بعد سلسلة الأحداث الإرهابية التي ضربت العاصمة الفرنسية باريس، مساء أمس الجمعة، أصدر مجلس الوزراء الفرنسي صباح اليوم قرارا أعلن فيه حالة الطوارئ على كامل التراب الفرنسي. متى تم إقرار القانون؟ وحالة الطوارئ، هي نظام استثنائي أقرّه قانونٌ تمّ التصويت عليه في فرنسا عام 1955، ضمن الإجراءات التي اتخذت في إطار حرب الجزائر في ذلك الوقت، وكانت تلك المرة الأولى في القرن العشرين التي تعلن فيها حالة الطوارئ. المرة الأولى في القرن الحادي والعشرين كانت بمرسوم أصدره الرئيس الأسبق جاك شيراك، خلال أحداث الشغب التي ضربت الضواحي الفرنسية عام 2005، غير حالة الطوارئ تلك كانت تتعلق فقد بمدينة باريس وضواحي وليس عموم الأراضي الفرنسية كما هو الحال اليوم بعد اعتداءات ليل الجمعة/السبت الدامية. ما هي إجراءات الطوارئ؟ ويمكن إعلان حالة الطوارئ على سائر الأراضي لبلد ما أو على جزءٍ منها، إما في حالة الخطر الوشيك الناجم عن اعتداءات تستهدف الأمن القومي، أو بسبب أحداث تشكل بحكم طبيعتها وخطورتها ما يسمى بالكارثة العامة. وبموجب إعلان حالة الطوارئ في فرنسا يمكن للمحافظ منع حركة الأشخاص أو الآليات ضمن الأماكن أو خلال الأوقات المحددة في مرسوم خاص، كما يسمح بتشكيل نقاط أمنية تخضع فيها الإقامة لضوابط ونظم خاصة، أو تمنع كليا إقامة كل شخص من شأنه أن يعيق بشكل أو بآخر عمل السلطات المحلية. بالإضافة لذلك يتم إغلاق الأماكن العامة والمسارح والمكتبات والمقاهي وقاعات الاجتماع والبلديات، وهو ما تم فعلا صباح اليوم السبت، وفي بعض الحالات الخاصة جدا تخوّل حالة الطوارئ السلطات الوطنية فرض نوع من الرقابة على الصحافة والمنشورات كما على برامج الراديو ومحتوى دور السينما والعروض المسرحية. كما يمكن لهذا الإعلان أيضا، تجريد القضاء من حقوقه المتعارف عليها، فتحوز السلطات الإدارية على صلاحيات للتفتيش ليلا نهارا، وتطلق يد القضاء العسكري للتحقيق في شؤون من خارج صلاحياته المتعارف عليها. ويشبّه معلقون فرنسيون حالة باريس اليوم، بالحالة التي عاشتها أمريكا في 11 سبتمبر، إذ اتخذ الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند إجراءات عديدة، يمكن تلخيصها في إعلان حالة الطوارئ، وهو ما يعني أن كل شخص تشك السلطات الأمنية بتورطه يحق لها اعتقاله والتحقيق معه، إضافة إلى الطلب من المواطنين الباريسيين ملازمة منازلهم حتى إشعار آخر، وطلب تعزيزات عسكرية إلى شوارع باريس لمنع وقوع هجمات جديدة، وإغلاق كامل الحدود الفرنسية وإغلاق شبكة القطارات في العاصمة الفرنسية. وقررت الحكومة الفرنسية جلسة طارئة بعد إعلانها عن إغلاق المدارس والجامعات في باريس اليوم، الرئيس الفرنسي ومن أمام مسرح باتاكلان، قال إن على الإرهابيين أن يعلموا أن فرنسا الموحدة ستحاربهم بلا هوادة ولا رحمة. من جانبه، قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الفرنسي جاك ميارد، إن مجلس الوزراء سيقر مرسوما يفرض من خلاله حالة الطوارئ في البلاد بما يمنح الشرطة صلاحيات واسعة، كما تتمكن بموجبه من القيام بعمليات دهم ليلية ومداهمة كل الأماكن التي تراها مشبوهة. مرات سابقة يُذكر أن حالة الطوارئ التي لم تعلن في فرنسا إلا في مناسبات قليلة منذ الحرب العالمية الثانية، كان آخرها في نوفمبر 2007، بعد أحداث العنف التي وقعت في منطقة كليشي سير بوا في باريس، واستمرت حتى يناير 2008. وأعلنت هذه الحالة في 1955 و 1958 و1961 أثناء حرب الجزائر، وفي 1985 في ما وراء البحار في كالدونيا الجديدة. وتُعلن هذه الحالة في العادة، لمدة 12 يوما قابلة للتمديد بقرار من رئيس الجمهورية، وتُعطي صلاحيات واسعة لقوات الأمن من شرطة، ودرك وجمارك وجيش.