عبدالحليم قنديل: حاكموه بعيدًا عن «التنطع الديني».. وحازم حسني: نحن أمام دولة بلا قانون أو عدالة "ازدراء الأديان"، تهمة تصدرت عناوين أخبار عديدة، اختلف معها المعني في كل قضية، ولكن جميعها حازت على اهتمام موقعي التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"تويتر"، البعض يرى أنها حرية رأي، ويعدعم الكتاب والباحثين المعرضين لتلك التهمة، وآخرون يرونهم انتهكوا حرمة الأديان. بدأت تلك القضايا تحوز على اهتمام الرأي العام، مع صدور حكم بحبس الباحث إسلام بحيري 5 سنوات؛ بدعوى استهزائه بكتاب صحيح البخاري، عبر برنامجه على فضائية "القاهرة والناس"، ثم حكم ب3 سنوات على الكاتبة الصحفية فاطمة ناعوت، عقب نشر مقال رأي لها تحت عنوان "أهوال مذبحة يرتكبها الإنسان ضد الحيوان" في عيد الأضحى. كما وجهت اتهامات عديدة للكاتب الصحفي إبراهيم عيسى، في هذا السياق، وصولًا إلى الحكم القضائي الأخير الصادر ضد الروائي أحمد ناجي بالحبس لمدة عامين بتهمة "خدش الحياء" على نص أدبي في روايته "من أجل الحياة". لماذا لا يُحاكم الزند على أخطائه؟ كان تصريح وزير العدل المُقال، المستشار أحمد الزند، المسيء للنبي محمد (ص)، بمثابة "القشة التي قصمت ظهر البعير"، ف"الزند" دخل في مواجهات عديدة، فقد هاجم الصحفيين، مهددًا ب"حبس من يخطئ، حتى لو كان النبي". من قبل، وصف القضاة ب"الأسياد" والغير "عبيد"، في حديثه تناول فيه ما سمّاه ب"الزحف المقدس" للقضاة وأبنائهم، كما قال إنه من الممكن إعدام 10 آلاف إخواني مقابل كل شهيد من قضاة مصر، فضلًا عن تصريحاته حول إصدار تشريع ملحق لقانون الإرهاب، يعاقب والدِي الإرهابيين أو متولي التربية، بدعوى أنهما تركا أبناءهم للتطرف، ما يجعلهم "مجرمين سلبيين"، بحسب وصفه. السؤال المطروح، هل يُفلت "الزند" من المحاسبة، وما مصير البلاغات العديدة المحفوظة ضده، وقضايا الاستيلاء على أراضي الدولة، فضلا عن سيل تصريحاته "المُسيسّة" التي تتنافى مع طبيعة عمله القضائي، ولماذا لا يُحاكم بتهمة ازدراء الأديان؟، كما حدث من قبل مرارًا مع "حلمي سالم" و"نوال السعداوي" و"البحيري" و"ناعوت" وعيسى" و"ناجي"، وغيرهم من أصحاب الرأي، في حين يرى البعض أنها "ذلة لسان"، وذنب استغفر عنه، ومن ثم فلا حاجة إلى مثل هذه التهمة الباطلة في نظر الشرع. السؤال الآخر، لما لا تُحرك الدعاوى القضائية العديدة المقدمة ضد "الزند"، ومنها الاستيلاء على أراضٍ مملوكة للدولة في بورسعيد ومطروح، وشبهات استغلال النفوذ حينما كان يرأس نادي القضاة، كما أنه صاحب اقتراح التصالح مع جميع الخاضعين لأحكام قانون جهاز الكسب غير المشروع، نظير ردهم مستحقات الدولة التى استولوا عليها عبر استغلال نفوذهم السياسي ووظائفهم في الدولة؛ لتحقيق مكاسب غير مشروعة. النص القانوني غير حاسم في العقوبة تنص المادة (98) من قانون العقوبات المصري، بمعاقبة كل من استغل الدين فى الترويج بالقول أو بالكتابة أو بأى وسيلة أخرى لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو التحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الإجتماعي، بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، ولا تجاوز خمس سنوات أو بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز ألف جنيه. ويرى الفقيه الدستوري، الدكتور جمال جبريل، أستاذ القانون العام بجامعة حلوان، أنه لا علاقة لقرار الإقالة بتوجيه تلك التهمة له، إنما يرجع إلى النيابة العامة وحدها التي ترى ارتكابه فعلًا يمثل إزدراءً للأديان من عدمه. أوضح جبريل، في تصريحات خاصة، أن النص القانوني غالبًا لا يكون حاسم في هذه القضية، رغم أن القاعدة القانونية تكون عامة ومجردة، إلا أن القاضي في تطبيقه للنص، هو من يُكيِف الجريمة، ويُفسر النص ويُحدد مدى ارتباطه بالواقع قبل إصدار الحكم النهائي. دولة ال"لا قانون ولا عدالة" على صعيد سياسي، قال الدكتور حازم حسني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن مجرد استدعاء وزير العدل لشخصية الرسول بهذا الشكل، عني أننا أمام دولة "لا قانون يحكمها ولا عدالة تسود فيها"، قائلا: "لا أعرف لماذا استدعى الزند شخص الرسول، لتأكيد سلطان سيف العدالة، ولم يستدعِ شخص الرئيس عبدالفتاح السيسي، وهو مواطن مصري يخضع لقوانين الدولة المصرية، وكأنّ استدعاء سيرته أوقع للتأكيد على مبدأ سيادة القانون". حاكموا الزند بعيدا عن "ازدراء الأديان" رغم أنه كان أحد الكتاب الذين طالهم الهجوم عبر التهديدات الأخيرة بحبس الصحفيين، إلا أن الكاتب الصحفي عبدالحليم قنديل، رئيس تحرير جريدة صوت الأمة، طالب بمحاكمة الزند بعيدًا عن تهمة إزدراء الأديان، التي يصفها ب"التنطع الديني". أكمل: "يجب محاكمته في قضايا الاستيلاء على المال العام، والتحقيق معه في البلاغات العديدة المقدمة ضده خلال فترة رئاسته لنادي القضاة، واتهمته بالاستيلاء على أراضي بورسعيد وشقق القضاة في مدينة السادس من أكتوبر، والتي تحمل شبهة استغلال النفوذ". أوضح قنديل، في تصريحات خاصة، أن الزند ارتكب جرائم أخرى أبشع في حق الدين الإسلامي والقانون، حين صرح على الهواء مباشرة أنه لو كان الأمر بيده لأعدم 10 آلاف اخواني مقابل كل شهيد من القضاة، وهذا حكم جائر لا أصل له في القانون أو الشرائع والأديان السماوية.