وزع المنتج الأمريكي والت ديزني فيلم "الثلج الأبيض والأقزام السبعة" عام 1938 ولم يكن يعلم حينها أنه سيكون خطوته الأولى في النجاح العالمي لأفلام رسومه المتحركة الطويلة. وكان منتج أفلام الرسوم المتحركة الأمريكي والت ديزني تطلع لإنتاج أول أفلامه الطويلة بعد عدد من السلاسل القصيرة الناجحة منها "أليس" وميكي ماوس" و"سيلي سيمفونياس". والت ديزني وأمامه أبطال فيلم "الثلج الأبيض" وتجاوز جنون ديزني عثراته وتحذيرات مقربيه من انهيار شركته بسبب تكاليف الإنتاج فاختار فيلمه "الثلج الأبيض والأقزام السبعة" الجديد لخوض تجربة الأفلام المتحركة الطويلة عام 1934، واستعان بمستوى تقنيّ وجودة عالية في إنتاج الفيلم الذي استمر من 1935 وانتهى منه في مثل هذا اليوم 21 ديسمبر 1937. ولم تكف الميزانية الأولية للفيلم والتي بلغت 250 ألف دولار، فاضطر والت ديزني للاستدانة من أحد البنوك، واستكمل إنتاج فيلم حتى أنفق مليون و488 ألف دولار بنهاية المطاف، ولكن العرض الأول للفيلم احتل شباك التذاكر وحقق نجاحا غير متوقع إذ بلغت إيراداته 8 ملايين دولار وقتها - ما يعادل حاليا 98 مليون دولار. أحلام الطفولة ولد المنتج السينمائي للأفلام المتحركة والتر إلياس في 5 ديسمبر 1901 بشيكاغو الأمريكية، واشتهر ب"والت ديزني" وعاش حياة قاسية في طفولته قبل أن يصبح الشخصية المحورية لتاريخ سينما الرسوم المتحركة للأطفال خلال القرن العشرين. قطعت ظروف الحياة القاسية أحلام الطفولة لدى والت ديزني إذ اضطر في عمر التاسعة إلى العمل في توزيع الجرائد صباحا حتى موعد المدرسة ليكمل باقي العمل بعد انتهاء اليوم الدراسي ويوزع الجرائد المسائية. وحاول ديزني الهرب من ظروف الحياة والالتحاق بالجيش فلجأ إلى تزوير شهادة ميلاده من 1901 إلى 1900حتى يتسنى له تجاوز شروط السن، لكنه فشل في النهاية. وانضم في الحرب العالمية الأولى إلى الصليب الأحمر وسافر إلى قوات التحالف بفرنسا، وهناك برزت رسوماته على سيارة الإسعاف التي كان يعمل عليها. قط ديزني.. وفي عام 1920 اتجه والت ديزني لاستغلال مواهبه الفنية في العمل رسام في الصحافة وتخصص في إعلانات الصحف والمجلات ودور السينما وأنشأ وصديق له شركة "ديزني وأيوركس لتجارة الأعمال الفنية ولم تحقق نجاحا حتى أفلست. واتجه والت للتدريب على أفلام تحريك الرسومات وفي عام 1922 أسس "شركة لاف أو جرام للأفلام" تخصصت في صناعة أفلام الرسوم المتحركة القصيرة المبنية على القصص الخيالية المشهورة والقصص القصيرة للأطفال مثل سندريلا أو القط ذو الحذاء، لكن شركته الجديدة لم تستطع تغطية نفقاتها وأعلنت إفلاسها في حين لم يكمل ديزني إنتاج فيلمه "أليس في بلاد العجائب". واضطر والت لبيع ممتلكاته وسافر إلى "هوليود" وهناك تمكن من إنتاج سلسلة فيلمه الجديد بصورة كوميدية "أليس في البحر" عام 1923. وابتكر ديزني شخصية لقط يدعى "ميكي ماوس" عام 1928 خلال فيلم صامت، وابتكر والت فيلما صوتيا بعنوان "ستيمبوت ويلي" وحقق الفيلم نجاحا كبيرا، وبعدها أضاف الأصوات لأفلامه القديمة. وكافأت الأممالمتحدة ديزني بميدالية ذهبية عام 1935 وأعلنت ميكي ماوس رمزاً دولياً للنوايا الحسنة، وأبدى العديد من الشخصيات العامة إعجابهم بميكي أبرزهم رئيس الولاياتالمتحدة فرانكلين روزفلت، وملك إنجلترا جورج الخامس. وبعد نجاح فيلم "الثلج الأبيض والأقزام السبعة" اتجه والت ديزني إلى إنتاج عدد من الأفلام الطويلة ومكنه ذلك من فتح استوديوهات جديدة، لكن فيلمه الثاني الطويل للرسوم المتحركة "بينوكيو وفانتازيا" لم يحق نجاح سابقه، فاستمر في إنتاج الأفلام القصيرة أيضا. جزيرة الأحلام.. حلُم ديزني عام 1940 ببناء مدينة ترفيهية خاصة بالعاملين في شركته مع توسعها ليستمتع العاملون وعائلاتهم بوقت فراغهم فيها، وحقق ذلك على أرض الخيال بأوكلاند كاليفورنيا الأمريكية عام 1950، ومدينة أخرى في حدائق تيفولي بالعاصمة الدنماركية كوبنهاجن. شركة والت ديزني تفرعت فيما بعد واتجهت لمجالات ترفيهية عدة بدخل يبلغ 36 مليار دولار سنويا من خلال 18 استديو سينمائي عملاق و18 مدينة ترفيهية، و39 فندقا، و11 قناة تليفزيونة، كما استحوزت في مايو 2006 على استوديوهات بيكسار للرسوم المتحركة. وفارق ديزني الحياة عن عمر يناهز 65 عاما جراء إصابته بسرطان الرئة بعد مسيرة نجاح تخطت العقبات وشبح الإفلاس واستطاع خلالها بناء إمبراطوريته العملاقة، ونال عدد من الجوائز أبرزها 7 جوائز أوسكار. وتظل بصمة والت ديزني المخلدة "ميكي ماوس" العلامة الأبرز له في مسيرته، فلدى سؤاله ذات يوم أي الشخصيات الكرتونية التي ابتكرها أقرب إلى قلبه ؟ أجاب دون تفكير أو تردد: "ميكى ماوس بأذنيه السوداوين الكبيرتين.. وآمل ألا ننسى أبدا أمرا واحدا وهو أن كل هذا النجاح انطلق من فأر".