اعتبرت وكالة "بلومبرج"، أن تحطم الطائرة الروسية المنكوبة فوق صحراء شبه جزيرة سيناء، لا يمكن أن يأتي في وقت أسوأ بالنسبة لاقتصاد مصر يعاني بالفعل من نقص الدولار، وفي حاجة ماسة لتمويل طارئ، وفقا لآراء عدد من خبراء الاقتصاد الدوليين الذين استطلعت آرائهم. وحذرت الوكالة الأمريكية، من أن الأدلة المتزايدة على أن قنبلة أسقطت طائرة "متروجت" الروسية، ستكون لها آثار مدمرة محتملة على صناعة السياحة في مصر، وستجعل حل أزمة العملة الأجنبية أكثر صعوبة، لافتة إلى أن الاقتصاد المصري في وضع سيء ليفقد هذا المصدر الحيوي للعملة الصعبة. وأوضحت أن السياحة مصدر رئيسي لتوفير فرص العمل والعملات الأجنبية، في مصر، وأدرت 7.4 مليار دولار في السنة المالية التي انتهت في يونيو الماضي، أي أكثر بما يقرب من 40% من عائدات قناة السويس، وكان من المفترض أيضا أن تكون جزءا رئيسيا من التحول الاقتصادي في مصر، ولكن في أعقاب حادث تحطم الطائرة علقت مصر حملة ترويجية لمدة ثلاث سنوات بقيمة 68 مليون دولار، وألغت عدة أحداث بنيت عليها. وأشارت إلى أنه في سبتمبر الماضي، قصفت قوات الأمن قافلة سياحية كانت تقوم برحلة سافاري في الصحراء الغربية، ما أسفر عن مقتل 12 شخصا، من بينهم 8 مكسيكيين، عندما اعتقدت خطأ أن السياح ومرشديهم إرهابيين. ونقلت عن جيسون توفي، خبير اقتصادات الشرق الأوسط في مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس" لندن، قوله إن تحطم طائرة متروجت "مسمار آخر في نعش قطاع السياحة في مصر". وأضاف أن الزوار الأجانب سيتجنبون مصر إذا اعتقدوا أن الحكومة لا تسيطر على الوضع الأمني"، محذرا من أن هذا سيزيد من الضغط على الجنيه، ويجعل خفض قيمة العملة أكثر ترجيحا". كما نقلت عن سايمون وليامز كبير الخبراء الاقتصاديين لمناطق وسط وشرق أوروبا، والشرق الأوسط وشمال أفريقيا في بنك "إتش إس بي هولدنجز"، لندن، قوله إن أكثر من 10 مليارات دولار من الاستثمار الأجنبي في أذون الخزانة المصرية هربت من البلاد بعد عام 2011، و"من الصعب للغاية قياس تماما إلى أي مدى يحتاج الجنيه لخفض قيمته" لإعادتها. وبحسب الوكالة الأمريكية، قال وليامز قبل تحطم الطائرة إنه يتوقع خفض العملة المحلية إلى 9 جنيهات مقابل الدولار بحلول منتصف عام 2016، من سعر الصرف الرسمي الحالي 8.03 جنيه وسعر السوق السوداء 8.56 جنيها. تضاؤل الاحتياطيات. ولفتت إلى أن البنك المركزي المصري سمح بالفعل بتراجع الجنيه المصري بنسبة 11% على 3 مراحل منذ بداية العام، هناك اتفاق عام على أن أي حل لأزمة الدولار يتطلب مزيدا من الخفض. ونقلت ما جاء في تقرير، "الفرعونية القابضة" للاستثمار فى الأوراق المالية، بالقاهرة بأن "مخاطر البورصة، التي كانت بالفعل مرتفعة قبل الأحداث الأخيرة، وأصبحت الآن أعلى، ستدفع التوقعات التضخمية في مصر إلى مستويات قياسية جديدة، حيث أن التجار والمستهلكين يتوقعون خفض آخر كبير لقيمة العملة. ورغم تدفق مليارات الدولارات من المساعدات من حلفاء مصر الأثرياء بالنفط في الخليج، انخفضت الاحتياطيات الأجنبية أكثر من 40% منذ ثورة يناير 2011 التي أطاحت بحسني مبارك، وفقا ل"بلومبرج" التي نوهت إلى أن البنك المركزي يطلب من البنوك حاليا إعطاء الأولوية لمستوردي السلع الأساسية مثل الغذاء،حيث قال محافظ البنك المركزي السابق هشام رامز، إن حد الإيداع النقدي للودائع يضغط بالفعل السوق السوداء، ويشجع المصريين على الحصول على الدولار من البنوك بدلا من ذلك. ورجحت أن حل الأزمة عن طريق إضعاف العملة يحمل مخاطر، أبرزها زيادة تكلفة السلع المستوردة، حتى في ظل انخفاض الأسعار العالمية للنفط والغذاء، ومن المتوقع أن يبلغ معدل التضخم السنوي في مصر، 9.5% في عام 2015، لتصبح ثاني أسرع مستوردة للنفط في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، بحسب تحليل لصندوق النقد الدولي. ونقلت عن جان ميشال صليبا، الخبير الاقتصادي في وحدة الأبحاث لدى "بنك أوف أميركا ميريل لينش"، قوله قبل تحطم الطائرة "لا تريد أن ترتفع الأسعار عندما تخفض قيمة العملة، الناس ليسوا أثرياء للغاية في مصر، والبلد شهد اضطرابات في الماضي ، لذلك فإنهم ربما يريدون التحرك بحرص شديد على هذه الجبهة". واختتمت بالإشارة إلى أن الحكومة المصرية تجنبت حتى الآن التوقيع على برنامج صندوق النقد الدولي، الذي من شأنه أن يزيد من ثقة المستثمرين في تعافي الاقتصاد المصري- على الرغم من أنه قد يترتب عليه أيضا تدابير اقتصادية لا تحظى بشعبية. وفي هذا السياق نقلت عن تقرير شركة "الفرعونية" أن متطلبات التمويل الطارئ في مصر قد ارتفعت بنسبة تصل 2 مليار دولار منذ تحطم الطائرة، فضلا عن 4 مليارات دولار قالت الحكومة بالفعل إنها تحتاجها.