لم تخف اللجنة الوطنية للدفاع عن حرية التعبير قلقها وانزعاجها البالغ، لما تتعرض له الثقافة المصرية من هجمة شرسة، تهدف إلى تجريف الهوية الوطنية، والتخلص من الميراث الثقافى التنويرى، الذى لعب دورا كبيرا فى نهضة مصر، مشددة على ضرورة إقالة وزير الثقافة الجديد. اللجنة شددت على أنه قد لفت نظرها قيام النظام الحاكم، الذى عبّر فى كثير من مواقفه عن عداء لحرية الرأى والتعبير، واعتماده فقط ثقافة السمع والطاعة، بالتحرك مؤخرا نحو إهدار القيم الثقافية للشعب المصرى، باختيار وزير الثقافة الجديد، الذى سارع منذ اللحظة الأولى لتوليه موقعه لتنفيذ مخطط أعدته الجماعة التى أتت به للتخلص من قيادات العمل الثقافى تباعا، بأساليب تتسم بالفجاجة والشخصنة والجلافة، وكان آخرها إقالة رئيس قطاع الفنون التشكيلية من منصبه، الذى استجاب لرغبة جموع الفنانين التشكيليين، وافتتح المعرض العام للفنون التشكيلية، رغم رفض الوزير الذى سمح لنفسه بالتدخل فى أعمال اللجنة المنظمة دون وجه حق، ثم بعد ذلك إنهاء انتداب رئيسة دار الأوبرا المصرية فجأة، مما أدى بقيادات الأوبرا والعاملين بها إلى الامتناع عن تقديم العروض، والاعتصام بمقر الأوبرا والمطالبة بإقالة الوزير، ولم يكتف بذلك بل أنهى انتداب رئيس دار الكتب. فى حين شددت اللجنة على أن وزير الثقافة أشاع مناخا خانقا دفع أمين عام المجلس الأعلى للثقافة إلى تقديم استقالته. كما استقال الشاعران الكبيران أحمد عبد المعطى حجازى وفاروق شوشة من رئاسة مجلة «إبداع» و«منتدى الشعر». ومن ثم أكدت اللجنة أنها ترفض مسلك الوزير غير المسبوق وتتمسك بإقالته؛ وتحذر من خطورة هذا المخطط، الذى أتى لتنفيذه والذى يستهدف هدم الثقافة المصرية، تحت شعار التطهير ومحاربة الفساد. فى الاتجاه ذاته تناشد اللجنة كل القوى المناصرة لحرية الرأى والتعبير والإبداع التصدى لهذا المخطط، كما تدعو جميع المثقفين إلى التكاتف والاصطفاف للمطالبة بتحقيق أهداف الثورة، وأن تأخذ مصر مكانتها، وأن لا تخسر ما تبقى لها من قوة تأثير ثقافى قام على أكتاف أجيال متعاقبة من المبدعين والفنانين والكتاب جعلوا من مصر على الدوام قلعة للاستنارة وحائط صد ضد جحافل التخلف التى تريد إعادة مصر إلى ظلام القرون الوسطى.
