كتب- تهامي البنداري ويونس محمد: دخل قسم الشرطة فى قضية تعدى بالضرب.. وخرج منه على المستشفى تقرير طبيب المستشفى أفاد بأن الضحية «مضروب فى بطنه» الضحية قال لأمه: «علقونى من رجلى.. وضربونى فى بطنى» الأم: لاحظنا وجود تورم فى وجهه ومعاناته من بطنه.. والمستشفيات رفضت استقباله الأب: «المتهمين حاولوا يخرجوه من الحجز.. والظباط اتهموه بالتمثيل» الأحداث المتتالية لإهانة المواطنين داخل أقسام الشرطة فى مصر، تفرض نفسها من جديد، خصوصا أن غالبيتها ينتهى بموت الضحية، وما حادثة قسم حدائق القبة عنا ببعيد، التى راح ضحيتها مواطن، وأصبح القسم بمأموره محل اتهام، على الأقل فى نظر المواطنين.. والآن أمامنا ضحية جديدة، فى قسم شرطة المطرية، لمعاق ذهنى، يعانى العجز، ويحتاج إلى الرحمة، فما كان منه إلا أن نال الإهمال والتعذيب.. محمد عبده معوض، 20 عامًا، يعانى من إعاقة ذهنية، تدهورت حالته الصحية داخل حجز قسم شرطة المطرية، جعلته يتقيأ دمًا من فمه ويفقد وعيه على فترات متقطعة، حتى أجريت له عملية استئصال جزء من معدته وتركيب أنبوبة صدرية.. «التحرير» التقت أهل الضحية، لتقف على الحقيقة التى دائما ما تغيب فى مثل تلك الحالات، أو تتوه عن عمد ما بين السطور.. البداية.. مشاجرة البداية كما ترويها والدة محمد، الحاجة أم عمرو، كانت طبيعية للغاية كعادة أى قضية ينفذ قسم الشرطة قرار النيابة بشأنها، تقول: «ابنى اتهم ظلمًا فى قضية ضرب عسكرى شرطة فى محطة مترو عزبة النخل»، مشيرة إلى أنها رزقت بخمسة أبناء، أوسطهم محمد، الذى يعانى من إعاقة ذهنية، وله ملف علاج فى مستشفى الأمراض العقلية بالعباسية، اقتادته قوة من قسم شرطة المطرية لديوان القسم بعد اتهامه فى قضية تعدى بالضرب على مجند شرطة معين خدمة بمحطة مترو عزبة النخل، حتى أمرت النيابة بحبسه أربعة أيام على ذمة القضية، وتم تجديد حبسه أكثر من مرة. تستكمل الأم الحزينة، «قبل عيد الأضحى، زاره شقيقه عمرو، وهناك لاحظ وجود تورم فى وجهه ومعاناته من بطنه، وبعدها بأيام علموا أنه يتقيأ دمًا من فمه، وأن نجلهم محمد قد توفى داخل مستشفى المطرية بعد سوء حالته الصحية ونقله من القسم»، وبعدها توجهت أسرته بالكامل إلى المستشفى، وهناك علمنا أنه ليس موجودًا به، وأنه تناول جرعة محلول، وعاد ثانية لديوان قسم المطرية، وبعد رحلة عذاب بالقسم تمكنت من رؤيته، بناءً على تعليمات مأمور القسم العميد حسام أبو جبة، إلا أن أسرته لم تتمكن من نقله للمستشفى بحجة عدم وجود قرار من النيابة بذلك، علاوة على قول أحد الضباط لها «ده عايز شوية عصير وهيبقى كويس مافيش حاجة فيه». يد ل«الكلابشات» وأخرى ل«المحاليل» فصول المأساة ما زالت تتواصل، فكما تقول الأم بدموعها التى لم تجف «ابنى كانت حالته كويسة للغاية، ولم يشتك يومًا من أى شىء باستثناء موضوع الإعاقة الذهنية بس»، موضحة أنها علمت بعد مرور أربعة أيام بنقله ثانية لمستشفى المطرية، وهناك تقابلت مع الأطباء الذين علقوا لها «ابنك بيموت يا حاجة وبيرجع دم وحالته حرجة.. لازم يعمل عملية ضرورى». تصف الأم مشهد الابن قائلة إن الكلابشات لم تفارق يد محمد، وكلما طلبت من رجال القسم فك الكلابشات الحديدية من يده رفضوا بحجة تنفيذ القانون، لدرجة كانت إحدى يديه معلق بها المحاليل والأخرى مقيدة بالكلابشات فى صورة غير آدمية. والمستشفيات ترفض استقباله وتتابع الأم حديثها مؤكدة أن «مستشفى المطرية رفض بعد إساءة حالته به أن يستقبله من الأساس، وأكد الأطباء به أنهم لا يمتلكون الإمكانيات على نقل دم له لأنه سيجرى عملية استئصال جزء من المعدة»، ولم يختلف الحال فى مستشفيى الدمرداش وقصر العينى إذ رفضا استقبال محمد، حتى لجأنا مرة أخرى إلى مستشفى المطرية، وكان التشخيص الطبى لمحمد آنذاك هو إصابته بفتح فى الحجاب الحاجز، وفقدان فى الوعى، أجرى بعدها محاولات عدة لعملية استئصال جزء من معدته واستشكاف بالبطن. وعن سبب وفاة محمد تقول الأم «حسب رواية محمد، فإنه أخبرنى فى إحدى المرات، علقونى من رجلى، وضربونى فى بطنى»، ولكنه لم يكشف لها عن طبيعة من مارس معه هذه الأفعال. غياب الرحمة واتهام بالتمثيل يسرد والد محمد، عبده معوض محمد، القصة قائلا: «المتهمين حاولوا يخرجوه من حجز القسم الضباط قالوا له ده بيمثل والكلام ده بنشوفه كتير»، مؤكدًا «المأمور بصراحة سمح لأمه إنها تشوفه وتتأكد إنه حى والكلام ده مش صحيح». ويؤكد والد محمد أن الطبيب الذى أجرى العملية الجراحية لنجله، أخبرهم أنه «مضروب فى بطنه»، ويتابع «لو كان ابنى هو اللى ضرب العسكرى أو اعتدى عليه وخد إعدام مش هازعل.. أنا زعلت على العسكرى لما عرفت إنه اتضرب فى المشاجرة». واختتم الأب شكواه قائلًا «كفانا ظلم.. تعبنا من الظلم.. فى ظباط محترمة وفى ناس ظلمة جبروت الدنيا فيهم.. حسبنا الله ونعم الوكيل فى كل ظالم منهم... لو كان ابننا ابن ناس مبسوطين ومعانا فلوس ماكنش اتعمل كده معاه».