في 11 يوليو 2011، أكدت جامعة الدول العربية أحقية جنوب السودان، فى الانضمام كعضو عامل وفاعل فى جامعة الدول العربية. أتى التصريح على لسان نائب الأمين العام للجامعة العربية السفير أحمد بن حلى، الذي أكد على أحقية جنوب السودان بعد انفصاله عن الشمال فى الانضمام للجامعة العربية، خاصة أن ميثاق الجامعة العربية ينص على ضرورة إقرار دساتير دول الجامعة العربية للغة العربية كلغة رسمية، وهو ما ينطبق على جنوب السودان. وقال بن حلى، إن انضمام جنوب السودان إلى الجامعة العربية يتوقف على الإرادة السياسية للقيادة الجديدة فى جنوب السودان. وأصدرت الأمانة العامة للجامعة العربية بيانا، بمناسبة الاعتراف بتأسيس دولة جنوب السودان، أكدت فيه ثقتها فى تواصل العلاقات الخاصة بين الدولتين السودانيتين، فى إطار التعاون البناء والمؤسس على الروابط والقواسم المشتركة والمصالحة المتكاملة والأمن المتبادل وعلاقات حسن الجوار والتعايش السلمى فيما بينهما ومع محيطهما الإقليمى والعربى والأفريقى. والآن بعد خمس سنوات على استقلال جنوب السودان، وبرغم العرض المقدم من الجامعة العربية، لماذا لم تنضم دولة الجنوب للجامعة؟ قال برنابا بنجامين، وزير الخارجية في دولة جنوب السودان، العام الماضي، عقب مباحثات أجراها في القاهرة مع الدكتور نبيل العربي، الأمين العام للجامعة العربية، وسامح شكري، وزير الخارجية المصري، إنه "أطلع الأمين العام للجامعة العربية على التنسيق الحالي بين مصر وجنوب السودان، وكذلك على العلاقات بين بلاده والدول العربية"، مؤكدا حرص بلاده على تطوير تلك العلاقات. وحول انضمام دولة جنوب السودان إلى الجامعة العربية، قال بنجامين إن"«بلاده كانت جزءا من جمهورية السودان، العضو في الجامعة العربية، وبعد الاستقلال، فإن موضوع العضوية يحتاج إلى وقت"، موضحا أن مفاوضات السلام ما زالت مستمرة الآن في أديس أبابا، لكنه أقر بوجود بعض العراقيل التي يضعها المتمردون، والتي تحول دون إحراز تقدم في عملية السلام، وذلك خلال رده على المدى الذي وصلت إليه المفاوضات الحالية بين طرفي النزاع في جنوب السودان، كما لفت إلى استمرار الحوار تحت رعاية منظمة الإيجاد، وأهمية الحل السياسي ودعمه من جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي. وشدد بنجامين على أهمية الدور العربي التنموي والاستثماري في بلاده خلال هذه المرحلة، داعيا في الوقت نفسه أصدقاء جمهورية جنوب السودان إلى تقديم العون لها. وفي أثناء زيارته للقاهرة، طالب سلفا كير، رئيس جمهورية جنوب السودان، الدول العربية أن يفتتحوا سفارات في بلاده حتى لو قنصليات لسهولة التواصل معهم، مؤكدًا أن العرب غير متعجلين في فتح سفارات ببلاده. وأشار سلفا كير، خلال حواره تلفزيوني، أن العرب يعتقدون أن جنوب السودان ليس لديها رغبة في أن تكون دولة عربية لأنها انفصلت عن السودان وهى دولة عربية، مضيفًا أن دولته لم تفكر بعد في الانضمام ولكن لو فكرنا في الالتحاق بالجامعة العربية هل يقبلونا؟ أشك في إن الجامعة العربية تقبل عضويتنا. أما رياك مشار، النائب الأول لرئيس الجمهورية، فقال الأسبوع الماضي، بعد تشكيل الحكومة فى جنوب السودان نريد أن نتعاون مع الجامعة العربية، ونبحث السبل لهذا التعاون، نحن لسنا أعضاء فى الجامعة، قلنا لهم يجب أن يكون هناك طريقة للتعاون معنا، والجنوب دولة غير عضو، ونريد خلق وضعية لنا فى إطارها. كما نريد جذب المستثمرين العرب والمصريين، وقبل استقلال جنوب السودان نظمت الجامعة مؤتمرا بجوبا برعاية الأمين العام السابق السيد عمرو موسي، ونحن نريد أن نستأنف هذه الجهود، وكان من المفترض عقد مؤتمر آخر فى البحرين لتنمية وإعمار الجنوب بعد استقلاله، لكن ذلك لم يتم، وكان من المفترض ايضا أن ينشئ البنك المصرى فرعا فى جوبا لتشجيع المستثمرين المصريين والعرب على الاستثمار فى جنوب السودان، لكن هذا لم يحدث، الآن نسعى لترسيخ السلام بالجنوب، ونستعد لجذب الأموال العربية للاستثمار فى بلدنا. من جانبه قال سفير جنوب السودان في القاهرة أنتوني كون، حتى الآن لم يتم مناقشة هذا الموضوع من جانب قيادة الدولة، خاصة في الفترة الأخيرة التي شهدت فيها الدولة نزاعًا كبيرًا، ونحن نرى أن قرار الانضمام للجامعة العربية يحتاج إلى دراسة، لأن هناك مواثيق موجودة ومواقف داخل الجامعة العربية، فلابد أن ندرس كل هذه المواقف، وهل ستتفق مع سياستنا الخارجية، أم ستضر بها؟ وما مدى استفادتنا منها في حال الانضمام إلى الجامعة؟ الناحية القانونية والسياسية من الناحية القانونية والسياسية، ليست هناك عقبات أمام انضمام الجنوب إلى الجامعة، فميثاق الجامعة ينص على أن الدولة العضو عندما تنقسم إلى قسمين يصبحان عضوين كذلك. وكانت الجمهورية العربية عضوًا ثم بعد الانفصال صارت مصر عضوًا وسوريا كذلك، والحال نفسه بالنسبة لليمن قبل وبعد الوحدة. كما إن جنوب السودان تتوافر فيه الشروط كافة للعضوية، فهو قريب جغرافيًا وتربطه مصالح حيوية مع المحيط العربي خصوصًا مصر التي عادت لدورها الطبيعي بعد الثورة كدولة محورية في العالم العربي، وهي تتمتع الآن بعلاقات جيدة مع الجنوب. سياسيًا، هناك تمثيل للجامعة العربية من خلال مكتبها في جوبا، وانضمام الجنوب يعني التنسيق معها في القضايا التي تهم المنطقة خصوصًا وأن استقرار الأوضاع في الجنوب يعني أن دولتين على الأقل من أهم أعضاء الجامعة وهما السودان ومصر سينعمان بالاستقرار. ويمكن أن يلعب الجنوب مستقبلًا دورًا مهمًا في استقطاب دول مثل يوغندا وكينيا إلى محور الجوار العربي الذي يضم تشاد وأريتريا وتركيا وإيران وتوليه الجامعة عناية فائقة، وفي ذلك فوائد اقتصادية وأمنية للدول العربية. أسباب عدم الانضمام أولًا: يعتبر أهل الجنوب أنفسمهم أفارقة أكثر منهم عرب، وهم ينظرون للمواقف العربية التي كانت مساندة بشكل كامل للسودان قبل الانفصال، وكانوا مع وجود دولة سودانية موحدة، وهذا يخلق نوعا من الأحساس بالمظلومية لدي الجنوبيين، وهو كيف ننضم لدول لم ترى أن لنا حق في تأسيس دولة خاصة بنا، ولم يتم مراعاة حقوقنا الثقافية والإثنية، وكما حاول الشمال فرض الشريعة الإسلامية على الجنوب ذات الأغلبية المسيحية في عهد الرئيس السوداني السابق جعفر النميري. ثانيًا: يعتقد الجنوبيون، أن السودان ستعارض انضمام دولة الجنوب لجامعة الدول العربية، وأنها لن تسمح لها بذلك. ثالثًا: العوامل الخارجية، وهي تتمثل في العلاقات القوية بين الجنوب والدول الغربية لا سيما أمريكا، فهي دولة ذات غالبية مسيحية، وبالتالي هي أقرب للغرب، ويدعم الغربيون الجنوب منذ خمسينات القرن الماضي بالسلاح والدعم الدبلوماسي. رابعًا: الدين، أغلبية سكان الجنوب هم مسيحيون كاثوليك، وربما يمثل هذا عقبة في طريق الانضمام للدول العربية، التي تتكون أغلبيتها من دول مسلمة سنية، وفي حال الانضمام سيكون رئيس جنوب السودان هو الرئيس الثاني في اجتماع القمة رفقة الرئيس اللبناني -مسيحي ماروني-. خامسًا: الدور الإسرائيلي، حيث ترتبط جنوب السودان بعلاقات جدًا، مع إسرائيل - العدو التاريخي للعرب - وبالتالي ربما تؤثر إسرائيل، في الضغط على القيادات لمنع الارتماء في أحضان العرب، بدلًا من أن تجعلها إسرائيل شوكة في خاصرة العرب الجنوبية. سادسًا: إثيوبيا، هي الدولة التي احتضنت التمرد الجنوبي منذ الخمسينات، وجعلت لها مقرات وحصلت على دعمها الدبلوماسي طوال هذا الفترة، وبالتالي من مصلحة إثيوبيا عدم انضمام جنوب السودان للجامعة العربية، حتى تصل حالة شبه الوصاية الإثيوبية على صناعة القرار في جوبا، بدلًا من الدول العربية. سابعًا: الاضطرابات الدائمة، ما لبث حصول دولة الجنوب على الاستقلال، حتى دخلت في اتون الحرب الأهلية، نتيجة الصراع القبلي بين الرئيس سيلفا كير "قبيلة الدينكا"، ونائبة الأول رياك مشار "قبيلة النوير"، ورغم الاتفاق على وقف إطلاق النار وتوقيع معاهدة سلام هشة، إلا أن هذا الاتفاق لم يطبق حتى الآن.