باترسون أسهمت فى تنفيذ أجندة كلينتون لتمكين الجماعة.. من الانتخابات الرئاسية إلى تمرير دستور معيب كتب- محمود حسام كانت الاتصالات بين الولاياتالمتحدة وجماعة الإخوان المسلمين قائمة حتى عندما كانت جماعة «محظورة» خلال سنوات حكم الرئيس السابق حسنى مبارك، خصوصا فى السنوات القليلة التى سبقت الانتفاضة التى أطاحت بنظامه، لكن هذه الاتصالات ازدادت قوة بشكل تدريجى، بعد الثورة وظهور الإخوان كلاعب رئيسى فى المشهد السياسى المصرى، وصولا إلى صورتها الحالية بعد وصول قيادى من الجماعة إلى القصر الرئاسى. فى أواخر يونيو من عام 2011، عندما جاءت آن باترسون، إلى مصر لتقود الدبلوماسية الأمريكية فى أكبر بلد عربى، كانت الساحة شبه ممهدة لها لتنفذ رؤية هيلارى كلينتون، مهندسة تمكين الإخوان فى إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما، التى ربما وجدت فى جماعة الإخوان المسلمين أفضل البدائل لنظام مبارك، باعتبارها القوة السياسية الأكثر تنظيما، فضل عن أنها ستضع قوى الإسلام السياسى لأول مرة فى اختبار مع مواقفها الماضى، حيث اعتادت رفع شعارات معادية للسياسات الأمريكية ومهاجمة مبارك باعتباره دمية فى يد واشنطن. كانت باترسون تعبر فى بداية توليها منصبها عن شعور بعدم الارتياح لمقابلة أعضاء الجماعة، وإن أكدت وجود الاتصالات بين مسؤولى السفارة والجماعة، حسب ما جاء فى مقابلة لها مع صحيفة «جلوبال بوست» فى أكتوبر 2011.. لكنها فى هذه المقابلة تحدثت على أقل تقدير عن الأسس التى سيتم وفقا لها بناء علاقة الولاياتالمتحدة مع الإخوان من الآن فصاعدا. قالت للصحيفة إن تأييد الجماعة للتجارة الحرة مشجع، لكن مواقفها الأقل تحررا تجاه حقوق المرأة مثيرة للقلق، «لكن إذا لم تستمر اتفاقية السلام مع إسرائيل، لن تصبح باقى المسائل ذات معنى». وأضافت أن اتفاقية السلام مهمة بحق «ولا يشترط أن تكون علاقة غرام قوية، لكن يجب أن تكون شراكة سلمية». غير أنه فى الشهر التالى، فى سبتمبر 2011، يبدو أن الشعور بعدم الارتياح لمقابلة أعضاء الجماعة، تلاشى لدى السيدة باترسون، وتكشف وثيقة للسفارة الأمريكية فى القاهرة نشرها موقع التسريبات الأمريكى الشهير «ويكيليكس»، أن مندوبا من الإخوان كان فى السفارة ليطمئن الوافدة الجديدة، ويؤكد أنه «يطمئن الولاياتالمتحدة بأن الإخوان ليسوا بالجماعة المتطرفة التى يخشى منها الغرب». وبعد أن جلس قيادى من الإخوان على مقعد رئيس مجلس الشعب المصرى، زارت باترسون مقر جماعة الإخوان المسلمين، فى 19 يناير 2012 فى خطوة هى الأولى منذ إنشاء جماعة الإخوان المسلمين على يد الشيخ حسن البنا عام 1928، وهناك استقبلت بحفاوة بالغة، حسب تعبيرها، وهو ما كان بمنزلة التطبيع الكامل للعلاقات بين الجماعة وواشنطن. زارها بعد ذلك فى 26 يناير القيادى الإخوانى عبد الرحمن البر فى منزلها، وكان موقع الإخوان الناطق بالإنجليزية حريصا على نشر أخبار بالمضمون الذى تريد الجماعة نقله إلى الغرب، فى حين كانت السفارة تتكتم على تفاصيل ما جرى فيها. فى الشهور التالية ابتلعت واشنطن لسانها تماما تجاه ممارسات الجماعة وبخاصة تهميش الأحزاب العلمانية فى البرلمان، رغم شعار «مشاركة لا مغالبة» الشهير الذى رفعته قبل ذلك، ولم يزعج الولاياتالمتحدة بعدها نكوص الجماعة عن وعدها بعدم خوض الانتخابات الرئاسية. وكتبت صحيفة «النيويورك تايمز» فى أبريل 2012 تقول إن المسؤولين الأمريكيين الذين كانوا يخشون فى السابق من سيطرة الإخوان على الحياة السياسية، يبدو أنهم الآن يرون فى الجماعة حليفا لا يمكن الاستغناء عنه، فى مواجهة قوى أخرى مثل السلفيين. وقال مسؤلون بوزارة الخارجية للصحيفة إنهم لا يشعرون بالقلق، بل بالتفاؤل بعد تراجع الإخوان عن وعدهم، وقرارهم بتقديم مرشح للرئاسة. وقال المسؤولون إن مرشح الإخوان للرئاسة آنذاك خيرت الشاطر، صاحب النفوذ الأقوى داخل الجماعة معروف جيدا للدبلوماسيين الأمريكيين ولدى من يتواصلون معهم داخل الجيش المصرى. والتقى الشاطر تقريبا بكل المسؤولين بوزارة الخارجية الأمريكية، وتقول «التايمز» إنه على اتصال دائم بالسفيرة باترسون. كان استبدال محمد مرسى، رئيس حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للإخوان، بالشاطر، مجرد تحصيل حاصل من وجهة النظر الأمريكية. وسلطت صحف مثل «الواشنطن بوست» المقربة من أوباما الضوء فى ما يشبه الفخر على الضغوط التى مارستها واشنطن على المجلس العسكرى لإعلان فوز مرشح جماعة الإخوان المسلمين بالرئاسة، وذلك فى افتتاحيتها فى 25 يونيو 2012. وكتب الكاتب الأمريكى الشهير ديفيد إجنيشيوس فى ديسمبر من العام الماضى يقول «لنكون أمناء، لقد كانت إدارة أوباما هى من مكن لمرسى بشكل أساسى». كما كان من النادر فى تلك الفترة أن يخلو الإيجاز اليومى لوزارة الخارجية الأمريكية من ذكر اسم السيدة باترسون. كانت المرة الوحيدة التى خرجت فيها باترسون عن صمتها فى فبراير الماضى، عندما هاجمت حكومة مرسى بشكل غير مباشر، وتحدثت عن غياب القيادة والوضع الاقتصادى الخطير. وخلال العامين الماضيين ربما كان لباترسون دور مهم فى تجنيب حكومة مرسى أى عقاب من واشنطن على قراراتها التى اعتبرها قياديون فى الكونجرس غير ديمقراطية، ومنهم إليانا روز-ليتينين، التى بعثت بخطاب إلى الإدارة تحذرها فيه من أنها تساعد الجماعة على تأسيس دولة دينية فى مصر. ومع تزايد الهمس حول احتمال عودة الحكم العسكرى، بل وتحوله إلى صياح من بعض القوى المعارضة التى تطالب الجيش بالتدخل لإنقاذ البلد من الانهيار، حاولت باترسون أن توصل رسالة ضمنية إلى الجيش، مفادها أنه لا يجب أن يعود إلى الحياة السياسية، وأن ذلك لن يكون مرحبا به فى واشنطن. وقالت باترسون فى كلمة لها بنادى روتارى الإسكندرية مطلع هذا الشهر إن «التدخل العسكرى ليس الحل كما يدعى البعض. الجيش المصرى. الجيش المصرى والشعب المصرى لن يقبلوا بذلك كنتيجة»، وأشارت إلى تصريحات وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى أمام الكونجرس التى قال فيها إنه «لا عودة للحكم العسكرى فى مصر نظرا لرفض القيادات العسكرية المحترفة أصلا لذلك، كما أنه لا عودة للحكم السلطوى مرة أخرى»، حسب باترسون.
باترسون قتلت بوتو ب«تجاهلها» كتبت- سارة حسين: قصة اغتيال رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بينظير بوتو، وتصريحات آن باترسون المثيرة للجدل التى تكشف صفقة محتملة مع جماعة الإخوان المسلمين، تثير تساؤلات حول «هل يمكن أن تتخلى باترسون عن أحد قيادات المعارضة المصرية إذا كان مهددا بالاغتيال ويطلب مساعدتها؟!». بالعودة إلى الماضى تحديدا قبل شهرين من اغتيالها، أرسلت بوتو طلبا مكتوبا إلى السفيرة الأمريكية فى باكستان حينها، تتطلب منها المساعدة فى تفقد وتقييم عملية تأمينها، لأنها كانت تخشى اغتيالها، وفقا لوثائق نشرها «ويكيليكس». كشفت الوثائق أن باترسون وإدارة الرئيس الأمريكى السابق جورج دابليو بوش، اختارا «تجاهل الطلب»، مقترحين على بوتو بدلا من ذلك «التعاون بشكل بناء مع الرئيس الباكستانى آنذاك الجنرال برويز مشرف، الذى كانت تتهمه بوتو بأنه يدبر لقتلها!». وبررت السفيرة الأمريكية موقفها بأن الأمريكيين يوفرون فى بعض الأوقات تأمينا للزعماء الأجانب، لكن ليس فى أثناء الحملات السياسية. ووفقا لوثائق «ويكيليكس»، أخبرت بوتو السفيرة الأمريكية أنها لا تصدق أن الحكومة الباكستانية توفر لها الأمن اللازم لها، لأنها فى خطر. وتضمنت الوثيقة: «نوصى بشدة عدم تقديم تقييم من قبل الحكومة الأمريكية، حيث سيكشف حتما فجوات فى الأداء قد لا تتوافق مع المعايير الأمريكية للتدريب والمعدات. مسؤولية الأمن تقع على عاتق الحكومة الباكستانية. سنستمر فى الضغط على كلا الجانبين، حيث يجب على الحكومة وحزب بوتو العمل سويا مباشرة لحل أى مشكلات أو قضايا متعلقة بأمن بوتو الشخصى». نتيجة تجاهل باترسون، لقت بوتو مصرعها فى هجوم إرهابى عام 2008، فى أثناء مغادرتها تجمع حزبى حاشد فى روالبندى، قبل أسبوعين من الانتخابات العامة الباكستانية.بسؤالها عن القرار الذى اتخذته فى مقابلة مع مجلة «نيوزويك» الأمريكية قبيل تسلمها منصب السفيرة الأمريكية فى القاهرة، قالت باترسون: «ليس لدى ما أندم عليه»، رغم أن كثيرين يقولون إن قرار عدم مساعدة بوتو كان «خطأ»، وأن تصريحات باترسون بأنه لا ينبغى على الأمريكيين التدخل فى السياسة الداخلية لدولة أخرى، كانت تصريحات «ماكرة». رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة أرسلت إليها طلب مساعدة.. والسفيرة طلبت منها التعاون بشكل بَنَّاء مع مُشرَّف!
المرأة التى تسعى للنجاح فى ما فشلت فيه بباكستان كتب- أحمد السمانى: «مجموعة متسلسلة ومتشابكة من الصفقات»، هذا ملخص السنوات الثلاث التى قضتها السفيرة آن باترسون سفيرةً لبلادها فى باكستان. ولكن الصفقة الأبرز فى مشوار «الست باترسون» هى محاولتها تطويع الإسلاميين المعتدلين ليقفوا فى صف واشنطن مقابل تصديهم للمتشددين دينيا فى بلادهم، وأبرزهم حركة «طالبان باكستان» وزعماء القبائل والعشائر المساندين لهم. وهو ما تجلى فى الصفقة التى فضح «أفسنديار والى خان» زعيم حزب «عوامى الوطنى» العلمانى الباكستانى وصحيفة «ديلى تايمز» الباكستانية، أبعادها. وكانت أبعاد تلك الصفقة تتمثل فى أن يكون حزب «الجماعة الإسلامية» ذو التوجهات الإسلامية المعتدلة تحالفا سياسيا مع حزب «عوامى» يخوضان به الانتخابات عام 2007، كى يتمكنا من الفوز بها، ولكن بشرط أن يسعيا ليعقدا نوعا من المصالحة مع حركة «طالبان باكستان»، وعدم ملاحقة أى منهم جنائيا. يذكر أن «الجماعة الإسلامية»، هو أحد الأذرع السياسية للتنظيم الدولى للإخوان المسلمين، والذى كان حاضرا فى مؤتمر الخرطوم الأخير لكل الأحزاب التابعة للتنظيم فى كل العالم، والذى حضره المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين المصرية محمد بديع. ولكن والى خان فضح المساومات والضغوط الأمريكية فى حديث عبر «راديو باكستان» أجراه مطلع أبريل الماضى، قائلا «رفضنا ضغوطا أمريكية صعبة جدا خلال السنوات الماضية لعقد تحالفات مع التيارات الإسلامية». وتابع قائلا «لقد كانت تضغط علينا واشنطن ضغوطا هائلة، كى نقبل التحالف مع الجماعة الإسلامية، ونعقد اتفاقية سلام مع المتشددين الإسلاميين». وفضح الصفقة قائلا «كان أبرز عمليات الضغط تلك فى فندق فرونتير بإسلام أباد، والتى عقدت فيها اجتماعا سريا مع السفيرة آن باترسون ومساعد وزيرة الخارجية الأمريكية ريتشارد باوتشر لأكثر من 50 دقيقة». ولكن فى المقابل، يبدو أن «الجماعة الإسلامية» بقيادة فضل عبد الرحمن فى ذلك الوقت، قبلت بتلك الصفقة، حسب ما كشفته وثائق «ويكيليكس». ولكن صفقات «الست باترسون» لم تتوقف عند هذا الحد، بل امتدت حتى الحكومة العلمانية التى كان يقودها يوسف رضا جيلانى «التى توصف دوما بالفساد»، وعدد من قادة الجيش الباكستانى، حتى تتمكن الاستخبارات المركزية الأمريكية «سى آى إيه» والإدارة الأمريكية من تنفيذ مشروعها للحرب على مراكز القاعدة، وحركة طالبان على الحدود الباكستانية الأفغانية، عن طريق استخدام «الطائرات دون طيار». وكشفت وثائق «ويكيليكس» التى سربت فى عام 2010 مجموعة واسعة من البرقيات التى أرسلتها باترسون إلى الإدارة الأمريكية تكشف لهم نتيجة الاجتماعات التى أجرتها مع جيلانى، للحصول على موافقة الحكومة الباكستانية على تلك العمليات. وقالت باترسون فى إحدى البرقيات المسربة فى عام 2007، والتى تشير تقارير عديدة إلى أنها كانت سببا للإطاحة بها من إسلام أباد: «أجريت اجتماعا مع رئيس الوزراء الباكستانى يوسف رضا جيلانى، وبحضور وزير الداخلية رحمن ملك للحصول على إذن باستخدام الطائرات دون طيار، ووافق على استمرار تلك العمليات». وتابعت قائلة «لكنهم قالوا لنا سنحتج على تلك الهجمات داخل البرلمان، لكن بيننا وبينكم سنتجاهل هذا الأمر، ولن نقوم بأى تصرفات أو تحركات على أرض الواقع». وفى برقية أخرى، فى يونيو من عام 2009، قالت: «التقيت مع الرئيس آصف على زردارى بوجود مستشار الأمن القومى جيمس جونز، ولكن زردارى طالب بأن يسمحوا له بأن يتولى مهمة إدارة الجيش فى تلك المرحلة، وهو ما سيجنب أمريكا حملة الكراهية ضدها جراء غارات الطائرات دون طيار المتكررة». ولكنها عادت فى سبتمبر من عام 2009، وقالت فى برقية ثالثة: «الجيش الباكستانى أخيرا، وافق للمرة الأولى على نشر قوات أمريكية خاصة للمساعدة فى العمليات العسكرية، التى يقوم بها الجيش ضد تمرد العشائر المساند لحركة طالبان، ولكن يجب أن تكون تلك المعلومات سرية إلى أبعد الحدود، لأنه فى حال تسربها ستجبر الجيش الباكستانى على عدم التعاون العسكرى معنا مجددا فى المستقبل القريب أو البعيد».