حوائط صماء، لا تقوى نفسه على الوقوف أمامها صامتًا أو تاركًا إياها جافة دون روح، فيضفي عليها لمساته الفنية الخاصة، فتصبح تحفةً جديدةً تنضم إلى أعماله الجرافيتية المتميزة. عدو أمريكا وإسرائيل استطاعت لوحاته أن تجعله الأشهر في بريطانيا والعالم، فهو الحائز على لقب أفضل فنان جرافيتي ببريطانيا، إلا أنه لم يذهب حتى لتسلم تلك الجائزة، فقد اتخذ قراره منذ انطلاقته الأولى بمطلع الألفية أن يكون خفيًا عن الأعين، يرسم ما يشاء دون أن يزعجه أحد، بشكل خاص أمريكا وغيرها من الدول مثل إسرائيل، التى تقف ضد ذلك الفن، وتعتبر أن الفن ليس مكانه الجدران في حين أن أعمال بانكسي الفنية بلغ بعض القطع منها للآلاف الدولارات عالميًا. وقد كان أول أعماله في عام 2003، حيث أول ظهور لرسومه على جدران بريستول، ولندن، وقد أثارت العديد من التساؤلات حول شخصه وأفكاره، خصوصًا صورة الموناليزا وهي تحمل قنبلة وأسلحة. القضية الفلسطينية ويتميز بانكسي بآرائه الفنية الجريئة، التي لا يأبه خلالها دولة أو جيشًا، فهو من أكثر المؤيدين للقضية الفلسطينية، واقفًا في وجه الاحتلال، حيث وصل به الأمر أن قضى في غزة عدة أيام متتالية رسم خلالها أكثر من عمل فني، أحدها على الجدار العازل في إسرائيل ليسخر من الواقع، الذي يحاول فرضه الاحتلال على طريقته الخاصة. بجانب رسمه على جدار بيت هُدم، فبقى من البيت كله جدار واحد فقط، ليحيط الفلسطيني محمد الشنباري منزله المدمر بفعل الحرب الإسرائيلية الأخيرة بسياج وألواح خشبية، حفاظًا على اللوحة التي تركها له بانكسي على جداره. ونجح بانكسي أن يخلق حوله هالة عالمية لقدرته على التخفي في رسم لوحاته التي تميزت عن باقي فنون الجرافيني بأنها تمزج بين الواقع الفعلي للجدار ورسماته، فإذا كان الجدار مدمرًا أو قُشرت بعض أجزائه وتعرى جدارها يستغل ذلك في تنفيذ تصميم كامل له مع استغلال الحالة البائسة للجدار، أو غيرها من المؤثرات الخارجية في البيئة التي يرغب بالرسم بها. لم يقف اهتمام بانكسي بنوع واحد من القضايا، فاهتم بالقضايا التي تتناول الجانب الأخلاقي، والسياسي، والاجتماعي ليترك بصمته على الكثير من جدران العالم. ويعتقد أن بانكسي اسمه الفعلي روبرت بانكسي من مواليد سنة 1974، وأصله من بلدة ييات القريبة من مدينة بريستول، إلا أنه لا يوجد تأكيد فعلي على هويته، إلا أنه خلال الأيام القليلة الماضية أثير جدل عالمي جديد حوله ومحاولات التعرف عليه من خلال البحوث الإجرامية، التي ظهرت بنتائج لم تثبت بشكل فعلي بعد. وقد ركز بحث نُشر مؤخرًا في مجلة Journal of Spacial Science على تحليل سلسلة من المواقع التي تحتوي على أعمال بانكسي في "لندن" و"بريستول" وحددها في "نقاط ربط" تعتمد على منازل الأشخاص الذين يشتبه أن يكون أحدهم "بانكسي" من أجل استنتاج هويته المحتملة. وأوضحت الورقة البحثية الآتي: "يبرز التحليل مناطق مرتبطة بشخصية واحدة معروفة (على سبيل المثال منزله)، التي من الممكن أن تدعم هويته المفترضة". ويضيف البحث "الأكثر من ذلك، أن تلك النتائج تدعم اقتراحات سابقة تدعي أن تحليل أعمال الإرهاب البسيطة (مثل الجرافيتي) قد تساعد بدورها على تحديد القواعد الإرهابية قبل وقوع حوادث خطيرة. ونقلت "بي بي سي" في تقرير سابق لها عن ستيف لي كومبر، أحد أعضاء الفريق البحثي، قوله "سأتفاجأ إن اكتشفت أن (غوننغهام) هو ليس (بانكسي)، حتى بدون تحليلنا، لكن المثير أن التحليل زاد من احتمال الفرضية الخاصة بالعلاقة بين جوننجهام وبانكسي". وعلى الجانب الآخر فقد تواصل الفريق القانوني ل"بانكسي" مع "بي بي سي" وفريق البحث بالجامعة، معبرًا عن قلقه من كيفية انتشار الأخبار المتعلقة بهذه الدراسة. تحاول مجموعة من الخبراء الأكاديميين في بريطانيا توظيف علوم الرياضيات والجريمة والتنميط الجيوغرافي، من أجل دعم نظرية قد تمكنهم من تحديد هويته، وصرح الفريق البحثي بكلية الملكة ماري، جامعة لندن، في تصريحات صحفية أجنبية إن نمط توزع أعمال "بانكسي" تقترح أن الفنان "روبن غوننغهام" هو صاحب الهوية المجهولة، حسب تقرير لصحيفة "الجارديان" الصادر في 5 مارس الحالي. كما تعد صحيفة الديلي ميل البريطانية أول من ادعى أن "بانكسي" هو غوننغهام، وكان ذلك في عام 2008. واستعان الفريق مؤخرًا بتقنية كشف الأشخاص، التي تستخدمها الشرطة للتعرف على المجرمين، ليتمكنوا من فك اللغز لكن لم يتم تأكيد نجاحهم في ذلك بشكل فعلي، لكنه خرج بنتائج أولية، فاختار فريق من جامعة كوين ماري في لندن 140 عملاً نسب إلى الفنان في لندن وبريستول مسقط رأسه، مشيرين إلى نقاط مرجعية كما أوضحت في السطور السابقة، مثل حانة أو ملاعب كرة قدم وعنوان في بريستول وثلاثة في لندن، قصدها شخص يدعى روبن غانينغهام يتم تداول اسمه منذ العام 2008 مع الترجيح أنه فنان يخفي هويته، حسب ما نشرت وكالة الأنباء الفرنسية. وأشار الباحثون في دراستهم التي نشرت نتائجها هذا الأسبوع إلى أنهم يريدون إظهار قدرة تقنية كشف الأشخاص، بالاستناد إلى المواقع الجغرافية، وهي منهجية استقصائية تستند إلى المواقع الجغرافية لسلسلة من الجرائم المنسوبة إلى مجرم واحد لتحديد مقر إقامته. وقال ستيف لوكومبر المشارك في إعداد الدراسة في بيان نشر على الموقع الإلكتروني للجامعة: في حالات الأوبئة، يسمح نموذجنا باستخدام عناوين الأشخاص المصابين لتحديد مصدرها، وسيكون من الممكن حسب هؤلاء الباحثين كشف مؤامرات إرهابية قبل حصولها عبر الاستعانة بتحليل رسوم جدارية وأعمال تخريب أو توزيع منشورات، وهي من العوامل التي تؤشر برأيهم إلى التحضير لهجمات مماثلة. فيديو التقطته إحدى كاميرات الشارع أثناء تنفيذه لجدارية نفذت قصته في العديد من الكتب والأفلام أهمها الذي ظهر فيها بنفسه ' Exit Through The Gift Shop الموقع الرسمي لبانكسي banksy.co.uk. أعمال بانكسي في فيديو