أصدرت منظمة "عالم واحد للتنمية"، اليوم الثلاثاء، تقريرًا عن مكافحة الفساد في مصر في الفترة من يوليو - ديسمبر 2015؛ لقياس التقدم الذي تم تحقيقه في مكافحة الفساد، ودرجة التزام الدولة والمؤسسات الحكومية بالتشريعات ذات الصلة. وقال ماجد سرور، مدير المنظمة، إن التقرير يُعد الأول من نوعه، ويسعى إلى إمداد صانعي السياسات في مصر بالنصائح الصادرة عن خبرات منظمات المجتمع المدني المصرية. وتناول التقرير إلقاء القبض على صلاح هلال، وزير الزراعة السابق، بعد أن تقدم باستقالته، في إطار إجراء تحقيقات معه في قضية فساد، بالإضافة إلى إعفاء المهندس إبراهيم محلب من رئاسة مجلس الوزراء، وتعيين المهندس شريف إسماعيل، خلفًا له، حيث شهدت هذه الفترة، تغيير 11 محافظًا، و5 نواب وزارات. واستعرض التقرير عددًا من المحاور، وعلى رأسها البنية التشريعية لمكافحة الفساد في مصر، وإصدار قانون يمنح الرئيس الحق في عزل رؤساء الهيئات والأجهزة الرقابية المستقلة، الأمر الذي أثار جدلًا واسعًا بين السياسيين والمعنيين بمكافحة الفساد، والذين اعتبروا القانون غير دستوري بالمخالفة لنص المادة مادة 216 من الدستور، كما أثار القانون جدلا واسعًا فيما يتعلق بإعفاء رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، خاصة أن قانون الجهاز رقم 144 لسنة 1988 وفي المادة رقم 20 حظرت إعفاء رئيس الجهاز من منصبه. وفيما يتعلق بالاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، أوضح التقرير أن الفترة محل الرصد لم تشهد إصدار أية بيانات أو تقارير رسمية متعلقة بتحقيق أي من الأهداف قصيرة المدى لعام 2015 والواردة بالخطة التنفيذية للاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد الصادرة عن مجلس الوزراء في ديسمبر 2014. وتم وضع استراتيجية تفعيل مدونات السلوك، كواحدة من سياسات تنفيذ الرقابة الشعبية والمساءلة المجتمعية، الأمر الذي لم يتم تنفيذه في الأجهزة والإدارات الحكومية العامة، كما حددت الاستراتيجية آلية أخرى لتنفيذ هذا الهدف، وهو تفعيل قانون منع تضارب المصالح وميكنة إقرارات الذمة المالية، الأمر الذي لم يتم حتى الآن. وأشار التقرير إلى أنه لم يتم إصدار أو نشر التقارير وإتاحتها للرأي العام حتى يتمكن من متابعة آليات الخطة التنفيذية للاستراتيجية، كما لم يتم عقد أي حوار مجتمعي متعلق بالقوانين والتشريعات اللازمة لمكافحة الفساد. ولفت التقرير إلى جهود عدد من الأجهزة الرسمية والمحافظات والأجهزة الرقابية في نشر وتعميم الاستراتيجية، ومنها هيئة الرقابة الإدارية وبعض مجالس المحافظات، ومنها محافظاتقنا والبحر الأحمر على سبيل المثال. وحول ضمان حرية تداول المعلومات، رأى التقرير أن الفترة لم تشهد أية خطوات إيجابية فيما يتعلق بضمانات وصول الأفراد والمواطنين للمعلومات، تنفيذًا واتساقًا للمادة الدستورية رقم 68، وأن كل ما أثير حول نية مجلس الوزراء لاعتماد قانون تداول المعلومات الذي تعده لجنة الأمن القومي، والذي تنص مواده على توقيع عقوبة الحبس ضد كل من يروج للشائعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن القانون لم يتم الإعلان عنه بشكل رسمي. وفيما يتعلق بقانون حماية الشهود والمبلغين، ذكر التقرير أنه رغم وجود قانون لحماية الشهود والمبلغين كإحدى الأدوات التشريعية الواردة بالاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، بالإضافة إلى مطالبات متواترة لعدد من منظمات المجتمع المدني المعنية، إلا أن الفترة محل التقرير، لم تشهد تحقيق أية خطوات تُذكر في هذا الملف. وقال التقرير إن ما أثارته قضية اتهام إحدى الناشطات و18 آخرين في حادث مقتل شيماء الصباغ، وتحويلها من شاهد عيان إلى متهم، والتي صدر في حقهم حكم نهائي بتأييد البراءة من محكمة استئناف قصر النيل، الأمر الذي أثار جدلاً حول حماية الشهود والمبلغين في القانون المصري، وكيفية تفعيل مادتي الدستور الجديد 85،96 اللتين ألزمتا الدولة بحماية المبلغين. وحول مؤشر غسيل الأموال، شهدت الفترة محل التقرير، موافقة مجلس الوزراء على التعديلات المقترحة على قانون سوق المال، والتي كان أبرزها إلغاء الأسهم لحامله؛ استجابة للتوجهات العالمية الخاصة بمكافحة غسل الأموال، ورغم انتهاء تعديلات قانون سوق المال رقم 95 لسنة 1992، وموافقة مجلس الوزراء عليها، فإنه القانون لم يصدر بعد، وربما يأتي ضمن حزمة التشريعات التي تنتظر مجلس النواب لمناقشتها والموافقة عليها. وفيما يخص استعادة الأموال المنهوبة للخارج، أكد التقرير أنه على قدر ما شهدت الفترة محل الرصد الكثير من التصريحات الرسمية من قبل وزارة العدل بالقيام بمجهودات عديدة من أجل استعادة الأموال المهربة للخارج، على قدر ما خلت من أية إنجازات تُذكر، ذلك على الرغم من تشكيل اللجنة القومية لاسترداد الأموال والأصول الموجودة في الخارج، وفقًا لقرار صادر عن رئيس مجلس الوزراء. ولم يتم الإفصاح عن حجم الأموال المهربة للخارج، والأصول المنهوبة، ويبقى متروكًا لتقدير وتكهنات الجهات غير الرسمية، وأشار التقرير إلى أن الفترة محل الرصد لم تشهد إصدار أية أحكام نهائية بحق الرئيس الأسبق مبارك، والمتهم في قضايا فساد. أما عن دور الجهات الرقابية، فقد أوضح التقرير أن الفترة محل الرصد، لم تشهد إجراء أية تعديلات تشريعية فيما يتصل بمنع تداخل الاختصاصات في عمل الأجهزة الرقابية. وشهدت هذه الفترة عددًا من التصريحات الاقتصادية الحكومية التي تتعلق بأعمال وقرارات المجموعة الوزارية الاقتصادية، كان من أهمها تجاوز الفساد 600 مليار جنيه، بحسب الجهاز المركزي للمحاسبات، الأمر الذي دفع رئاسة الجمهورية إلى تشكيل لجنة برئاسة رئيس هيئة الرقابة الإدارية؛ لتقصىي الحقائق. وأثار قرار رئيس الجمهورية جدلاً واسعًا؛ باعتبار أن اللجنة تم تشكيلها من جهات تابعة للسلطة التنفيذية، والتي تقع تحت نطاق اختصاص الجهاز للقيام بإجراء الرقابة المالية عليها. وفيما يخص إنشاء هيئة مستقلة لمكافحة الفساد، لفت التقرير إلى أن الفترة محل الرصد، لم تشهد أية تصريحات رسمية بشأن إنشاء هيئة مستقلة معنية بمكافحة الفساد في مصر، الأمر الذي يجعل من اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد الكيان الرسمي المعني بتفعيل الإنفاذ الفعلي لأحكام اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد. وذكر التقرير أن اللجنة أنشئت وفقًا لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2890 لسنة 2010، أي منذ عهد الرئيس الأسبق مبارك والمتهم في جرائم فساد.