عقدت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية مقارنةً بين أحداث التحقيق في حادث تحطم الطائرة الروسية "آير باص 321"، وحادث سقوط طائرة مصر للطيران "990" المتجهة إلى نيويورك، فيما يتعلق بتعامل السلطات المصرية مع الترجيحات التي تتوصل لها الدول الغربية. ترجيحات الدول الغربية الصحيفة الأمريكية قالت إنه بعد 6 أيام من تحطم الطائرة الروسية في سماء سيناء تجد الحكومة المصرية نفسها في عزلة متزايدة في ظل مقاومتها لاحتمال أن تكون الطائرة قد سقطت بسبب قنبلة زرعها الإرهابيون. "نيويورك تايمز" في التقرير، الذي أعده مراسلها في القاهرة، ديفيد كيركباتريك، أشارت إلى أن بريطانيا رجحت أن يكون سبب الحادث "قنبلة"، كما أن أوباما قال بوضوح إنه يأخذ هذا الاحتمال "على محمل الجد". بالإضافة إلى أنه حتى بوتين - بعد 6 أيام من الوقوف بجانب مصر للحيلولة دون أي طرح متعلق بالإرهاب، قام - أمس الجمعة - بتعليق الرحلات الجوية الروسية إلى مصر خوفا من هجوم آخر. إنكار مصري إلا أن الحكومة المصرية، التي تعتمد بشكل كبير على أموال السياحة في شرم الشيخ، قد رفضت أي افتراضات بأن الحادثة التي قتل فيها 224 شخصا هي نتيجة عمل إرهابي، معتبرة أنها افتراضات "سابقة للأوان، ولا مبرر لها ومستغربة". رحلة مصر للطيران 990 الصحيفة الأمريكية قالت إن الهوة آخذة في الاتساع بين مصر والعالم، ويصفها البعض بأنها تذكر بحادثة طائرة مصر للطيران التي كانت متجهة إلى نيويورك في عام 1999، عندما سقطت في المحيط الأطلنطي قبالة ساحل جزيرة نانتوكيت. فعلى الرغم من أن المحققين الأمريكيين قالوا إن سجلات الطائرة أشارت إلى قرار الطيار المصري بالانتحار، إلا أن الحكومة المصرية قد ألقت باللائمة على عطل في الطائرة بوينج، وبعد 17 عاما من النزاع بين مصر وأمريكا لا تزال القضية دون حل. رغبات القادة السياسيين ونقلت الصحيفة الأمريكية عن جيمس هول، الرئيس السابق للمجلس الوطني لسلامة النقل، والذي أشرف على هذا التحقيق، قوله "لا أتوقع أن يكون التحقيق المصري هنا أكثر شفافية من عملهم في التحقيق حول رحلة شركة مصر للطيران 990"، مشيرا إلى أن رغبات القادة السياسيين في مصر - المتعلقة بالحد من خطر الإرهاب - بالتأكيد سيكون لها تأثيرًا على مسار التحقيق، مضيفًا "محققو السلامة الجوية في مصر تحت سيطرة الحكومة، وأنا لا أعتقد أن ذلك قد تغير". وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قد أعلن أن زرع قنبلة في الطائرة الروسية هو التفسير الأكثر احتمالًا. ونقلت العديد من وكالات الأنباء البريطانية عن مسؤولين في لندن قولهم إن الحكومة تعتمد في استنتاجها على مراقبة هواتف عدد من المسلحين المصريين في شبه جزيرة سيناء، وكذلك على التقارير التي تستند إلى فرضية أن يكون أحد موظفي المطار قد زرع عبوة ناسفة في الطائرة. أما الرئيس أوباما، فقد رجح نفس الاحتمال في ليلة الخميس في مقابلة إذاعية، حيث قال "هناك احتمال وجود قنبلة على متن الطائرة، نحن نأخذ هذا على محمل الجد". استبدال فريق التحقيق في طائرة مصر للطيران وأوضحت الصحيفة أن الرئيس المخلوع حسني مبارك طلب في البداية من واشنطن أن تأخذ زمام المبادرة في التحقيق، نظرا لقرب الطائرة من الولاياتالمتحدة، وصعوبة استعادة الحطام من تحت الماء. وسريعا ما أشارت الأدلة إلى قرار انتحار من قبل أحد الطيارين، الذي يُدعى جميل البطوطي، فقد سُمع صوته على أجهزة التسجيل يطلب من الطيار والطيار المساعد تركه وحيدا في قمرة القيادة، ثم قام بفصل المحرك، وبدأت الطائرة تهوي نحو المحيط الأطلسي، فيما يقول هو "توكلت على الله". الطيار والكاتب وليام لانجيويشي، ذكر في مقال له إن البطوطي اعترض محاولة الطيارين الآخرين إيقاف سقوط الطائرة في الدقائق الأخيرة. وأوضحت التحقيقات، في وقت لاحق، أن البطوطي كان يواجه "الإذلال العلني" بسبب اتهامات بفضائح جنسية، ولكن مع إعلان الأدلة، عين مبارك ممثله الأول في لجنة التحقيق، ممدوح حشمت، وهو مسؤول كبير في الطيران. يقول جيمس هول إن "مبارك استبدل هذا الفريق ووضع محله آخر تابع للحكومة، وقام بتحقيق طويل جدا وغير ضروري". وحاول الفريق المصري منع أي استنتاج مفاده أن الطيار البطوطي هو المسؤول، كما حاول دعم السيناريوهات التي تقول بوجود مشاكل فنية في الطائرة. الإعلام المصري ونظرية المؤامرة وفي الداخل، طرحت وسائل الإعلام الحكومية المصرية نظريات المؤامرة الأمريكية والإسرائيلية، أو غيرها من المؤامرات التي أدت إلى سقوط الطائرة التي كانت تقل العشرات من ضباط الجيش المصري، ووُصف البطوطي في الصحافة المصرية بأنه "شهيد"، وأعلنت سلطات الطيران المصرية في نهاية المطاف أن الحادث جاء نتيجة "عطل ميكانيكي". ضرورة التحقيق المهني والشفافية على الرغم من المخاطر الاقتصادية على مصر في حال صدق مزاعم وجود قنبلة على متن الطائرة الروسية، فإن إدارة التحقيق قد تكون أصعب هذه المرة بسبب الممثلين الدوليين في اللجنة، كما أن نتائج التحقيق في حادثة طائرة مصر للطيران 990 تضع عبئا إضافيا على التحقيق المصري هذه المرة. مايكل وحيد حنا، وهو باحث في مؤسسة القرن في نيويورك، قال إن "المجتمع الدولي لن يعطي مصر فرصة للتشكيك، ولذلك، إذا كان سبب تحطم الطائرة ليس قنبلة - وهو ما تأمله مصر لتبديد مخاوف الغرب - لا بد أن يتم هذا من خلال تحقيق مهني يتمتع بالشفافية، عليهم إثبات ذلك بطريقة مختلفة تماما عن الماضي".