أصدرت 14 منظمةً حقوقيةً مصريةً، الخميس، بيانًا مشتركًا في اليوم العالمي لحقوق الإنسان، أدانت فيه ما أسمته "استمرار الانتهاكات" من قبل وزارة الداخلية. وقال بيانٌ صادرٌ عن هذه المنظمات، الخميس: "الانتهاكات تتفاقم على نحوٍ يبدو أنَّه إطلاقًا ليد وزارة الداخلية للتنكيل بالمواطنين بممارسات خارج إطار القانون تتضمن التعذيب والاختفاء القسري وغيرها من الإجراءات التعسفية والانتهاكات المُمنهجة للحقوق والحريات الأساسية للمواطنين، الأمر الذي أفضى مؤخرًا إلى تكرار حالات الوفاة داخل أماكن الاحتجاز". وتلقت المنظمات الموقعة على البيان شكاوى تُفيد بوقوع حالات تعذيب في أقسام شرطة، منها قسم المطرية وقسم الأقصر وقسم ثانٍ شبرا الخيمة، أفضت في بعضٍ منها إلى وفاة المحتجزين، حيث وثَّق مركز "النديم لتأهيل ضحايا العنف" 49 حالة تعذيب، بينها تسع حالات أدَّت إلى الموت داخل أماكن الاحتجاز خلال شهر نوفمبر الماضي، بينما وثَّقت منظمات أخرى حالتي تعذيب بأماكن الاحتجاز وحالتي وفاة في فترة زمنية لا تزيد على شهر واحد بين شهري أكتوبر ونوفمبر الماضيين, في حين رصدت منظمات أخرى حالات عديدة من الوفاة في أماكن الاحتجاز، وتلقَّت شكاوى تفيد بتعرض المحتجزين للضرب والمعاملة المهينة أو التعذيب داخل أقسام الشرطة في الفترة نفسها. وأضاف البيان: "في هذا الصدد تعرب المنظمات الموقعة عن قلقها البالغ من أن تكون الأرقام الحقيقة أكثر من تلك التي نجحوا في توثيقها أو تلك التي نشرت في الصحف ووسائل الإعلام خلال الفترة القصيرة الماضية فضلاً على حالات أخرى رفض أصحابها رواية تفاصيلها خشية انتقام ضباط الأقسام أو السجون أو ربما لأنَّهم فقدوا أي ثقة في نظام العدالة، ومن ثمَّ تدعو المنظمات إلى تحقيق عاجل ومستقل في حوادث التعذيب المُتزايدة والمُفزعة التي تعرض لها محتجزات ومحتجزون داخل سجون وأقسام الشرطة، وتؤكد المنظمات أنَّ معظم تلك الحوادث شهدت إفلات مرتكبيها من العقاب، بينما تكرر إنكار وزارة الداخلية لارتكابها واعتبرتها في كثير من الأحيان حالات فردية". وتابع: "تتكرَّر أنماط انتهاكات الشرطة في العديد من الحالات التي تمَّ رصدها من قبل المنظمات، إذ يلقى القبض على شخص أو مجموعة من الأشخاص بسبب بلاغ سرقة أو على سبيل الاشتباه في ارتكاب جريمة معينة، وفي معظم الأحيان يتم ذلك بطريقة تعسفية تتضمن أحيانًا تراشقًا لفظيًّا أو اشتباكًا بالأيدي يتم على إثره اصطحاب الشخص إلى القسم, حيث يتعرض للضرب في أثناء التحقيق، الأمر الذي ربما ينتهي في بعض الحالات إلى خروج المشتبه بهم جثثًا هامدة من غرفة التحقيق أو على أجسادهم آثار الضرب والإهانة والتحرش الجنسي أحيانًا". واستعرض البيان بعضًا من هذه وقائع الوفاة والاختفاء القسري، تنشرها "التحرير" حسب ما نصَّ عليه البيان: حالة وفاة بتاريخ 22 أكتوبر الماضي بقسم شرطة المطرية.. حيث كان المجني عليه عادل عبد السميع, نجار يبلغ من العمر 22 عامًا، محتجزًا بقسم المطرية منذ الرابع من أكتوبر الماضي، للاشتباه في سرقة تليفون محمول، وشهد أهل المجني عليه بأنَّه تعرض للضرب والتعذيب، وشهدت حالته الصحية تدهورًا واضحًا على مدى الزيارات، كما شهد آخرون بوجود آثار دماء على ملابسه وقت اقتياده إلى منزله بصحبة قوة من شرطة القسم على خلفية مزاعم بوجود أسلحة في منزله، وتقول والدة عادل إنَّه في إحدى الزيارات كان فاقدًا للقدرة على الكلام جراء تعرضه للضرب، وبتاريخ 24 أكتوبر وصلت معلومة إلى أهل المجني عليه تفيد بنقله للمستشفى, وما إن وصل أهل "عادل" إلى المستشفى حتى أخبروهم أنه وصل للمستشفى مفارقًا للحياة، يظهر عليه آثار حرق على الأيدي، وإصابات في الرأس ومناطق متفرقة من جسده. حالة وفاة بتاريخ 24 نوفمبر الماضي بالأقصر.. أوقفت قوة شرطة "طلعت شبيب" في منطقة الحوامدية بالأقصر بجوار أحد المقاهي، للتحقق من أوراقه الشخصية, وفي أثناء ذلك تعدى الضابط لفظيًّا على المشتبه به، موجهًا إليه السباب والإهانة، ولما اعترض "طلعت" على الإهانة قائلاً "بلاش شتايم يا باشا إنت قد ابني"، تطور الأمر بينهما إلى اشتباك بالأيدي، وتمَّ اقتياده إلى القسم، حيث تعرَّض للضرب المبرح لمدة ساعتين خرج بعدها جثة من القسم، وأظهرت تحقيقات النيابة في القضية التي أثارت جدلاً واسعًا وخرجت على أثرها مظاهرات في الأقصر، أنَّ مباحث القسم حاولت التعتيم على وفاة طلعت شبيب في أثناء التحقيق، وطلبت إيداعه في غرفة الاستيفاء بصفته محتجزًا، إلى حين وصول سيارة الإسعاف, لكن مسؤول الاستيفاء رفض استلامه مقررًا أنَّه توفي بالفعل، وهو ما أكده التقرير الطبي المبدئي بأنَّ المجني عليه وصل المستشفى بعد أن وافته المنية. حالة تعذيب أخرى بقسم المطرية.. تعرَّض محمد عبده معوض المتهم في القضية رقم 18932 لسنة 2015 جنح المطرية، أكَّد أحد أقاربه أنَّه تمَّ التعدي علية بالضرب بعد ربطه من قدمه وركله في بطنه وصدره في قسم المطرية مما أدَّى لنزيف من فمه وأنفه، وأصرَّت عائلة "محمد" على تقديم بلاغ بالواقعة وتباشر حاليًّا النيابة التحقيقات ولم يتم حتى الآن عرض الضحية على الطب الشرعي، ويواجه شقيقه تهديدات من قبل مجهولين عبر اتصالات تليفونية لإرغامه على التنازل عن البلاغ. اقتادت قوات الأمن هاني سعد محمد عبد الستار، وصاحب عمله هشام محمد أحمد وآخرين إلى مكان غير معلوم، بعد أن ألقت قوة من قسم أول مدينة نصر ومديرية أمن القاهرة، القبض عليهم، واختفوا قسريًّا منذ 10 أغسطس. وذكر البيان: "نؤكد خطورة تلك الممارسات على حياة هؤلاء المواطنين، وبخاصةً مع توارد العديد من الروايات عن حالات تعذيب لمن ظهروا بعد فترة من اختفائهم، وعلى أجسادهم آثار التعذيب والاعتداء داخل أماكن الاحتجاز، ونؤكِّد أنَّ السجون المصرية لا تخضع لأي رقابة حقيقية ولا يسمح إطلاقًا للمنظمات أو المحامين المستقلين بزيارتها، ولا تخضع للتفتيش من قبل جهات قضائية مستقلة بشكل دوري، رغم أنَّ هذا حق يكفله القانون والدستور وفقًا للمادة 55 من دستور 2014 والمادتين 85 و86 من قانون تنظيم السجون والمادة 27 من قانون السلطة القضائية, التي تنص على أنَّ لرجال النيابة العامة ورؤساء ووكلاء المحاكم الابتدائية والاستئنافية حق التفتيش على السجون الموجودة بدوائر اختصاصهم، كما أنَّه ومن المفترض وفقًا للتعليمات العامة للنيابات أن يجري تفتيش دوري مرة كل شهر على الأقل على السجون، ترفع على خلفيته التقارير حول المخالفات المرصودة، وآخر مرة قامت به النيابة بهذا الواجب كان في أبريل الماضي إلا أنَّه لم تعلن مؤخرًا حالة تحقيق واحدة لأيٍّ من المسؤولين بمصلحة السجون رغم التقارير المتواترة عن المخالفات". ونصَّ البيان: "على الجانب الآخر تلاحق الدولة الأصوات المستقلة من المحامين والقضاة الذين يتبنون رؤى لإصلاحات تشريعية لمناهضة التعذيب، إذ يخضع القاضيان عاصم عبد الجبار وهشام رؤوف والمحامي نجاد البرعي للتحقيق على خلفية تقديمهم مشروعًا لمكافحة جرائم التعذيب ضمن فعاليات ورشة خبراء دعت إليها المجموعة المتحدة التي يترأسها نجاد البرعي في 11 مارس الماضي، كانت المجموعة قد قدمت في الفترة من أكتوبر 2013 حتى أغسطس 2014، حوالي 163 بلاغًا حول 465 ادعاءً بالتعذيب داخل أماكن الاحتجاز، ولم تتعاطَ النيابة العامة مع أيٍّ منها، على النحو والسرعة المطلوبة، الأمر الذي دفع بالمجموعة المتحدة إلى تقديم عدد من الشكاوى لإدارة التفتيش القضائي، لضمان سرعة إجراء التحقيقات، إلا أنَّ التحقيقات السريعة والجدية الوحيدة التي تمَّت في هذا الصدد كانت مع القاضيين المشاركين في إعداد المشروع والمحامي نجاد البرعي في رسالة غير مباشرة بأنَّ التحقيقات تتم فقط وعلى وجه السرعة مع المتطلعين لتحسين البيئة التشريعية المصرية، بينما يظل مرتكبو جرائم التعذيب بمنأى عن العقاب". واختتم البيان: "في اليوم العالمي لحقوق الإنسان نؤكِّد تمسكنا بالعدالة ونقر بحتمية احترامها من الجميع، وعلى رأسهم أجهزة الدولة، ونعلن أنَّنا بصدد تقديم توصياتنا إلى الجهات المعنية، في المؤتمر الصحفي المنعقد في الخامسة مساءً اليوم الخميس بمقر نقابة الصحفيين بمشاركة سبعة منظمات حقوقية مصرية". ووقَّع البيان الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، والمجموعة المتحدة محامون ومستشارون قانونيون، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، والمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومصريون ضد التمييز الديني، ومؤسسة حرية الفكر و التعبير، ومؤسسة قضايا المرأة المصرية، ومركز هشام مبارك للقانون، ومركز الحقانية للمحاماة والقانون، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، ونظرة للدراسات النسوية.