كان الحصول على تذكرة السفر للخارج هو أقصى أمانيه، جمع المال من هنا وهناك إلى أن تحصل علي ثمنها بشق الأنفس، سافر أخيراً ووصل لمبتغاه، لكنه لم يجد هناك ما يعوض غيابه عن أسرته لفترات طويلة، حتى قرر الخلاص من حياته للأبد ويلقى ربه، ربما هذا ما حدث مع «محمود عطية»، الشاب المصرى، الذى انتحر اليوم الخميس، فى مشهد مأساوى من أعلى برج للبث الإذاعى بمدينة «مستغانم» الجزائرية. انتحر الشاب صاحب ال 35 عاماً بعدما تسلق البرج الإذاعى وألقى بنفسه من أعلى الرادار، ولم تجد توسلات زملائه فى إثنائه عن فكرة الإنتحار طريقاً لآذانه وقلبه، حتى تهاوى وسقط جثة هامدة فى مشاهد مروعة نقلها مقطع فيديو تداوله نشطاء على مواقع التواصل الإجتماعى. الدكتور وائل أبو هندى، أستاذ الطب النفسى، قال إن الإنتحار غالباً ما يرتبط بالإكتئاب لأن الشخص الذى يقدم على الانتحار لم يتلق أى من مراحل الدعم المطلوبة له. الفشل في الغربة وتعليقاً على حادث انتحار الشاب المصرى، بالجزائر، أضاف "أبو هندى" ل«التحرير» أن الشاب حينما يسافر للخارج ويصبح مغترباً تكون الضغوط النفسية عليه أكثر من كونه بداخل بلاده، إذ تزداد الأعباء على كاهله ويكون محاصراً بتحقيق حلمه فى أسرع وقت ممكن ليس فقط لإسعاد نفسه ولكن من أجل آخرين من أسرته. وتابع أستاذ الطب النفسى موضحاً أن «الإندفاع» يكون أحد أهم أسباب الإقدام على ظاهرة الإنتحار، وأحياناً ما يقدم المواطن على الانتحار بطريقة سريعة للغاية فى لحظة ما، دونما يكون قاصداً لفكرة الإنتحار فى حد ذاتها، واختتم:«اليوم انحصر حلم المصرى داخل الأراضى المصرية ما بين السفر لدولة أوروبية أو دولة خليجية» . كل الطرق تؤدي للانتحار فى 14 من أكتوبر الماضى، تمكنت خدمات تأمين المسطح المائى بنهر النيل من إنقاذ أحد الأشخاص قبل غرقه بمياه النيل، بعدما ألقى نفسه من أعلى كوبرى 15 مايو، وتبين أنه يدعى "إبراهيم . م . س" حاصل على دبلوم صنايع يقيم بأوسيم بالجيزة، وكشفت التحريات أنه معاق فى يده اليسرى، ويمر بضائقة مالية ومشاكل عائلية أقدم بسببها على محاولة الانتحار. ولم يمر يوم واحد على تلك الواقعة السابقة، حتى تمكنت الإدارة العامة لشرطة البيئة والمسطحات من إنقاذ أحد الأشخاص من الغرق بنهر النيل.، بعدما قام بإلقاء نفسه من أعلى كوبرى 6 أكتوبر، حيث بادر المقدم أحمد زيادة والرقيب محمد سعيد فرحات من قوة الإدارة العامة لشرطة البيئة والمسطحات، من سرعة انتشاله من مياه النيل وإنقاذه قبل الغرق. وقبل 4 أيام أقدم فلاح بالمنيا على الانتحار بتناوله مادة سامة بسبب إحساسه بالذنب عقب قيامه بقتل شقيقه بالساطور فى ملوى منذ عدة أيام، وبتوقيع الكشف الطب على الجثة، تبين أن الوفاة جاءت نتيجة تناول مادة سامة. وكشفت التحريات التى أجرتها وحدة مباحث المركز أن المتهم أقدم على فكرة الانتحار عقب شعوره بتأنيب الضمير لقيامه بقتل شقيقه الأكبر "سيد.ح" 37 سنة، باستخدام ساطور لوجود خلافات مالية بينهما. وفى الثالث والعشرين من نوفمبر الجارى، أيضاً انتحر شاب شنقاً بقرية الدوالطة، التابعة لمركز بنى سويف، لمروره بأزمة مالية ونفسية، وذلك بعدما تلقى اللواء رضا طبلية مدير الأمن، إخطارا من العميد خلف حسين، رئيس المباحث الجنائية بالمديرية يفيد قيام مبروك عبدالفتاح عبدالسلام، 36 سنة، شاب، بشنق نفسه ب "شال" حول رقبته. وأفادت تحريات المباحث أنه يمر بحالة نفسية سيئة لتعثره مادياً عقب عودته من السفر بإحدى الدول العربية. المجندون ينتحرون أيضا وفى 21 من نوفمبر الجارى، انتحر مجند شرطة شنقا داخل حمام بمدينة الشروق، وتبين من التحريات الأولية أن المجند كان يعانى من اضطرابات نفسية، ودلت التحقيقات أن المجند وقعت عليه عقوبة بالحبس داخل خدمته، وفوجئ زملاؤه به معلقاً فى سقف الحمام، بعدما صنع لنفسه مشنقة للانتحار. وفى 7 من سبتمبر الماضى، نجحت الخدمات الأمنية المعينة لتأمين المسطح المائى لمجرى نهر النيل بمنطقة الزمالك، فى إنقاذ إحدى الفتيات عقب محاولتها الانتحار بإلقاء نفسها من كوبرى 15 مايو.