الكثير من المخدوعين في العالم الغربي يتخيلون أن تل أبيب، "جنة الديمقراطية وحرية التعبير والرأي والإعلام في صحراء العالم العربي"، كما تحاول أن تسوق لنفسها، لكن نظرة على كواليس المشهد الإسرائيلي تكشف وبكثير من التفاصيل عما يحدث وراء الستار من تحالف بين رأس المال والسلطة، ونقصد بذلك الرجل الأول، بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة، وعائلته. «ألوفيتش» كلمة السر شاؤول ألوفيتش.. اسم ربما لا تسمع به، لكنه أحد الأذرع الأخطبوطية الإعلامية لرئيس الوزراء الإسرائيلي، هو صاحب موقع "والا" الإخباري العبري، أحد أكثر المواقع رواجًا ومقروءية في تل أبيب، علاقات "البيزنس" بين الرجلين تتجلى في أكثر من صورة، ووفقًا لصحيفة "هآرتس" العبرية فإن "كل محرر بهذا الموقع توجه إليه دائما التعليمات بعدم الكتابة عن أي شيء يسئ لرئيس الحكومة وعائلته وبالأخص سارة نتنياهو، السيدة الأولى في إسرائيل، والمعروفة بنفوذها على كل المستويات وتدخلها في شئون إدارة الدولة بشكل سافر". الصمت إزاء قصص الفساد والفضائح ويتجلى التحالف بين السلطة متمثلة في نتنياهو والإعلام الموجه متجسدًا في ألوفيتش، في عدم الاهتمام بقضايا الفساد التي تلاحق هذه العائلة، وفي اليوم الذي تجد فيه وسائل إعلام كثيرة مثل هآرتس ويديعوت أحرونوت وقنوات عبرية تتحدث عن هذه الفضائح وتفرد لها الصفحات، نلاحظ حالة الصمت في موقع "والا" الذي يسمونه في الوسط الإعلامي العبري "بيبي نت" تلميحًا لبنيامين نتنياهو وسيطرته على هذه البوابة الإلكترونية. وبعنوان من "هو الزعيم في إسرائيل؟" قالت هآرتس إنه "بتاريخ 4 سبتمبر 2015، نشر موقع "والا" تقريرًا لمحررها السياسي أمير تيفون، كان سيضر بصورة مملكة نتنياهو، وبعد نصف ساعة فقط وبتعليمات عليا تم رفع التقرير من على الموقع، وبعدها بفترة كتب نفس المحرر مقالًا للرأي تسائل فيه عما فعلته تل أبيب لمنع الغضب الفلسطيني، ورغم أن المقال كان متوازنًا، ووزع فيه الكاتب المسؤولية على 3 أشخاص، من بينهم نتنياهو، إلا أن المقال لم يتم نشره على الموقع الإلكتروني، كي لا يتم إغضاب نتنياهو". عدم التعرض لزوجة رئيس الحكومة وتلميعها للمصالح وجوه عديدة وأبواب تخرج منها، فهناك أيضا عمليات "التلميع" التي يقوم بها ألوفيتش عبر "والا" لرئيس الوزراء وعائلته وإبرازه في صور المنقذ والمصلح للمجتمع الإسرائيلي، ووفقًا لهآرتس فإن "والا" يفسح مساحات كبيرة للتقارير التي تمدح سارة نتنياهو، زوجة رئيس الحكومة، كما اتخذ قرارًا بأن يقوم كبير المحررين في الموقع، أفي القلعي، بمراجعة وتنقية أي تقارير "حساسة" تتعلق بعائلة رئيس الوزراء، قبل نشرها". وتعطي الصحيفة مثالًا آخر: "في 12 أغسطس الماضي التقى 3 من رؤساء الوزراء، السابقان شيمون بيريز وإيهود باراك، والحالي بنيامين نتنياهو، في إحدى قاعات السينما الكبري بالقدس، وقام مراسل الموقع ببعث صورة للقاء ويظهر فيه الرؤساء الثلاثة، لكن بعد قليل تم إرفاق 3 صور لسارة نتنياهو مع التقرير، وعندما سأل محررو الموقع عن السبب، طلب منهم ألا يسألوا مثل هذه التساؤلات، لأنها أوامر عليا". فضيحة الفستان وتكمل هآرتس: "في اليوم الذي أدى فيه نتنياهو القسم كرئيس للوزراء اهتمت غالبية وسائل الإعلام، بالفستان العاري الذي ارتدته زوجته بمناسبة الحدث، وكان قرار إدارة "والا" بعدم نشر أي صور لسارة نتنياهو بالفستان على الموقع الإلكتروني، بل ونقل محررو الأخير عن وزراء إسرائليين احتفائهم بذوق زوجة رئيس الوزراء في انتقاء الملابس"، لافتة إلى أن "إدارة الموقع أصدرت تعليمات للمحريين أيضًا بضرورة نشر تقارير عن مساعدات زوجة رئيس الوزراء للمسنين والعجائز والأطفال المحتاجين" ماذا يربح ألوفيتش؟ ألوفيتش أو الطرف الثاني في الصفقة يحصل في المقابل وما زال على الكثير من الامتيازات فعلاوة على التمويل الذي يضخه رئيس الوزراء للموقع الإلكتروني، تدخل الأخير أكثر من مرة لصالح "والا" من أي شيء يراه ألوفيتش خطرًا على امبراطوريته؛ ووفقا لهآرتس: "أقال نتنياهو أفي بيرجر، المدير العام لوزارة الاتصالات، والمسؤول عن الإصلاحات بمنظومة الاتصالات، وهي الإصلاحات التي كانت ستمس وتضر بسيطرة واحتكار شركة بيزك التي يملكها ألوفيتش، لسوق خطوط الإنترنت العريضة". يسرائيل هايوم.. الذراع الثاني لنتنياهو "والا" ليس الذراع الوحيدة الذي يحاول به نتنياهو تشكيل الرأي العام الإسرائيلي لصالحه وتحسين صورته وصورة عائلته بشكل مستمر، فهناك أيضًا صحيفة يسرائيل هايوم؛ والتي يرتبط شلدون إيدلسون ممولها الثري بعلاقات تحالف مع نتنياهو، وعبر هذا التحالف يبسط هيمنته في الإعلام الإسرائيلي، مستغلاً حقيقة توزيع الصحيفة يومياً بمئات آلاف النسخ المجانية، وتتحدث الأوساط الإعلامية الإسرائيلية عن نجاح رئيس الحكومة في استمالة عدد من كبار الصحفيين مثل دان مرجليت وبوعز بيسموط إليه، بعد أن كانوا ينتقدون سياساته ومواقفه. الحرب ضد الإعلام المنتقد في المقابل يكون إعلان الحرب على الصحف والقنوات المعارضة التي ترفض الانصياع لعائلة نتنياهو هو أسلوب الأخير، وعلى رأسها هآرتس ويديعوت أحرونوت، وأكبر مثال على ذلك توقيع نتنياهو على مذكرة تلزم القناة العاشرة العبرية بدفع مبلغ 18 مليون شيقل من الديون المستحقة عليها للدولة، ويستغل رئيس حكومة تل أبيب منصبه كوزير اتصالات للسيطرة على وسائل الإعلام سواء بالترغيب أو التهديد، ولا تمر فترة إلا ونجد له تصريحًا يهاجم فيه ما يسميه ب "الإعلام العميل" الذي يشن مؤامرة ضده.