"إعدام 47 شخصًا في السعودية منهم رجل الدين الشيعي نمر باقر النمر، تصرف يليق بتنظيم داعش الإرهابي، فعملية الإعدام الجماعية، التي جرت على أرض النظام الملكي السني لأسرة آل سعود والتي قصدت بوضوح إثارة حفيظة الإيرانيين والعالم الشيعي كله، تشعل الصراع الديني الذي يسعى التنظيم الإرهابي لتعزيزه"، كانت هذه مقدمة مقال الكاتب البريطاني الشهير روبرت فيسك في صحيفة "الإندبندنت". وذكر الكاتب البريطاني أن الأمر الوحيد المفقود هو تسجيلات الفيديو لقطع الرؤوس، "لكن إعدام 158شخص في المملكة العام الماضي يتناغم تمامًا مع التعاليم الوهابية لتنظيم داعش". واستعار "فيسك" مقولة "ماكبث" بطل دراما شيكسبير الشهيرة "الدم يقود إلى المزيد من الدم"، معتبرًا أنها تنطبق كثيرًا على السعوديين، الذين يبررون في "حربهم على الإرهاب" أي كمية من الدماء، من السنة والشيعة، وتسائل كيف يبدو الأمر بالنسبة إلى وزير الداخلية السعودي الحالي، ولي العهد الأمير محمد بن نايف؟. وأشار "الكاتب" إلى أن الشيخ نمر لم يكن مجرد رجل دين، لكنه أمضى سنوات كباحث في طهران وسوريا، وكان إمام شيعي لصلاة الجمعة في المنطقة الشرقية السعودية، كما أنه طالب بانتخابات حرة، واعتقل بانتظام وتعرض للتعذيب لمعارضة الحكومة الوهابية السنية السعودية، وكان يؤكد دائمًا أن الكلمات أقوى من العنف. الكاتب المتخصص في شؤون الشرق الأوسط أكد أن ادعاء السعودية بأنه لا توجد شبهة طائفية حول عمليات الإعدام الأخيرة، على أساس أنها أعدمت شيعة وسنة، هو "خطاب داعشي تقليدي". ولفت إلى أن "داعش" يقطع رؤوس "المرتدين" من السنة والجنود السوريين والعراقيين السنة بسهولة مثلما يفعل مع الشيعة، مضيفًا "الشيخ نمر قد حصل على نفس معاملة بلطجية التنظيم الإرهابي من جانب السلطات السعودية، على الرغم من سخرية المحاكمة القانونية الزائفة التي نالها وشككت في مصداقيتها منظمة العفو الدولية". وأضاف "لكن عملية القتل تمثل ما هو أبعد من الكراهية السعودية لرجل الدين الذين ابتهج لوفاة وزير الداخلية السعودي السابق الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود"، موضحًا أن إعدامه سوف يعمل على تنشيط التمرد الحوثي في اليمن، ويثير غضب الأغلبية الشيعية في البحرين، كما أن رجال الدين في إيران قد أكدوا بالفعل أنه سوف يتسبب في إسقاط العائلة المالكة السعودية. إعدام الشيخ النمر، بحسب ما قال فيسك، سيضع الغرب في موقف محرج تجاه مشاكل الشرق الأوسط، موضحًا "بالاستمرار في الحاجة إلى التذلل للممالك الغنية والاستبدادية في الخليج، معربًا بلطف عن القلق بشأن المجزرة البشعة التي ارتكبتها المحاكم السعودية". وتابع أنه عندما قطع تنظيم "داعش" رؤوس السنة والشيعة في الرقة، لا سيما الشيوخ الشيعة المزعجين مثل الشيخ نمر، "بالتأكيد نشر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون تغريدة للتعبير عن اشمئزازه، لكن الرجل الذي أنزل العلم البريطاني حدادًا على وفاة آخر ملوك هذه الدولة الوهابية سيستخدم الكلمات المراوغة في التعامل جريمة إعدام النمر". ومع ذلك، فإن قتل رجال تنظيم القاعدة سوف يطرح السؤال في كل من واشنطن والعواصم الأوروبية "هل السعودية تحاول تدمير الاتفاق النووي الإيراني عن طريق إجبار حلفائها الغربيين على دعم الاعتداء الأخيرة؟". وقال "فيسك": إنه في العالم المتبلد الذي يعيشون فيه، مازال الغرب يمجد السعودية بسبب ائتلاف "مكافحة الإرهاب" الذي يضم 34 دولة تسكنها غالبية سنية والتي من المفترض أن تشكل فيلق من المسلمين مقابل إلى "الإرهاب". واختتم مقاله بالقول "بالتأكيد عمليات الإعدام هي وسيلة سعودية غير مسبوقة للترحيب بالسنة الجديدة، على خلاف الاحتفالات التي تقام في جارتها دبي، ولكن خارج الآثار السياسية، هناك أيضًا سؤال بديهي في العالم العربي يجب أن يتم طرحه، هل جن حكام آل سعود؟".