اعتبرت وكالة "بلومبرج" الاقتصادية، أن محاولة مصر لاستباق انهيار العملة المحلية، من خلال رفع سعر الصرف الرسمي للجنيه مقابل الدولار 20 قرشا، خطوة لا تقنع المستثمرين بأنه يمكن تجنب تخفيض قيمة العملة في نهاية المطاف، وفقا لعدد من الخبراء الذين استطلعت آرائهم. وأوضحت الوكالة الأمريكية، أن سعر الصرف الضمني (غير الرسمي) للجنيه الذي يعتمد على تجارة الأسهم، انخفض إلى مستوى قياسي يوم الخميس، وانخفضت العملة في السوق الحرة (غير الرسمية) في القاهرة والإسكندرية أمس، متحديا خطوة مفاجئة من قبل البنك المركزي لفرض رفع السعر، وضخ كميات من الدولار في البنوك لتخفيف حدة النقص الشديد في العملة الأجنبية. وأشارت إلى أن التفجير المشتبه به لطائرة الركاب الروسية التي أقلعت من منتجع شرم الشيخ الشهر الماضي، أدى إلى تضرر الأسواق المصرية، وخلف المستثمرين في السندات بأكبر قدر من الخسائر في الأسواق الناشئة في نوفمبر. ونقلت عن بير هامارلاند، كبير استراتيجي الأسواق الناشئة في مصرف "إس إي بي" إيه بي، ومقره في ستوكهولم، قوله إنه "لا توجد فرصة" بأن يتمكن البنك المركزي من تجنب تخفيض قيمة العملة. البنك المركزي ببساطة ليس لديه ما يكفي من الاحتياطيات لدعم الجنيه. لن يستطيع على الاستمرار لفترة أطول بكثير باعتباره أحد أكبر مصادر النقد الأجنبي، وصناعة السياحة، تتلقى ضربة كبيرة". ولفتت إلى أن حادث تحطم الطائرة، الذي أسفر إلى وقف روسيا جميع رحلاتها الجوية إلى البلاد التي تعتمد على السياح للحصول على دخل من العملات الأجنبية، وضعت صناع السياسة في مصر في موقف دفاعي لمحاولة وضع حد للتكهنات بأنه سيتم خفيض قيمة الجنيه للمرة الرابعة هذا العام، كما أن دعم العملة المدارة يصبح أكثر صعوبة بعد إنفاق البنك المركزي تقريبا كل ال 6 مليارات دولار من المساعدات التي تلقتها مصر من حلفائها في الخليج العربي في أبريل الماضي، ما خلف احتياطيات أجنبية كافية لتغطية ثلاثة أشهر فقط من الواردات. ورأت "بلومبرج" أن تقدير ما ستفعله مصر بعد ذلك أصبح أصعب بالنسبة للمستثمرين بعد أن أعلن محافظ البنك المركزي هشام رامز استقالته الشهر الماضي، بينما لن يحل محله، طارق عامر، ويتولى المنصب حتى 26 نوفمبر الجاري. وعين رامز نائبه جمال نجم، كقائم بأعمال المحافظ للفترة المتبقية من ولايته، بحسب المتحدث باسم البنك. وبينت أن الأجهزة التنظيمية أمرت المقرضين (البنوك) برفع قيمة العملة بنسبة 2.6% إلى 7.83 مقابل الدولار الواحد، دون إبداء أسباب، وفقا لثلاثة مصرفيين مطلعين على هذه الخطوة، طلب عدم الكشف عن هويتهم، وهو ما يصادف أول رفع لقيمة الجنيه منذ تلك المرة التي تزامنت مع الإطاحة بجماعة الإخوان المسلميين من السلطة في يوليو 2013. وقال اثنان من المصرفيين "أعطى صناع السياسة أيضا البنوك ما يكفي من الدولارات لتلبية ربع احتياجات عملائها لتغطية واردات السلع الأساسية"، فيما ذكرت صحيفة "المال" اليوم الخميس إن المبلغ تجاوز مليار دولار، وقبل أيام، رفعت البنوك الفوائد على الودائع بالعملة المحلية في محاولة لجذب مزيد من السيولة في البلاد التي يقطنها 90 مليون شخص، في حين وعد الرئيس عبد الفتاح السيسى وقت سابق من هذا الشهر بالحد من أسعار السلع الأساسية للمصريين قبل نهاية نوفمبر. رفع سعر الجنيه كان "مفاجأة كبيرة"، وفقا لجان بول بيجات، وهو خبير اقتصادي في بنك الإماراتدبي الوطني ومقرها في دبي، الذي أوضح أن "الضغوط الأساسية على الجنيه لا تزال على الجانب السلبي. أي شخص يعتقد أن هذا تغيير اتجاه فهو مخطئ". وكان وزير السياحة هشام زعزوع، قال أمس الأربعاء، إن مصر تستعد لانخفاض قدره 2.2 مليار جنيه (280 مليون دولار) من الإيرادات شهريا بسبب قرار روسيا وقف رحلاتها الجوية إلى البلاد وخطوة المملكة المتحدة لوقف السفر إلى شرم الشيخ. والخسارة المحتملة للدخل تعني أن مصر ستضطر إلى اللجوء إلى صندوق النقد الدولي للنقد، وفقا لهاني جنينة، كبير الاقتصاديين في الشركة "الفرعونية القابضة" للاستثمار فى الأوراق المالية ومقرها القاهرة. وتكافح الحكومة لإنعاش الاقتصاد منذ ما يسمى ثورات الربيع العربي عام 2011، مع توقعات النمو في البقاء دون المستويات التي سبقت الثورة، وفقا لدراسة بلومبرج الاقتصاديين، الذي أشار إلى أن "تعويم الجنيه هو شرط رئيسي لصفقة صندوق النقد الدولي، ويبدو أن خطوة البنك المركزي هي الأولى لتثبيت نظام تغير السعر في الاتجاهين للجنيه استعدادا لنظام سعر الصرف المرن".