ما زالت السينما العربية تتنفس الآمال والأحلام والطموحات وتناقش القضايا الملحة وهو ما تكشف عنه الأفلام العربية التي تشارك في مهرجان الجونة السينمائي في دورته السابعة التي تنطلق الخميس المقبل. في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، نتابع من المملكة المغربية، فيلم "الجميع يحب تودا" الذي كتبه نبيل عيوش ومريم توزاني وكان العرض العالمي الأول له بمهرجان "كان" السينمائي الأخير، ليكون العرض العربي الأول في مهرجان الجونة، يدور حول فتاة "تودا" تلعب دورها الفنانة نسرين الراضي، ابنة القرية الريفية النائية، حيث تسعى لتحقيق حلمها بأن تصبح فنانة، أو شيخة، كما يسمون المغنية الفلكلورية حسنة السمعة في المغرب، ورغم أنها تعشق الشعر الشعبي دون أن تقرأه ،إلا أنها تحفظه وتتمنى لو أصبحت ذات يوم بقيمة الشيخة "الحمداوية" أشهر المطربات الشيخات في تاريخ المغرب، ولكنها تواجه الصعوبات فتبدأ رحلتها بعد أن قررت ترك كل شيء والهجرة إلى خارج مدينتها وهي الدار البيضاء. ومن فلسطينالمحتلة فيلم "شكرًا لأنك تحلم معنا!" للمخرجة ليلي عباس وكان آخر فيلم تم تصويره في الضفة الغربية، وشهد عرضه العالمي الأول في مهرجان لندن السينمائي، يتابع الفيلم قصة مريم ونورا اللتين توفيَّ والدهما تاركًا إرثًا كبيرًا من المال، فتخطط الشقيقتان للاستحواذ على الميراث قبل أن يعلم أخوهما بوفاة الأب لأنه شرعًا وقانونًا سيرث نصف التركة، وهو ما ترى فيه الأختان ظلمًا لهما... يدور الفيلم حول الأنوثة والحاجة إلى أن تظل النساء قريبات عاطفيًا وجسديًا للانتصار،حتى في مواجهة أشد الرياح قسوة وخلافاتهن، تحتاج هاتان الأختان إلى بعضهما البعض، إنها قصة عن الأخوات اللاتي مررن بمآسيهن وآلامهن، ثم ارتبطن ببعضهن البعض ليصبحن أقوى. وهناك فيلم "الفستان الأبيض" للمخرجة جيلان عوف ، من مصر، في عرضه العالمي الأول بمهرجان الجونة ، ليست مجرد حكاية عن البحث عن فستان زفاف ، بل هي رحلة إنسانية مليئة بالتحديات والمشاعر العميقة.. حيث تدور أحداثه حول "وردة" التي تنطلق في رحلة بحث حثيثة عن فستان زفافها عشية يوم عرسها، وسرعان ما يتحول ذلك البحث إلى رحلة لاكتشاف الذات، إذ تواجه علاقتها بالقاهرة وعلاقتها بنفسها، ويقوم ببطولته ياسمين رئيس وأسماء جلال وأحمد خالد صالح، وانتاج محمد حفظي. اقرأ أيضا|محمود فارس عن «عين حورس»: مغامرة جديدة في عالم الأكشن والغموض|خاص وفي عمق الريف التونسي، تتجوّل المخرجة مريم جعبر،عبر فيلمها الروائي الطويل الأول"ماء العين"، والذي شارك في المسابقة الرسمية لمهرجان برلين السينمائي في دورته الأخيرة، لترصد معاناة الشباب العائدين إلى مسقطهم، بعد انخراطهم في تنظيم داعش الإرهابي، حيث تدور الأحداث ضمن الشمال التونسي وطبيعته الساحرة، في محيط عائلة صغيرة، ينضمّ ولداها "مهدي وأمين" إلى داعش في سوريا من دون رضا الوالدين اللذين يخشيان على ابنيهما من الموت في الحرب أو السجن لدى العودة إلى بلادهما.. تتصاعد الأحداث مع عودة "مهدي" حاملاً خبر وفاة شقيقه، وبرفقته امرأة حامل تضع النقاب، لنشاهد الحياة الجديدة التي يحاولان التأقلم معها، خصوصاً مع عدم قدرتهما على مغادرة المنزل خوفاً من الملاحقة الأمنية. أما الفيلم الجزائري "196 متر"، فيشهد عرضه العربي الأول في الجونة، وذلك بعد عرضه العالمي الأول بمهرجان فليكرز رود آيلاند السينمائي الدولي بالولايات المتحدةالأمريكية، حيث فاز بجائزة أفضل فيلم روائي، ومن إخراج الجزائري شكيب طالب بن دياب، هو فيلم تشويق وإثارة يدور حول قضية حقيقية عن اختطاف الأطفال في بلد لا يزال يعاني من صدمة نفسية ناتجة عن حربها الأهلية التي حدثت منذ عقود قليلة، فيما تُحاول أخصائية نفسية بارعة ومحقق شرطة في حل اللغز المُحير. وفي مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة نجد المخرجة الأردنية رند بيروتي في فيلما الطويل الأول " إحكيلهم عَنَّا"تتبع مجموعة من المراهقات اللطيفات اللواتي يعنيان من التمييز والضغوط العائلية ويتشاركن شيئاً واحداً: فرارهنّ من أوطانهن، العراقولبنانوسوريا وكردستان بحثاً عن السلام في بلدة ريفية ألمانية هادئة. بالتعاون مع الفتيات، تخلق المخرجة مساحة تتيح لهنّ وبجرأة عرض أكبر وأعظم أحلامهن وصراعاتهن أمام الكاميرا. ويقدم المخرج السوري أنس زواهري في فيلمه الأول "ذاكرتي مليئة بالأشباح" مرثية بصرية تستكشف واقعًا مُحاصَرًا بين الماضي والحاضر والمستقبل في مدينة حمص السورية، ومن خلف صورة السكان المنهَكين الباحثين عن حياة طبيعية، تبرز ذكريات مدينة يسكنها الدمار والفقد. أحلام فتيات قررن التمرد علي العادات والتقاليد في قرية نائية بجنوب مصر فتُشكِّلن فِرقة من الفتيات فقط لأداء العروض المسرحية في الشارع في الفيلم الوثائقي المصري "رفعت عيني للسماء" للمخرجين ندى رياض، أيمن الأمير وحصد الفيلم جائزة العين الذهبية لأفضل فيلم وثائقي، ومسابقة أسبوع النقاد في مهرجان كان السينمائي في دورته الأخيرة ومن لبنان الفيلم الوثائقي "سيلَما" للمخرج هادي زَكَّاك ، في عرضه العالمي الأول ،ا يوثّق سيرة صالات السينما في طرابلس، يومَ كانت السينما نجمةً شعبيّة في المدينة الشماليّة ، الفيلم عبارة هن بحث يمتد لسنوات عدة في محاولة لاستعادة السيرة الذاتية ل"سيلَما"، أو السينما كما عُرفت في طرابلسبلبنان، عبر أربعين صوتًا وأكثر من ألف صورة توثِّق أثر الأمكنة والذاكرة. وهناك فيلم "موت بلا رحمة" للمخرجة السورية وعد الخطيب ، الذي يسرد بصورة مثيرة للدهشة تفاصيل زلزال السادس من فبراير المدمّر الذي ضرب تركياوسوريا قبل عام مضى، وأدى إلى مقتل أكثر من 50 ألف شخص ، ويكشف عن الفساد والأكاذيب وعدم كفاءة الحكومة التي أدت إلى تفاقم كارثة زلزال. يركز الفيلم على عائلتي فادي الحلبي وفؤاد، يرمزان للعديد من القصص من جنوبي تركيا حيث فرت العديد من عائلات اللاجئين السوريين لبدء حياة جديدة فقط، وليجدوا حياتهم قد تأثرت بشكل كبير بالزلزال. كان كل منهم بعيدًا في رحلة عمل عندما وقع الزلزال ويتبعهم الفيلم وهم يتسابقون للعودة إلى المنزل لمحاولة تحديد مكان أفراد أسرهم. وتشمل قصصهم الناجين بأعجوبة بالإضافة إلى المآسي المروع وتقدم المخرجة اللبنانية فرح قاسم في عملها الأول "نحن في الداخل" ما يشبه التجربة الذاتية ، فبعد 15 عامًا من الغياب، تعود "فرح" إلى طرابلساللبنانية لتمكث مع والدها العجوز، فتلك فرصتها الأخيرة لتصبح جزءًا من عالمه، يحاول الاثنان إيجاد لغة مشتركة لمحادثتهما الختامية ، وتجد ان الطريقة الوحيدة لتتواصل "فرح" مع أبيها هي بالانضمام إلى نادي الشعر الذي يجمعه بأصدقائه من محبي الشعر العربي الكلاسيكي، مع العلم أن فرح لا تحب الشعر أصلاً.