أثبتت الحكومة فشلها الذريع فى تسويق محصول القطن كعادتها كل عام لكن هذا العام تحديدا تفاقمت الأزمة لدرجة وصلت إلى تراكم مخزون القطن لأكثر من مليون ونصف المليون قنطار منها 600 ألف قنطار مخزون متراكم من العام الماضى فمازلنا نذكر العصر الذهبى للقطن المصرى أشهر وأجود أنواع القطن فى العالم، والأعياد التى كانت تحملها مواسم "الذهب الأبض" فى الريف المصرى، ولكن فى ظل سياسة حكومية فاشلة فى تسويق المحصول الاستراتيجي أصبح الفلاح مغلوبا على أمره وفريسة لجشع التجار واعتمدت الحكومة على الأقطان الخارجية الأرخص سعرا والأقل جودة. الدكتور شريف فياض استاذ الاقتصاد الزراعى بمركز بحوث الصحراء التابع لوزارة الزراعة، أكد أن أسباب الفشل الحكومى فى تسويق القطن تتكرر كل عام ولا تتعلم الحكومة من أخطائها حيث لا توجد سياسة قطنية واضحة والمشكلة، أن المزارعين ينتجون القطن ولا يجدون من يشتريه، لافتا إلى أن القطن ليس كأى سلعة فهو محصول استراتيجى له سمعة عالمية جيدة لكن الحكومة للأسف تركت الفلاح فريسة للتجار، حيث لا توجد قواعد للتسويق كما أن تكلفة الفدان كبيرة بالنسبة للعائد الذى يعرضه التاجر علي الفلاح فهو عائد متدنى. وأضاف أن القطن المصري يجب دعمه من جانب الحكومة خاصة أن أسعار الأقطان العالمية ليست مرتفعة وبالتالى يأتى هنا دور الدولة إذ لابد من سياسة قطنية وتنبؤات بكميات الانتاج التي يجب انتاجها مع تحديد المساحة القطنية وهو ما يعيدنا إلى الدورة الزراعية، كما أنه لا بد أيضا من الإعلان عن سعر القنطار قبل زراعته ومراقبة الأسعار مع إعطاء الفلاحين التعليمات الإرشادية اللازمة من خلال المرشدين الزراعيين. ويرى أحمد عياد ممثل التجار بلجنة تنظيم تجارة القطن فى الداخل بوزارة الزراعة، أن مشكلة القطن المصري تتمثل فى عملية الاستيراد من الخارج ما أدى إلى هدمه وتدميره، خاصة وأن الدول الأوربية وأمريكا تدعم مزارعيها فى هذا المحصول مما جعل القطن المصري غير قادر على المنافسة وبالتالى على الحكومة أن تدعم الفلاحين لحماية هذا المحصول الاستراتيجي. وكشف عياد عن أن مصر كان لديها 12 صنفا للقطن ولم يتبقى الآن سوى صنفان فقط، لافتا إلى أن ما أعلنته الحكومة عن دعم 300 مليون جنيه غير كافي أصلا ولا يغطى التكاليف الفعلية للمحصول، مشيرًا إلى أن أهم خطوات الفشل الحكومى هى إعلان سعر الشراء للقطن وعدم إعلان سعر البيع. ولفت عياد إلى أن هناك مليون ونصف المليون قنطار متكدسة حاليا بالمخازن لدى الفلاحين، مؤكدًا أن هناك تضارب في القرارات بين وزارتي التجارة والصناعة والزراعة، مما أدى إلى إصدار قرارات غير متسقة مع الواقع. مجدى أبو العلا نقيب الفلاحين بالجيزة، أكد أن هناك فشل واضح للملحقين التجاريين، نتيجة التقاعس في تسويق القطن، فضلا عن اختفاء ما كان يسمى بسويقات وحلقات تجارة القطن والتى ألغتها وزارة الزراعة حيث كان دورها شراء القطن من الفلاحين، مطالبا بضرورة عودة هذه السويقات لاستيعاب المخزون المتراكم لدى الفلاحين كما يجب توفير مستلزمات الانتاج مثل البذور والتقاوى بأسعار مناسبة وانتاجية عالية. وأوضح أبو العلا أن الانتاجية انخفضت من 8 قنطار إلى 5 قنطار للفدان، مطالبا بضرورة توافر الأسمدة الأزوتية المختفية حاليًا، ويحتاج الفلاح منها إلى 6 شكائر لفدان القطن، بينما يحصل على شيكارتين فقط، مطالبا بتفعيل دور الإرشاد الزراعى للفلاحين خاصة فى المحاصيل الاستراتيجية، مطالبًا وزارة التجارة والصناعة والاستثمار بشراء القطن المصري المحلى طويل التيلة بدلا من القطن المستورد قصير التيلة، مشيرًا إلى أن هناك مافيا ترغب فى اندثار القطن المصري طويل التيلة لصالح مافيا القطن العالمية.
