فتحت القمة "العربية اللاتينية" التي تستضيفها الرياض اليوم الثلاثاء، الباب أمام فلسطين لوضعها على مائدة التفاوض من جديد من أجل إيجاد حلول جذرية لأزمة الاحتلال الإسرائيلي، لاسيما في ظل الموقف الداعم من قبل دول أمريكا اللاتينية مع شعب غزة ضد الكيان الصهيوني. "التحرير" رصدت أبرز المواقف الداعمة لدول أمريكا اللاتينية مع فلسطين، منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة حتى الآن، والذي تطور في أكثر من مرحلة ما بين سحب السفراء، والتنديد من قبل رؤساء الدول بمواقف إسرائيل الهمجية والوحشية للحد الذي وصل لقطع العلاقات نهائيًا رفضًا للعدوان. تُعد دول أمريكا اللاتينية أحد أبرز الدول الداعمة لفلسطين والمناهضة والمنددة بوحشية الكيان الصهيوني، حيث أثبتت كافة المواقف مدى تضامن تلك الدولة ومؤزارتها مع شعب غزة ضد الاحتلال الإسرائيلي، للحد الذي وصل إلى سحب بعض هذه الدول سفرائها من تل أبيب وإصدار بعض رؤساء تلك الدول تصريحات حادة ضد الكيان الإسرائيلي. وبدا هذا التضامن والمؤزارة والدعم جليًا حينما أطلقت إسرائيل في 8 يوليو الماضي، عدوانها على قطاع غزة، وقامت بإطلاق قصف وحشي على المدنيين هناك، الأمر الذي انفعل معه دول أمريكا اللاتينية، وعلى الفور قاموا بإصدار بيانات تحذيرية شديدة اللهجة ضد الكيان الصهيوني، تنديدًا بالهجمات الشرسة على قطاع غزة، حيث قامت حكومات دول البرازيل وتشيلي والإكوادور وبيرو بسحب سفرائها من تل أبيب، بينما أصدر رؤساء حكومات الأرجنتين والمكسيك ونيكاراجوا وأوروغواي تصريحات حادة وهجومية ضد الكيان الصهيوني، بل الأدهى أنه منذ العدوان الإسرائيلي على غزة في أواخر عام 2008 وأوائل عام 2010 قطعت حكومات بوليفياوفنزويلاوكوبا علاقاتها مع تل أبيب، ولاتزال كوبا تقطع هذه العلاقات منذ عام 1973. ليس هذا فقط بل أصدر أربعة من خمسة رؤساء دول السوق المشتركة للجنوب (ميركوسور) يوم 29 يوليو أثناء قمتهم في كراكاس، بيانًا "أدانوا فيه بشدة الاستخدام غير المتكافئ للقوة من قبل الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، مما يؤثر أساسًا على المدنيين ومن بينهم النساء والأطفال"، كما أدان الرؤساء أعمال العنف ضد السكان المدنيين في إسرائيل، وفقًا لهذا البيان الذي وقَّع عليه كل من كريستينا فرنانديث (رئيسة الأرجنتين)، ديلما روسيف (البرازيل)، خوسيه موخيكا (أوروغواي) ونيكولاس مادورو (فنزويلا)، فيما امتنع رئيس باراجواي هوراسيو كارتيس. ولم يتوقف موقف دول أمريكا اللاتينية عند هذا الحد بل وصل الأمر، للحد الذي خرجت فيه بعض الدول في مظاهرات حاشدة في شوارع وميادين بلدان أمريكا اللاتنينة تضامنًا مع القضية الوطنية الفلسطينية، لاسيما في الأرجنتينوالبرازيل وكولومبيا وكوستاريكا والسلفادور والمكسيك ونيكاراجوا وبنما وفنزويلا. وفي 31 يوليو 2014، أدرجت بوليفيا إسرائيل على قائمتها للدول "الإرهابية" احتجاجًا على العدوان الذي تشنه منذ الثامن من يوليو الماضي على قطاع غزة، وأعلن رئيس بوليفيا إيفو موراليس هذا القرار في لقاء مع مدرسين في مدينة كوشابامبا وسط البلاد، وقال "نعلن (إسرائيل) دولة إرهابية"، واعتبر أن الهجوم على غزة "يظهر أن إسرائيل لا تحترم مبادئ احترام الحياة والحقوق الأساسية التي ترعى التعايش المشترك السلمي والمتآلف لأسرتنا الدولية". وقرر موراليس تعليق اتفاقية خاصة بالتأشيرات وقعت مع إسرائيل عام 1973، وأقر فرض التأشيرة على الإسرائيليين الراغبين في زيارة بلاده، داعيًا في وقت سابق لمحاكمة قادة إسرائيل بسبب جرائمها ضد الإنسانية في حق الفلسطينيين، وقطعت بوليفيا علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل في 2009 بعد العدوان الإسرائيلي الدامي على قطاع غزة، وقد فعلت الأمر نفسه دول عدة يقودها اليساريون في أمريكا اللاتينية أبرزها فنزويلاوكوبا. وفي 6 أغسطس 2014، أعلن رئيس الإكوادور رافاييل كوريا، أنه ألغى زيارة رسمية كانت مقررة هذا العام ل(إسرائيل)، منددًا بعملية "إبادة" نفذها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، موضحًا "كنت أنوي الذهاب إلى إسرائيل في النصف الثاني من العام، والزيارة كانت مبرمجة، وتشمل فلسطين، وبالطبع بعد هذه الأحداث ألغينا الزيارة"، معتبرًا قتل أطفال ونساء أثناء الهجوم الإسرائيلي أمرًا لا يمكن تبريره. وتابع المسؤول الإكوادوري، "علينا أن نستمر في التنديد بكل قوانا بهذه الإبادة في قطاع غزة. ومن جانبه، وصف رئيس أوروجواي خوسيه موخيكا يوم 4 أغسطس، العدوان الإسرائيلي على شعب غزة ب"الإبادة الجماعية"، في حين صرح وزير خارجيته، لويس الماغرو، أن بلاده تنظر في إعادة تقييم "كل العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل"، وبدوره أدان الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أيضًا بشدة الهجوم الإسرائيلي، ووصفه بأنه "مذبحة مروعة"، مضيفًا أن أولئك الذين يقارنون ما يحدث بالإبادة الجماعية للشعب اليهودي" في عهد أدولف هتلر، يفعلون ذلك عن وجه حق، وبالإضافة إلى هذا، أعلن وزير الخارجية الفنزويلي إلياس خاوا يوم 6 أغسطس الجاري من القاهرة، أن فنزويلا أرسلت 16 طنًا من المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر مصر، ووضعت موارد لشراء 15 سيارة إسعاف و 240.000 برميل من الوقود للفترة المتبقية من العام على أساس الاتفاقات المبرمة مع مؤسسة النفط الفلسطينية "بترو فلسطين". وفي رسالة واضحة تبرز مدى التفاهم بين دول أمريكا اللاتينية وفلسطين، يأتي مشهد تقليد الدكتور صائب عريقات، القائم بأعمال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية كبير المفاوضين الفلسطينيين، الرئيسة الأرجنتينية، كريستينا فرنانديز دي كيرشنر، بأعلى وسام "نجمة فلسطين"، كتقدير لها على مواقفها ودعمها للقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني في مختلف المحافل الدولية، وتأكيد الرئيسة فرنانديز على موقف الأرجنتين الثابت في دعم حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف وإنشاء دولة فلسطين على حدود 1967، كما أدانت إرهاب المستوطنين.