الوزارة قدمت «صغار الرتب» في قضايا تعذيب خالد سعيد وعماد الكبير وسحل حمادة صابر لحماية القيادات من خالد سعيد شهيد التعذيب وقانون الطواريء إلي طلعت شبيب قتيل توحش الشرطة في الأقصر، لا تتوقف انتهاكات الشرطة ضد المواطن المصري، سواء في الشارع أو المنزل أو في حجوزات الأقسام، وعلي الرغم من تحمل قيادات الأمن للمسئولية تجاه تجاوزات الشرطة وانتهاك أدمية المواطنين، إلا أن قيادات الداخلية ومديري الأمن والرتب العليات غالبا ما تنجو من العقاب، وتقدم الوزارة أبنائها من صغار الرتب (أمناء خفراء وأفراد) «كبش فداء» للمحاكم والسجن وتهدئة الرأي العام.
مديرو الأمن ومساعدو الوزير أفلتوا من المسائلة.. وخبراء: الداخلية لاتعترف ب«دفع الثمن»
«التحرير» رصد أبرز انتهاكات الشرطة وقتل المواطنين والتنكيل بهم دون أن يمس قادة الأمن في تلك الأماكن سوء أو سؤال أو عقاب، بينما قضي أصحاب الرتب الصغيرة العقوبات في السجون أو تعرضو للايقاف والطرد من عملهم. «شبيب» مفجر غضب أهالي الأقصر
شهدت منطقة العوامية بالأقصر مظاهرات ومواجهات تخللها كر وفر بين الشرطة والأهالي، بعد مقتل المواطن طلعت شبيب على يد ضباط قسم الشرطة بعد نصف ساعة من القبض عليه في أحد المقاهي. بدأت الواقعة بإلقاء قوات الشرطة القبض على طلعت شبيب الرشيدي 45 سنة، في الثانية عشر بعد منتصف الليل، أثناء جلوسه على مقهى بالقرب من منزله. وقالت الشرطة إنها ضبطت بحوزته شريطا من مخدر "التامول" وبعد مرور قرابة الساعة بلغ أهالي المنطقة نبأ وفاته ونقله لمستشفى الأقصر الدولي جثة هامدة، فتوجه الأهالي وتجمهروا أمام المستشفى ثم توجهوا بعدها إلى قسم الشرطة مرددين هتافات مناهضة لوزارة الداخلية. وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي وطلقات الخرطوش لتفريق المتظاهرين، فرد المتظاهرون على قوات الشرطة بالطوب والحجارة فتوجه بعدها أهالي منطقة العوامية إلى طريق الجولي فيل، وقطعوه لقرابة الساعتين بعد أن أشعلوا النيران في إطارات السيارات ووضعوا بعض الحواجز وصناديق القمامة في عرض الطريق. بعدها بدقائق توجهت الشرطة إلى الشارع وفتحته بالقوة وألقت القبض على 24 شابا، وطاردت المتظاهرين حتى مناطق مسجد السلام في العوامية. ونتج عن المواجهات إصابة المواطن مروان عبد الوهاب – 27 سنة – بطلق ناري نتيجة لإطلاق النار بشكل عشوائي لتفريق المتظاهرين، الأمر الذي أدى لاشتعال الموقف أكثر حيث واصل الأهالي أعمال الشغب وقطعوا الطريق المؤدي لفندق الجولي فيل وأشعلوا النيران في اطارات السيارات. الداخلية تضحي بملازم لانقاذ قيادات الأقصر لتفادي صدام دموي مع الأهالي تدخلت قيادات الشرطة وتوجهت لتقديم العزاء في المتوفى، وأكدت أنها سوف تفتح تحقيقا في الواقعة، وتم عقد هدنة بين الطرفين بناء على هذا الإتفاق، وبعدها بوقت قصير أكد اللواء عصام الحملي، مساعد وزير الداخلية، ومدير أمن الأقصر، أنه صدر قرار بنقل الضابط ملازم أول باهر طه من قسم شرطة الأقصر، إلى فرع البحث الجنائي بمركز إسنا جنوب المحافظة، وأضاف الحملي، أنه تم إحالة الضابط إلى التحقيق بوزارة الداخلية، دون أن يكلف نفسه حتي بالتلويح بالاستقالة أو تحمله المسئولية الطبيعية عن الحادثة بحكم موقعه. فيما باشرت نيابة الأقصرالتحقيقات مع الضباط المتهمين لمدة 9 ساعات كاملة بمقر قسم شرطة بندر الأقصر، واستمتعت لأقوال 4 أفراد شرطة وأحد شهود الواقعة من أهالى العوامية، وذلك عقب صدور تقرير الطب الشرعى الذى أثبت تعرض القتيل للعنف على يد رجل الشرطة. حبس 4 ضباط صغار أمر المستشار أحمد عبد الرحمن، المحامى العام لنيابات محافظة الأقصر، بحبس 4 ضباط شرطة 4 أيام على ذمة التحقيقات، وذلك لثبوت تورطهم فى قضية مقتل المواطن "طلعت شبيب الرشيدى" وضبط وإحضار 5 أمناء شرطة آخرين شاركوا بالواقعة. خالد سعيد.. مخبران يفتديان مدير أمن الإسكندرية كما في حادثة طلعت شبيب، فقد نجا مدير أمن الإسكندرية وقيادات الوزارة من العقاب عقب افتضاح ماسأة تعذيب وقتل خالد سعيد الذي لقي حتفه على يد مخبري شرطة بالإسكندرية، يوم 6 يونيو 2010 وكان حينها في الثامنة والعشرين من العمر، ولم يقدم مسئول واحد أو قيادة أمنية للمسائلة أو المحاكمة وحمل المخبرين وحدهما وزر القضية. وترجع الواقعة عندما أراد الشرطيين اللذين ارتديا ملابس مدنية وقت وقوع الجريمة تفتيش خالد، بما اعتقدا أنه سلطة مخولة لهما بموجب قانون الطوارئ، فعند دخول خالد إلى مقهى إنترنت بالقرب من منزله هاجمه شخصان؛ أمسك به أحدهما وقيد حركته من الخلف والآخر من الأمام وعندما حاول تخليص نفسه منهم ضرباه وصدما رأسه برف رخامي داخل المحل، وعندها حضر صاحب المكان وطالبهما بالتوقف والخروج فورا أخذا خالد سعيد معهم إلى مدخل عمارة مجاورة وضرباه حتى الموت أمام العديد من شهود العيان في منطقة سيدي جابر، الإسكندرية. وتمت احالتهما إلى محكمة الجنايات التي أصدرت حكما بحبس كل من محمود صلاح محمود، وعوض إسماعيل سليمان، شرطيين بقسم سيدى جابر والمتهمين بقتل الشاب خالد سعيد، بالسجن المشدد 10 سنوات. عماد الكبير..الكبار يهربون وتأتي عملية قتل خالد سعيد ضمن سلسلة من الأحداث اللإنسانية التي تحدث داخل الوزارة المعنية بالشئون الأمنية، فقد سبق ذلك احتجاز وتعذيب شاب يدعى عماد الكبير في 18 يناير2006، علي يد ملازم بقسم بولاق الدكرور، حيث قام رجال الشرطة بضربه وتقييد يديه وساقيه وهتك عرضه بعصا بينما كان أحدهم يصور المشهد بهاتفه المحمول، ويظهر التسجيل عماد أثناء اغتصابه وهو يصرخ ويتوسل إليهم طالبا الرحمة، فيما قالت الداخلية وقتها أن "الكبير" تم القبض عليه واحتجازه بسبب "مقاومة السلطات" والإعتداء على موظف أثناء تأدية عمله، وعلي الرغم من توثيق الواقعة إلا أن مدير امن القاهرة وقتها لم تطله مسائلة كما لم تقف قيادة واحدة أمام قاض التحقيقات. حمادة صابر. التعذيب تحت رعاية الوزارة في 1 فبراير 2013 انفجر غضب المصريين، حين طالعوا على شاشات الفضائيات جريمة سحل و"هتك عرض" المواطن حمادة صابر، الذي تعذب على أيدي بعض جنود وضباط الأمن المركزي، بأحد الشوارع الجانبية لقصر الاتحادية، وماطلت الداخلية وحاولت إظهار المجني عليه «بلطجيا»، وفي النهاية تم التحقيق مع ضباط من صغار الرتب وأفلتت القيادات الأمنية من العقاب. عفيفي وكريم المطرية.. الوزير لم يستقيل شهد قسم شرطة المطرية واقعة مقتل المحامى إمام محمود إمام عفيفى، 63 سنة، متأثرًا بإصابته بنزيف داخلى بالمخ، بعدم تعرضه للتعذيب فى قسم شرطة المطرية، خاصة وأنها جاءت بعد شهر ونصف من مقتل المحامى كريم حمدى داخل قسم المطرية، وهى القضية التى أحيلت لمحكمة الجنايات، ومتهم فيها ضابطا الأمن الوطنى، وعلي الرغم من ذلك لم يتقدم وزير الداخلية باستقالته أو حتي اعتذار أحد مساعديه. الحريات قبل الأمن يقول أسعد هيكل، وكيل لجنة الحريات بنقابة المحامين، إن أحد أسباب هذه الظاهرة، هي الظروف الأمنية الداخلية وكذلك الظروف الخارجية المحيطة بالبلاد، والتي تؤدي إلى الحاجة الماسة إلى الأمن، وهو مايؤثر بدوره بشكل سلبي على حقوق المواطنين وحرياتهم، ويصبح الحفاظ على الحقوق والحريات في المرتبة الثانية. واستكمل "هيكل": يعتقد البعض أنه في ظل هذه الظروف الحالية فإن التجاوزات تصبح قليلة الأهمية وبالتالي تأتي المعالجة ضعيفة سواء العقابية أو الإعلامية، في حين ان وزارة الداخلية لاتوقع عقوبات رادعة على أفرادها بل على العكس، تقوم بترقية هؤلاء المخالفين، اضافة إلى أن السبب الرئيسي وراء هذه الظاهرة هي الفساد، فالمعيين في كلية الشرطة من أصحاب الوسائط وعلية القوم وبالتالي هناك انفصال بينهم والشعب ويتعاملون معه بكثير من الإزدراء ويعتبروا المواطن العادي من دم آخر. وقال هيكل، أن قيادات الداخلية تتحمل المسئولية كاملة وارء مايحدث، وأنه لابد من وجود وزير سياسي وليس عسكري ليتمكن من تطبيق السياسات الشعبية، مؤكدا أن الرتب الكبرى تحولت إلى موظفين لتنفيذ الأوامر فقط. فيما قال اللواء محمد المنصوري، الخبير الأمني، أنه من الصعب أن تسمح وزارة الداخلية بتقديم قيادة شرطية للمحاكمة الجنائية، فهي لاتعترف بمبدأ العقاب ودفع الثمن، حيث يتم اعتبار ذلك بمثابة رسالة سلبية للضباط، الذين قد يخشون تطبيق القانون خوفا من المحاكمات، وكذا يمكن أن يحدث تمرد في صفوف الشرطة، مشيرا إلى أنه لابد من توعية صغار الضباط ومد جسر من التواصل بين المواطنين والشرطة.