبح السائحين فى نفس المدينة عام 1997 هو إشارة لا تخطئها العين على أن الحكم قد اختار طريق «تورا بورا» وأنه مستعد لتدمير كل شىء فى مصر من أجل أن يهرب من مصيره المحتوم وسقوطه المؤكد! أن توضع المدينة التى تضم ثلث كنوز العالم من الآثار الهامة تحت إدارة جماعة احترفت الإرهاب ونفذت أبشع المذابح ضد السياح هو خير تعبير عن الوضع المأساوى الذى تعيشه مصر كلها فى ظل حكم الجماعة. عندما جاء مرسى للحكم قبل أقل من عام كان لدى الكثيرين أمل بأن يسود العقل وأن يقوم توافق يحقق أحلام الثورة. خلال شهور فقط ظهرت الحقيقة وغاب الأمل. لم يعد مرسى رئىسا لكل المصريين كما وعد، ولا حتى لنصف المصريين كما كان البعض يخشى! لم يعد رئىسا إلا لهؤلاء الذين اجتمعوا فى الصالة المغطاة باستاد القاهرة من الأهل والعشيرة، ومن جنرالات الإرهاب وممثلى التطرف، ومن سماهم مرسى نفسه ب«علماء الدين» وهم أبعد الناس عن العلم، وأكثر من أساء إلى الدين الحنيف!! فى أقل من عام تحول الأخ مرسى من رئيس لمصر، إلى رئيس لجمهورية الصالة المغطاة.. حيث انطلقت من هناك، وتحت رعايته، الفتاوى بتكفير شعب مصر والدعوة لقتاله (!!) وحيث كانت «سبوبة» نصرة سوريا مجرد ستار لجمع عصابات الإرهاب فى محاولة يائسة لتفادى السقوط فى 30 يونيو. فى الطريق إلى النهاية سوف نجد العديد من القرارات البائسة مثل حركة المحافظين. قرارات تعكس اليأس والتخبط، ولكنها تكشف حقيقة المواجهة بين شعب يبحث عن الخلاص، وفصائل الإرهاب والاستبداد التى تجمعت فى جمهورية الصالة المغطاة!