في الوقت الذي تحوَّلت فيه أغلب طرق محافظاتالإسكندريةوالبحيرة، وبعضها في محافظاتالغربية وسيناء والجيزة إلى بِرك ومستنقعات مياه بسبب الأمطار الغزيرة التي هطلت عليها، انتشر مؤخرًا الحديث عن إمكانية الاستعانة بنوعٍ من الأسفلت ابتكرته شركة صينية يمكنه أن "يشفط" أربعة آلاف لتر مياه في الدقيقة الواحدة. وفي ظل غرق محافظات عدةٍ بمياه الأمطار تبادر إلى الأذهان الاعتماد على هذا النوع من الأسفلت المزوَّد بشبكة صرف صحي أسفل منه، فرصدت "التحرير" إمكانية الاستفادة من هذا الشأن. الفكرة لا تناسب الطبيعة المصرية بدايةً، أكَّد الدكتور رشاد المتيني وزير النقل الأسبق أنَّ فكرة إنشاء الطرق التي يتخلل طبقة الأسفلت بها ثغرات هوائية لابتلاع مياه السيول والأمطار ليست بجديدة لكَّنها تناسب أكثر الدول كثيفة المطر، أمَّا بالنسبة لطبيعة مصر لا تتناسب مع هذة النوعية، لأنَّها قد تحتاج لصيانة شبه يومية أو أسبوعية نتيجة انسدادها من العواصف الرملية والأتربة والمخلفات التي يتم إلقاؤها على الطرق. عشوائية الطرق أزمة تعصف بالحل المقترح فيما قال الدكتور أحمد الحكيم أستاذ تخطيط الطرق بكلية الهندسة جامعة الأزهر إنَّ هذة النوعية من الأسفلت يفضَّل استخدامها في منشآت ذات طبيعة خاصة، مشيرًا إلى أنَّ المشكلة الحقيقية للطرق في مصر هي العشوائية في التخطيط وعدم اتباع الكود المصري والدولي اللذان يحدِّدان طرق الإنشاء. وأضاف: "من المفترض عند إنشاء طريق رئيسي يتم الرجوع إلى معدلات سقوط الأمطار والسيول في هذه المنطقة منذ 50 عامًا، وبالتالي الوقوف على مدى الاحتياج لإنشاء شبكة لتصريف مياه الأمطار". وشدَّد الحكيم على ضرورة محاكمة جميع القائمين والمشرفين على إنشاء الطرق التي تعرَّضت للغرق وتسبَّبت في أزمات مرور بسبب عدم مراعاتهم تصميم شبكات أو نظم لتصريف الأمطار، مطالبًا الحكومة بسرعة إصلاح الطرق القائمة قبل التفكير في إنشاء طرق جديدة. البلاد تعاني غياب نظام وشبكة متكاملة لصرف مياه الأمطار والسيول وأوضح الدكتور مظهر صالح أستاذ الطرق والكباري بهندسة القاهرة: "يجب أن نتأكَّد أولاً من حقيقة هذا الأسفلت، وهل يستطيع تحمُّل العمل الشاق أم لا قبل تحديد كونه مناسبًا لطبيعة الطرق والظروف المناخية في مصر من عدمه". وأضاف: "المشكلة في مصر مش في الأسفلت، المشكلة إننا معندناش حتى نظام مش شبكة متكاملة لصرف مياه الأمطار والسيول، وعلى هيئة الطرق والكباري ووزارة التنمية المحلية، تطبيق الكود المصري للطرق، الذي إذا تمَّ تطبيقه لن نحتاج إلى أي شيء آخر". وتعرضت محافظات عدة لسوء في الأحوال الجوية وسقوط أمطار غزيرة، ما أدَّى إلى سقوط نحو 20 حالة وفاة، سقطت أغلبها في محافظاتالبحيرةوالإسكندرية والجيزة والغربية. وتسبَّبت الأمطار الغزيرة في غرق الكثير من الطرق في هذه المحافظات، وسط محاولات من الأجهزة التنفيذية لمواجهة الأمر، وهي الأزمة التي أطاحت بعددٍ من المسوؤلين بالمحافظات، في مقدمتهم هاني المسيري محافظ الإسكندرية.