توفي بطرس بطرس غالي، الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، مساء اليوم الثلاثاء، عن عمر يناهز 94 عاما، بأحد المستشفيات في الجيزة. ويعد رفض أمريكا بشدة تجديد ولاية بطرس غالي على رأس المنظمة الدولية الكبرى من أهم النقاط السياسية الكبرى في مسيرة الرجل، فحتى الآن مازالت فترة توليه منصبه في الأممالمتحدة مثيرة للجدل، فالبعض يرى أنه قد سعى لتأسيس استقلالية للأمم المتحدة عن القوة العظمى، الولاياتالمتحدة. وعادة ما كان بطرس غالي يأخذ مواقف لفظية تغضب إدارة كلينتون، ومنها انتقاده الشديد لإسرائيل بعد قصفها معسكرا للأمم المتحدة في لبنان عام 1996 أسفر عن مقتل حوالي مائة من اللاجئين التي سميت "مجرزة قانا". وساقت السفيرة الأمريكية "أولبرايت"، مبررات الولاياتالمتحدة، بعدم التجديد لبطرس غالي، للوفد المصري منها: أن غالي كثير السفر، وعنيد وصعب المراس ولديه آراء محددة، والولاياتالمتحدة تمارس عليه ضغوط حتى يتماشى مع سياستها، كما أن الولاياتالمتحدة لا تقبل هذا النوع من الأشخاص. ويرجح الدكتور نبيل العربي في كتابه "صراع الدبلوماسية"، أن تقرير قانا الذي أعده الدكتور بطرس غالي وفضح به جرائم الاحتلال الاسرائيلي في مجزرة قانا جنوبلبنان والتي راح ضحيتها 106 من المدنيين، أحرج إسرائيل أمام الرأي العام، وأزعج الولاياتالمتحدة، وبالتالي اعترضت الولايت المتحدة، على التجديد للدكتور بطرس غالي، وبعدها بأيام جرى اقتراع غير رسمي وفقا للعرف داخل المجلس، وحصل كوفي عنان على 12 صوتا مؤيدا، ورفضت مصر المضي قدما في خطوات ترشيح غالي لولاية ثانية، حتى لاتخسر كوفي عنان التي أجمعت القوى الدولية عليه. عن ذلك يقول الدكتور بطرس غالي في حورا سابق له على قناة الجزيرة، "هناك ضغوط مورست علي إذا نشرت هذا التقرير من واشنطن بشكل غير مباشر، وأن مصر ليس لديها مصلحة لنشر هذا التقرير، كما أن التقرير سوف يضر بمصلحة شيمون بريز في الانتخابات الإسرائيلة آنذاك". وفي خطاب وداعه للأمم المتحدة، قال بطرس غالي إنه ظن أنه عندما يتولى المنصب، فسيكون الوقت ملائما للأمم المتحدة للعب دور فعال في عالم لم يعد منقسما إلى معسكرات متناحرة في الحرب الباردة وأضاف «لكن السنوات الوسطى في نصف العقد هذا كانت مضطربة بشدة. خيبة أمل مستقرة» وفي مقابلة مع الأسوشيتدبرس عام 2005، وصف بطرس غالي مذبحة 1994 في رواندا، والتي قتل فيها نحو نصف مليون من التوتسي والهوتو المعتدلين خلال مائة يوم فقط، بأنها «أسوأ فشل لي في الأممالمتحدة». لكنه ألقى باللوم على الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وبلجيكا في شل الحركة من خلال وضع شروط مستحيلة للتدخل، ثم عارض الرئيس الأمريكي بيل كلينتون ورؤساء آخرون لاتخاذ خطوة قوية لتدعيم قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الدولة الصغيرة الواقعة وسط أفريقيا أو للتدخل ووقف المذابح. وفي كتاباته بعدما غادر الأممالمتحدة، اتهم بطرس واشنطن باستخدام المنظمة الدولية لتحقيق أغراضها السياسية، وقال إن مسؤولين أمريكيين حاولوا في بعض الأحيان التحكم بشكل مباشر في تصرفاته.