استمرار إجراءات الكشف الطبي للطلاب الجدد بكلية الفنون الجميلة بجامعة الأقصر    وزير الكهرباء يبحث مع المؤسسة الحكومية الروسية للطاقة الذرية و«روسآتوم» معدلات التنفيذ بمحطة الضبعة    وكيل «أوقاف الغربية» يجتمع بمديري الإدارات لمناقشة خطط العمل الدعوي    رسميًا.. تشكيل المجلس الأعلى للتشاور الاجتماعي لضبط العلاقة بين أطراف العمل    عيار 21 الآن بالصاغة.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 25-9-2024 بعد الارتفاع الآخير    قرار عاجل من وزير التموين بشأن السكر الحر    محافظ المنيا: الأفكار غير التقليدية سبب الفوز بمسابقة المشروعات الخضراء الذكية    برامج تدريب مجانية لتأهيل الشباب بقرى ومراكز محافظة أسيوط    إذاعة الجيش الإسرائيلي: سلاح الجو هاجم نحو 100 هدف في لبنان منذ الصباح    بعد إعلان حزب الله استخدام «قادر 1» لأول مرة.. ما هو الصاروخ الذي استهدف مقر الموساد؟    الصحة اللبنانية: 3 شهداء في غارة إسرائيلية على بنت جبيل    مانشستر سيتي يعلن تفاصيل إصابة رودري    الإعدام لمتهمين اثنين والمؤبد والمشدد ل12 آخرين في «الانضمام لجماعة إرهابية» بالمرج    العظمى على القاهرة 33.. الأرصاد تكشف حالة الطقس غدًا الخميس ودرجات الحرارة    بعد تسجيلات متداولة تحذر من شرب مياه الحنفية.. رئيس جودة المياه يكشف حقيقة تلوثها    جامعة أسيوط تفتح أبوابها لأكبر طالب جامعي بعمر 62 عامًا    تحرير 14 محضراً لمخالفات تموينية بقلين بكفر الشيخ    «مش هتكلم غير عن الفيلم».. إلهام صفى الدين ترفض الحديث عن زفاف نجل خالها (فيديو)    توقعات برج الجدي في الأسبوع الأخير من سبتمبر 2024.. احذر العدوى والفيروسات    في يومه العالمي.. «هيئة الدواء» تنصح باستشارة الصيدلي عن الطريقة الصحيحة لتناول الأدوية    ب«10 أجهزة تخدير بالمونتير وصدمات».. الصحة: تطوير ورفع كفاءة «العمليات» بمستشفى المقطم    محافظ أسيوط: مواصلة تسليم نموذج 8 نهائي التصالح في بعض مخالفات البناء بمركز أبنوب    "اللي مالوش خير في حاتم ".. إرث فني مبدع لخالد صالح رغم رحيله مبكرًا    مواجهات نارية في الجولة السادسة من الدوري القطري    حارس ليفربول: 5 أمور تحسنت في مستوى محمد صلاح تحت قيادة آرني سلوت    وكيل صحة البحيرة يتابع أعمال الإنشاءات بمستشفى بدر الجديد|صور    البيئة: مؤتمر الأطراف ال29 للتغيرات المناخية اختبار حاسم لاتفاق باريس وللعمل المناخي العالمي    إمام عاشور: مواجهة الزمالك ليست سهلة.. واندمجت سريعا في الأهلي    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 25-9-2024 في محافظة البحيرة    القبض على عنصرين إحراميين يديران ورشة لتصنيع الأسلحة النارية بالقليوبية    عقب تداول «فيديو».. سقوط لصوص أغطية بالوعات الصرف بالمنصورة    ضبط 6 أشخاص حال قيامهم بأعمال الحفر والتنقيب عن الآثار بالقاهرة    وزير التعليم العالي يشهد حفل استقبال الدفعات الجديدة    خبير سياحي: الدولة تقدم خدمات متكاملة في مشروع «التجلي الأعظم»    قطر أول دولة خليجية تعفى من فيزا الدخول لأميركا    موعد عرض الحلقة 10 من مسلسل برغم القانون.. انتظروا أحداثا شيقة    «الكولونيل» فريد مسعود    استشاري يحذر من الخلافات الأسرية: تصيب الأطفال بالانطوائية والعنف    خالد جلال يناقش خطة عروض البيت الفني للمسرح ل3 شهور مقبلة    التليفزيون هذا المساء.. خالد الجندى: قضية الإلحاد موقف نفسى وليس فكريا لأغلبية الشباب    بزشكيان: إسرائيل ارتكبت "إبادة جماعية" في غزة    تكريم الإنسانية    الجيش الإسرائيلى: 5 صواريخ أطلقت من لبنان تجاه زخرون يعقوب ويوكنعام عيليت    تعديل المخططات التفصيلية لقريتين في محافظة الدقهلية    إعداد.. وتأهيل.. وتبادل خبرات    صحة المنوفية: ختام فعاليات دورة المنشآت الصحية والقوى البشرية بحضور 40 متدربا    السوبر الأفريقي.. جوميز يحسم حيرة مركز الظهير الأيسر في الزمالك    حكم الصلاة بالتاتو والوشم    ما أهمية نهر الليطاني في الحرب بين إسرائيل وحزب الله؟    تشكيل ليفربول المتوقع.. 7 تغييرات.. وموقف صلاح أمام وست هام    ستارمر: انتقاد نتنياهو للحكومة البريطانية بسبب تعليق بعض صادرات الأسلحة أمر خاطئ    تفاصيل زيارة رئيس الوزراء ل«مدرسة السلام المتميزة»    هل نقص المغنسيوم في الجسم يهدد حياتك؟    «الوطنية للإعلام» تنعى الإعلامي أيمن يوسف    عاجل.. رد فعل حكم السوبر الأفريقي بعد طلب الزمالك استبعاده.. كيف يدير المباراة؟    هل هناك نسخ بالقرآن الكريم؟ أزهري يحسم الأمر    ما حكم قراءة سورة "يس" بنيَّة قضاء الحاجات وتيسير الأمور    تشيلسي يكتسح بارو بخماسية نظيفة ويتأهل لثمن نهائي كأس الرابطة الإنجليزية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حصار المؤسسات الليبية.. بين غطاء المطالب الثورية وتسقيط الدولة
نشر في التحرير يوم 30 - 04 - 2013

تطرح عمليات الحصار والإقتحام لمؤسسات الدولة الليبية ووزاراتها جدلية العلاقة بين المحسوبين على الثورة التى أطاحب بالعقيد القذافى بمطالبهم «الثورية» من جهة، والدولة الليبية الجديدة الساعية إلى تثبيت دعائمها من جهة أخرى.
وتتمثل الإشكالية الرئيسية فى هذا الموضوع فى قدرة الحكام الجدد لليبيا، ما بعد القذافى،على فرض سلطة الدولة وتثبيت هيبتها وفق الأطر القانونية والسياسية التى يتطلبها نمط العلاقة بين من يحكم سياسيا ومن يحكم الأرض بقوة السلاح.
فبعد سلسلة من الاعتداءات والمحاصرات لوزارات الدولة، اقتحمت مجموعة مسلحة مقر وزارة العدل الليبية واعتدت على الوزير صلاح المرغني، بعد أن قامت المجموعة بمحاصرة الوزارة ومنع الموظفين من الدخول.
فيما يستمر مسلحون فى حصار مقر وزارة الخارجية، بعد أن اقتحم ضباط غاضبون وزارة الداخلية واندلعت مواجهات مسلحة في غرب البلاد، وهو ما يكشف مجددا العجز عن إعادة الأمن والاستقرار بعد سقوط نظام معمر القذافي.
ولا تبدو هذه السلسلة من الأعمال المنافية للقانون والمجهضة لسلطة الدولة بعيدة عن قيام معتصمين يطالبون باقرار قانون «العزل السياسي» للشخصيات المرتبطة بنظام القذافى بمحاصرة قاعة المؤتمر الوطني العام في جلسة الثلاثاء الماضى، ومنع أعضائه من مغادرتها لعدة ساعات.
ويدرس المؤتمر الوطني العام، أعلى سلطة سياسية في ليبيا، فى أجواء مشوبة بالحذر والتوتر، قانونا للعزل السياسي للمسؤولين الذين عملوا مع النظام السابق، ما يؤدي الى استبعاد كثير من كبار المسؤولين، وهو ما يثير جدلا وقلقا بين الطبقة السياسية، وبعد رفع الحصار تعرض موكب رئيس المؤتمر محمد المقريف إلى إطلاق نار دون حدوث إصابات.
وتأتى هذه الأحداث بعد تصاعد ملحوظ لأعمال العنف في طرابلس، حيث استهدف هجوم بسيارة مفخخة في 23 ابريل الماضى سفارة فرنسا مما أسفر عن سقوط جريحين في صفوف عناصر الدرك الفرنسيين، فضلا عن أضرار مادية كبيرة، كما استهدفت عدة هجمات الأجهزة الأمنية شرق البلاد، وتعرض أحد ألوية وزارة الدفاع ايضا لهجوم مسلحين خلال عطلة نهاية الاسبوع، ما أدى إلى مقتل جندي.
وفيما يمكن النظر إلى تصاعد أعمال العنف على أنه نتيجة مباشرة للتوتر بين الحكومة والميليشيات المسلحة منذ انطلاق حملة لإخراج تلك الجماعات من معاقلها في العاصمة، يمكن النظر إلى محاولات حصار المؤسسات على أنه محاولة لاسقاط لهيبة الدولة الليبية تحت غطاء من المطالب التى ينظر إليها البعض على أنها «مطالب ثورية».
وكان يتوجب على المؤتمر الوطني «البرلمان» اتخاذ قرار لإضفاء الشرعية على إلغاء جميع أعمال «المليشيات» واعتبار المنظومات الأمنية في البيوت والمزارع والاستراحات فاقدة للشرعية، حتى يكون داعما للاجراءات العملية التى تسير بشكل بطىء لكسر شوكة المسلحين الذين يسيطرون على مناطق واسعة خارج السلطة الرسمية .
ووفقا لتسريبات إعلامية وأمنية فأن الحكام الجدد للبلاد فشلوا فى إبراز صورة القوات الوطنية الحقيقية التى تقف على مسافة واحدة من جميع القبائل والجهات والقوى السياسية، لأن مثل هذه القوات غير موجودة على أرض الواقع على ما يبدو، وأن ما هو موجود لا يعدو أن يكون منظومة أمنية غير متناسقة.
وعلى الرغم من مشروعية مطالب التخلص من قيادات الماضى فى نظر الكثيرين، بسبب ما قاموا من أعمال ضد الشعب الشعب الليبى، إلا وجود مساعي حثيثة من بعض الأطراف لفرض قانون العزل على المؤتمر الوطني بأي شكل من الأشكال سواء بالقوة والتهديد أوحتى القتل، يثير الكثير من الشكوك حول صدق النوايا فى تنفيذ هذا القانون، وإذا ما كان قيمة ثورية أو مجرد عمليات ثأرية من جانب بعض الأشخاص .
كما أن رضوخ المؤتمر الوطنى للتهديدات والقوة، ربما يكرس وضعا غير مريح تكمن خطورته في صعوبة تعامل الدولة المتمثلة في المؤتمر والحكومة مع المواطنين، مهما اختلفت صفاتهم، وهو ما قد يفتح باب فرض الفئة المسلحة ما تريد على مؤسسات الدولة الشرعية متى شاءت.
وتوضح الوقائع على الأرض فرضية التهديد واستخدام العنف كأسلوب لفرض قانون العزل السياسى، خاصة بعد إطلاق النار على سيارة رئيس المؤتمرنفسه محمد المقريف، وضرب عضو المؤتمر جمعة السائح، وحصار الأعضاء بقاعة الأرصاد الجوية بطرابلس الثلاثاء الماضى من قبل المطالبين بالقانون المثير للجدل.
إلا أن الواضح حتى الان هو رفض عدد كبير من أعضاء في المؤتمر لأي قانون بقوة السلاح أو التهدي رغم هذه المشاهد،مؤكدين أن ذلك من شأنه المساس بهيبة الدولة الجديدة.
وليس ثمة شك فى إن حالة الجدل الدائرة حاليا بأشكالها المختلفة ، حول معايير العزل السياسي يعكس حالة من الصراع بين الشركاء السياسيين والثوريين، فهناك من يتمسك بضرورة عزل كل من تبوأ منصبا في ظل نظام القذافي بصرف النظر عن تاريخ انشقاقه ومساهمته في الثورة، بهدف استبعاد شخصيات يعتبرهم منافسين أقوياء لا يستطيع هزيمتهم سياسيا إذا ما دخلوا حلبة التنافس السياسي معه.
فيما تبدو أعمال العنف ومحاصرة المؤسسات، كواجهة مظلمة لمحاولات كسر هيبة الدولة الناشئة، وتكريس سيطرة الميليشيات وأمراء الحرب على مقدرات الأمور فى ليبيا الجديدة، واللعب على وتر «المطالب الثورية»، بهدف أرباك الأوضاع وبقاء الحال على ما هو عليه.
وعلى أى الأحوال فإن تأييد فكرة تعميم معايير العزل السياسي، لا تبدو بديلا عن هيبة الدولة التى تكرس معايير النمط الديمقراطى الذى أقره الليبيون خلال عمليات الانتخابات سواء البلدية أو البرلمانية.
كما أنه يمكن الأخذ فى الإعتبار أن من حق المستهدفين أن يرفضوا فكرة التعميم، ويتبنون معايير تأخذ بعين الاعتبار نظافة اليد والأداء أثناء الثورة وتواريخ الانشقاق، لأنهم يدركون أن التعميم هو سلاح في يد منافسيهم.
إلا أن إشكالية سطوة الميليشيات وتجاوزها على حدود المؤسسات الشرعية هى الأمر الذى لا يمكن أن يقبل النقاش، إذا ما أراد حكام ليبيا الجدد، تأمين البلاد والعباد من شرور نشوء نظام مهترئ، يترحم فيه الليبيون على أيام القذافى، باعتبارها سنواتالحسم والأمان التى كان للنظام والدولة اليد العليا فى إدارة أمورهم رغم كل ما إرتكبه النظام من موبقات بحقهم.
كما أن الذين شاركوا فى الثورة يجب أن يختتموا تاريخهم النضالى فى الميادين بصورة مشرفة، تحفظ لهم حقوقهم كثوار ناضلوا لأجل إنهاء اربعة عقود من الظلم والإستبداد، وأن يندمجوا فى العمل السياسى ويتمكنوا منن أدواته مستندين إلى تاريخهم الثورى، بدلا من أن يكونوا حجر عثرة أمام نشوء دولة يحترمها العالم باعتبارها نموذجا وطنيا مشرفا يمكن أن يحتذى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.