محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار مكرم عواد، أودعت أمس حيثيات حكمها فى قضية التمويل الأجنبى. المحكمة شددت على أن التمويل الأجنبى أصبح شكلا من أشكال السيطرة والهيمنة الجديدة وهو يعد استعمارا ناعما أقل كلفة من حيث الخسائر والمقاومة من السلاح العسكرى، تنتهجه الدول المانحة لزعزعة أمن واستقرار الدول المستقبِلة التى يُراد إضعافها وتفكيكها، مما حوَّل دولة فى مكانة مصر الإقليمية والدولية إلى قزم فى عهد النظام البائد، انبطح أمام المشيئة الأمريكية فى مد جسور التطبيع بين مصر وإسرائيل. كما تابعت المحكمة بأنه قد برز على السطح «التمويل الأجنبى» لمنظمات المجتمع المدنى كأحد مظاهر هذا التطبيع بدعوى الدعم الخارجى والحوار مع الآخر ودعم الديمقراطية والحكم ومنظمات حقوق الإنسان وغيرها من المسميات التى يستترون فى ظلها وقد أفرغوها من محتواها الحقيقى وطبعوا عليها مطامعهم وأغراضهم فى اختراق أمن مصر القومى وإفناء موجباته وتقويض بنيان مؤسسات الدولة وتفكيك أجهزتها وصولا إلى تقسيم المجتمع وتفتيته وإعادة تشكيل نسيجه الوطنى وخريطته الطائفية والسياسية بما يخدم المصالح الأمريكية والإسرائيلية التى كانت تعلو -فى ظل النظام السابق- على صالح الوطن العام للشعب المصرى وبلاده. بينما أشارت المحكمة أيضا فى حيثيات حكمها إلى أن مسألة التمويل الأمريكى أخذت أبعادا جديدة فى محاولة لاحتواء الثورة وتحريف مساراتها، وتوجيها لخدمة مصالحها ومصالح إسرائيل، فكان من مظاهره تأسيس فروع لمنظمات أجنبية تابعة لها داخل مصر خارج الأطر الشرعية لتقوم بعديد من الأنشطة ذات الطابع السياسى «التى لا يجوز على الإطلاق الترخيص بها» للإخلال بمبدأ «السيادة» وهو المبدأ المتعارَف عليه والمستقرّ فى القانون الدولى ويعاقب عليه فى كل دول العالم ومن بينها الولاياتالمتحدةالأمريكية نفسها. بينما أضافت المحكمة أن الجانب الألمانى قام عن طريق المركز الرئيسى لمنظمة «كونراد أديناور» الألمانية بتمويل القائمين على تلك المنظمة من أجل إدارة نشاط سياسى لا يجوز الترخيص به أصلا حيث قام بتنفيذ المئات من برامج التدريب السياسى وورش العمل وتمويل عديد من الأشخاص الطبيعيين والمنظمات والكائنات غير المرخص لها بالعمل الأهلى والمدنى وذلك لا يجوز الترخيص به لإخلاله بسيادة الدولة المصرية. كذلك أوضحت المحكمة أنها اطمأنت إلى شهادة كل من د.فايزة أبو النجا وزير التخطيط والتعاون الدولى الأسبق، والسفير مروان زكى بدر المشرف على مكتب وزيرة التعاون الدولى، وأسامة عبد المنعم شلتوت مدير شؤون المنظمات غير الحكومية بوزراة الخارجية، وليلى أحمد بهاء الدين نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون حقوق الإنسان، وعزيزة يوسف رئيسة الإدارة المركزية للجمعيات والاتحادات بمنظمات التضامن والعدالة الاجتماعية وتحريات الأمن الوطنى والرقابة الإدارية والأموال العامة وما جاء فى تقرير لجنة تقصى الحقائق وما قرره المتهمون أمام قاضى التحقيق بقيامهم بتأسيس هذه الفروع من تلك المنظمات وتمويلها من المراكز الرئيسية للمنظمات بالولاياتالمتحدةالأمريكية وكذلك من ألمانيا، وما أسفر عنه الضبط والتفتيش لمقرات المنظمات الذى تم بمعرفة النيابة العامة. فى الاتجاه ذاته طالبت المحكمة النائب العام بإجراء التحقيق مع المنظمات والجمعيات والكيانات التى تلقَّت تمويلا من بعض الدول العربية والأجنبية والتى ورد ذكرها فى لجنة تقصى الحقائق أسوة بما تم مع المنظمات المعنية بهذا الحكم وبسرعة إنهاء التحقيق مع كل من مكَّن المتهمين الأجانب من الهرب.