الصحيفة البريطانية: الرياض تتعمد زيادة التوتر السياسي مع طهران بتقديم أربعة إيرانيين للمحاكمة سلطت صحيفة الإندبندنت البريطانية، اليوم الأحد، الضوء على وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان لليوم الثاني على التوالي. وقال الكاتب بارتريك كوبيرن في إشارة إلى المذكرة التي نشرتها وكالة الاستخبارات الألمانية في نهاية العام الماضي، وقالت فيها إن المملكة العربية السعودية قد اعتمدت "سياسة متهورة من التدخل": "المذكرة صورت وزير الدفاع السعودي، وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الابن المفضل للملك الطاعن في السن، الذي يعاني من الخرف، كمقامر سياسي يزعزع الاستقرار في العالم العربي من خلال الحروب بالوكالة في اليمن وسوريا". وأوضح "الكاتب البريطاني" أن وكالات التجسس عادة لا تسلم مثل هذه الوثائق المتفجرة سياسيًّا للصحافة، والتي تنتقد قيادة دولة حليفة وقوية مثل المملكة العربية السعودية، فهو أمر مثير للقلق في الاستخبارات الألمانية أن المذكرة كانت معلنة وتم نشرها على نطاق واسع. لكن وزارة الخارجية الألمانية انتقدت بشدة الوكالة الاستخباراتية، وذلك بعد احتجاجات السعودية الرسمية. ورأى "الكاتب" أن هذا التحذير كان علامة على تزايد المخاوف من أن المملكة العربية السعودية قد تصبح بطاقة رابحة لا يمكن التنبؤ بها. ونقل الكاتب عن أحد الوزراء السابقين من الشرق الأوسط، رفض الكشف عن هويته: "في الماضي حاول السعوديون عمومًا للحفاظ على خياراتهم مفتوحة، وكانوا حذرين، حتى عندما كانوا يحاولون التخلص من بعض الحكومات التي لم تعجبهم". وأضاف "كوبيرن" أن تقرير الاستخبارات الألمانية كان له تأثير مفاجئ خارج ألمانيا في ذلك الوقت، وهذا قد يكون بسبب أنه نشر يوم 2 ديسمبر أي بعد ثلاثة أسابيع من مذبحة باريس في 13 نوفمبر، عندما كانت الحكومات ووسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم لا تزال تركز على التهديد الذي يشكله تنظيم "داعش" وكيفية مكافحته بأفضل طريقة، في بريطانيا كان هناك جدال حول الانضمام إلى الحملة الجوية ضد التنظيم في سوريا، وبعد فترة وجيزة في الولاياتالمتحدة وقعت حادثة سان برناردينو بولاية كاليفورنيا. "كان إعدام رجل الدين الشيعي الشيخ نمر النمر و46 آخرين، معظمهم من الجهاديين السنة أو المنشقين، في 2 يناير هي المرة الأولى تقريبًا أن تنتبه فيها الحكومات إلى مدى الخطورة التي يمكن أن تشكلها السعودية في الوضع الحالي. ويبدو أنه استفزاز متعمد لإيران في محاولة لقيادة العالمين السني والعربي، في الوقت الذي يسعى فيه الأمير محمد بن سلمان لتدعيم سلطته المحلية من حلال تزكية القومية الطائفية السنية، مما لا شك فيه أن السياسة السعودية قد تحولت منذ تولي الملك سلمان الحكم بعد وفاة الملك عبد الله". وأوضح تقرير الاستخبارات الألمانية المناطق التي تتبنى فيها المملكة العربية السعودية سياسة أكثر عدوانية، ففي سوريا، في وقت مبكر من عام 2015، أيدت تكوين "جيش الفتح"، الذي تشكل في الأساس من فرع تنظيم القاعدة "جبهة النصرة" وكذلك "أحرار الشام"، التي حققت سلسلة من الانتصارات ضد الجيش السوري في محافظة إدلب. وفي اليمن، بدأت الحرب الجوية ضد حركة الحوثيين والجيش اليمني، ومن بين أولئك الذين استفادوا منها "تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية"، التي كانت الولاياتالمتحدة تحاول دون جدوى إضعافها عن طريق غارات طائرات دون طيار. وأضاف الكاتب البريطاني "كل هذه المغامرات الخارجية التي بدأها الأمير محمد لم تنجح، كما أنها لم تظهر أي احتمال للنجاح، لكنها فازت بالدعم الداخلي". وحذَّر تقرير الاستخبارات الألمانية من أن تركيز السلطة في يديه "ينطوي على مخاطر كامنة بشأن سعيه إلى وضع نفسه كخليفة لوالده في حياته، قد يتجاوز الحدود". ونوه "كوبيرن" بأن التجاوز يزداد سوءًا يوما بعد يوم، وفي كل مرحلة من مراحل المواجهة مع إيران خلال الأسبوع الماضي - السعودية تصعد الأمور، والهجوم على السفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد قد يكون غير متوقع، لكن السعودية لم يكن عليها قطع العلاقات الدبلوماسية، ثم كانت هناك الضربة الجوية التي زعم الإيرانيون أنها دمرت سفارتهم في صنعاء". الكاتب البريطاني أكد أن هذه الأمور لم تكن مفاجئة، مشيرًا إلى أن "العلاقات السعودية الإيرانية كانت سيئة خاصة منذ وفاة 400 حاج إيراني في حادثة التدافع في منى العام الماضي". "ولكن حتى في الأيام القليلة الماضية، هناك دلائل على أن القيادة السعودية تتعمد زيادة التوتر السياسي عن طريق تقديم أربعة إيرانيين للمحاكمة، أحدهم بتهمة للتجسس وثلاثة للإرهاب، الأربعة كانوا في السجون السعودية منذ 2013 أو 2014 لذلك لم يكن هناك أي سبب لمحاكمتهم الآن، بخلاف أنه سبب آخر لافتعال أزمة مع إيران". وأوضح "كوبيرن" أن السعودية قامت بهجمات مرتدة لطمأنة العالم بأنها لن تدخل في حرب مع إيران"، مشيرًا إلى ما قاله الأمير محمد في مقابلة مع مجلة "الإيكونوميست": "حرب بين السعودية وايران هي بداية لكارثة كبرى في المنطقة، كما أنها تنعكس بقوة على بقية العالم، بالتأكيد، فإننا لن نسمح بأي شيء من هذا القبيل". واختتم مقاله بالقول: "المقابلة يفترض أن تكون مطمئنة للعالم الخارجي، ولكن بدلًا من ذلك فإنها أوضحت سذاجته وغطرسته، وهناك أيضًا شعور بأن الأمير محمد هو مقامر عديم الخبرة، ومن المرجح أن يضاعف مهوره عندما تفشل رهاناته، وهذا هو العكس تمامًا للحكام السعوديين السابقين، الذين دائمًا كانوا يفضلون المراهنة على جميع الخيول".