تشوركين: تصريحات الأسد الأخيرة لا تنسجم مع جهود روسيا الدبلوماسية قال مندوب روسيا الدائم لدى الأممالمتحدة، فيتالي تشوركين، إن التصريحات الأخيرة للرئيس السوري بشار الأسد لا تنسجم مع الجهود الدبلوماسية لروسيا. وأكد تشوركين خلال مقابلة أجرتها معه صحيفة "كوميرسانت" وراديو"كوميرسانت إف إم" الروسيين، أنه في الوقت نفسه يعتبر أن هذا مجرد تقييمه الشخصي. وقال الدبلوماسي الروسي، إن "روسيا بذلت الكثير من الجهود في هذه الأزمة، سياسيا ودبلوماسيا وعسكريا. ولذلك، بالطبع، أود أن أرى الأسد يأخذ هذا بعين الاعتبار". ودعا تشوركين في الوقت نفسه إلى عدم تهويل تصريحات الرئيس السوري، وقال إنه "يتصرف وفق نظام معين من الإحداثيات السياسية، وهنا أعتقد أننا يجب أن نركز ليس على ما يقوله، مع كامل الاحترام لتصريحات شخص في هذا المستوى الرفيع، بل على ما سيقوم به في نهاية المطاف". وقال تشوركين إنه "إذا ما حذت السلطات السورية حذو روسيا بالرغم من التصنيفات السياسية الداخلية وخط الدعاية السياسية التي يجب عليهم العمل بها، فسيكون لديها الفرصة للخروج من الأزمة باستحقاق، لكن إذا ما ابتعدت عن هذا الطريق على نحو ما فسيكون الوضع صعبا للغاية وبالنسبة لهم أيضا". من جهة أخرى أوضح تشوركين بأن "المعارضة الراديكالية تستمر أكثر فأكثر في الحديث عن أنه سيكون من الأفضل التعجيل بتخلي الرئيس السوري بشار الأسد عن الحكم، لكن الأمريكيين بدأوا مؤخرا بصياغة موقف مختلف خاص بهم، هم يقولون إن على الأسد الرحيل لكنهم يوضحون أن هذا الأمر يجب ألا يتم دفعه بعجلة". وعلى الرغم من أن تشوركين كرر أكثر من مرة، خلال الحوار، بأن هذا هو رأيه الشخصي، إلا أن صحيفة "كوميرسانت" نفسها نشرت مقالا في غاية الأهمية للكاتب السياسي سيرجي ستروكان يوم الأربعاء ١٧ فبراير الحالي، يتضمن نفس المعنى تحت عنوان (بشار الأسد يستغرق في القتال: القائد السوري يتحدى جهود موسكو الدبلوماسية)، قال فيه إن التسوية السلمية في سوريا تواجه مخاطر التقويض والانهيار، ولكن في هذه المرة بسبب الموقف المتصلب للرئيس بشار الأسد.فعلى خلفية النجاح الذي حققته القوات الحكومية السورية بدعم من سلاح الجو الروسي، أعرب الرئيس السوري بشار الأسد عن تصميمه على القتال حتى النصر، وذلك في رفض عملي لعرض وقف إطلاق النار. وأوضح كاتب المقال، أن هذه التأكيدات من جانب دمشق تتعارض مع الاتفاقات التي تم التوصل إليها بمشاركة موسكو في جنيف وميونخ. كما يرى الخبراء أن الرئيس الأسد يحاول فرض دور الجهة الضامنة على موسكو للمحافظة على النظام القائم في دمشق بمعزل عن تحقيق الحل السياسي في إطار عملية جنيف. لقد أشار الرئيس السوري خلال لقاء جمعه بكبار المحامين في البلاد إلى انعدام الظروف الملائمة لوقف إطلاق النار، حيث قال: "هم (الوسطاء الدوليون) يقولون إنهم يريدون إعلان الهدنة خلال أسبوع. من يستطيع تنفيذ الشروط الضرورة والمتطلبات اللازمة؟ لا أحد". وبهذا الشكل أشار الرئيس السوري إلى عدم واقعية مبادرة المجموعة الدولية لدعم سوريا التي ناقش أعضاؤها الأسبوع الماضي في ميونخ إمكانية إعلان الهدنة، فيما من المعروف أن موسكو لعبت إلى جانب واشنطن دورا أساسيا في عملية المفاوضات. وسارع الرئيس الأسد إلى الحد من شدة الحماس الذي ظهر على خلفية الجهود القوية التي بذلت مؤخرا من جانب الدبلوماسية الروسية - الأمريكية. وألمح إلى أنه حتى ولو تم إعلان الهدنة فإن "كل طرف من الأطراف سيواصل استخدام السلاح". وأشار إلى أنه لا يشعر بأي حماس بخصوص فكرة وقف إطلاق النار في هذه الظروف، وقال إنه لا يوجد خيار آخر لدى سوريا غير تحقيق النصر لقاء ثمن باهظ تبذله. وبذلك، يكون الرئيس السوري قد أعاد العبارة الأساسية التي كان لها صداها الجمعة الماضية في حديثه مع وكالة أنباء "فرانس برس" حول ضرورة الاستمرار في الحرب حتى النصر. إن الرئيس السوري – حسب الكاتب السياسي الروسي سيرجي ستروكان - يرى أن "الغرب بدأ يتحدث" عن وقف النار، بعد أن بدأ المسلحون يتكبدون الهزائم الواحدة تلو الأخرى. وقد أدلى بتصريح آخر ملفت للنظر يوم الاثنين الماضي عبر شاشات التلفزيون تحدث فيه عن كيفية تحقيق التسوية السياسية، داعيا إلى الاسترشاد في هذه التسوية بالدستور السوري الحالي، وألمح إلى أنه لا يرى أي معنى في المفاوضات حول تعديل الدستور السوري الحالي. والملفت في تعليق الأسد، أنه فضل عدم التطرق إلى المفاوضات السلمية في جنيف، وطرح فكرة بديلة، معتبرا أن حل النزاع أمر قابل للتحقيق "عبر مكافحة الإرهاب والاتفاق على وقف النار على المستوى المحلي (المصالحات المحلية)". وذلك من دون أن يفسر كيفية إحلال السلام "على المستوى المحلي". وتشير التصريحات الأخيرة للرئيس الأسد إلى بروز خلاف جدي في المواقف الرسمية بين موسكوودمشق حول النقاط الأساسية في التسوية السورية. فموسكو تدعو من جانبها إلى الحل السياسي في إطار عملية جنيف السلمية، فيما تفضل دمشق سيناريو القوة مع "المصالحات المحلية "، عوضا عن اتفاق شامل يتحقق بوساطة من الدول الكبرى. ويرى الخبراء الروس الذين استطلعت صحيفة "كوميرسانت" آراءهم، أن النهج الذي اتخذه بشار الأسد لن يعرقل فقط تحويل نجاح روسيا العسكري في سوريا إلى مكاسب سياسية، بل ويهدد بتدهور علاقاتها في المستقبل مع الغرب والعالم العربي.